الهلع والمضاربة.. تبريرات الأسد لانهيار الليرة السورية
الرئيس السوري قال إن قانون قيصر يشكّل عنوان "مرحلة جديدة من التصعيد" على بلاده التي مزقتها أكثر من 9 سنوات من النزاع المدمر
قدم الرئيس السوري بشار الأسد تفسيرات جديدة لانهيار الليرة السورية بعد مرور أكثر من 9 سنوات من الحرب.
وقال الأسد إن سعر صرف الليرة السورية كان يخضع للمضاربة والعامل الوحيد المؤثر كان "الهلع الشعبي".
واعتبر الرئيس السوري، الأربعاء، في كلمة ألقاها أمام مجلس الشعب الجديد، الذي تم انتخابه الشهر الماضي، أن قانون قيصر يشكّل عنوان "مرحلة جديدة من التصعيد" على بلاده التي مزقتها أكثر من 9 سنوات من النزاع المدمر.
الفيروس
وخلال إلقاء كلمته، أصيب الأسد بتوعّك واستأذن الحاضرين المغادرة قبل أن يعود لاحقاً على وقع التصفيق وهتاف "بالروح بالدم نفديك يا بشار". وبرّر توقفه عن إلقاء كلمته بانخفاض ضغطه.
وأضاف الأسد أن "كل شخص كان يبيع الليرة كان يساهم بالتضخم وهذا تصرف أناني".
وأكد، أن سعر الصرف ينتقل بالعدوى أسرع من الفيروس.
والشهر الماضي، تراجعت أسعار الصرف إلى ما دون 2000 ليرة مقابل الدولار، وسجل خلال اليومين الماضيين، 3500 ليرة/ لكل دولار حسب بعض المنصات المتخصصة.
وأوضح الأسد إن العقوبات الأمريكية سببت ذعرا داخليا أدى لتراجع قياسي في الليرة السورية.
وقال الأسد في كلمته، إن قانون قيصر الذي دخل حيز التنفيذ منتصف يونيو/ حزيران الماضي، "ليس بمجرد قانون لفرض عقوبات اقتصادية، وإنما هو عنوان لمرحلة جديدة من التصعيد".
وأوضح أنّ هذه المرحلة "لا تختلف في الجوهر عن كل ما سبقه، مع بعض الإضافات في الشكل والمضمون"، لافتاً إلى أن "عملية التصعيد لخنق الشعب السوري كانت مستمرة".
وتعدّ العقوبات، التي طالت الرزمة الأولى منها 39 شخصاَ أو كياناً بينهم الأسد وزوجته أسماء الأكثر قساوة على سوريا.
وفي يوليو/تموز الماضي، أعلنت واشنطن لائحة جديدة تضم 14 كياناً وشخصاً إضافيين، بينهم حافظ (18 عاماً)، الابن الأكبر للرئيس السوري.
وفي 2010، وقبل شهور قليلة من بدء الاحتجاجات التي صدح فيها عبارة "يسقط يسقط النظام"، كان سعر صرف الدولار الأمريكي يبلغ 47 ليرة سورية، تراجع إلى متوسط 55 ليرة مطلع 2011، مع توسع الاحتجاجات في الميادين السورية.
ومع تطور الاحتجاجات وسقوط ضحايا مدنيين، وظهور رفض دولي لما يحصل في سوريا، تراجع سعر صرف الدولار بنهاية 2011 إلى متوسط 65 ليرة، ثم إلى 78 ليرة بنهاية عام 2012، مع ظهور بوادر أزمة شح نقد أجنبي.
وأوضح الأسد في كلمته أن الاستثمارات ما زالت موجودة وقاومت وما زالت صامدة وهناك استثمارات توسعت خلال الحرب.
وشدد الرئيس السوري على أن "رأس المال الوطني لا يجوز أن يكون جبانا، لأنه سيخسر ومعه سيخسر الوطن".
ودعا الأسد إلى ضرورة دعم الاقتصاد الصغير لأنه مرن، مشيرا إلى أن القطاع الأهم هو الزراعة، لكن دوره تأثر سلبا رغم أنه محل دعم كبير.
كما أفاد بأنه يجب دعم المحاصيل غير الاستراتيجية، مؤكدا أنه في ظل الحصار كل شيء يصبح استراتيجيا، قائلا إن أي قطاع لا يخضع لإعادة هيكلة لا يتطور.
وتابع: "أية خطة من دون آلية ومهام واضحة، لا يمكن أن تكون نتائجها إلا نتائج متواضعة، وعندما لا نلاحظ تطورا يتناسب مع الدعم الذي تقدمه الدولة للقطاع الزراعي، يمكن حينها متابعة تطور البرامج ومتابعة المقصر والمحاسبة".
وأوضح: "نحن في قلب الحرب ونتحدث عن تحرير الأراضي والمناطق المختلفة لكن عودة سلطة الدولة تكون عبر عودة سلطة القانون وليس فقط تحرير الأراضي ..القانون والفساد لا يمكن أن يلتقيا في مكان واحد".
محاربة الفساد
كما تطرق الرئيس السوري في كلمته إلى الفساد، حيث أوضح أن القانون والفساد لا يلتقيان فلا بد من ضرب الفساد ليكتمل التحرير، مبينا في السياق أن الحرب والحصار والعدوان بكل أشكاله هو مرض لا يمكن مقاومته إن لم يكن الجسد سليما.
وأضاف الأسد الذي تخوض حكومته في الأشهر الأخيرة صراعاً مع إبن عمته رامي مخلوف، أحد أبرز أعمدة الاقتصاد السوري، "مستمرون في استرداد الأموال العامة المنهوبة بالطرق القانونية وعبر المؤسسات".
وأكد "لن يكون هناك أي محاباة لأي شخص يظن نفسه فوق القانون"، موضحاً أنّ "كل ما تم في هذا المجال يؤكد أن حديثنا عن مكافحة الفساد لم يكن يوماً كلاماً إنشائياً أو دعائياً أو للاستهلاك المحلي".
وشدّد على أن "القضية قضية إصلاح وليست انتقام أو فشة خلق".
ويخوض مخلوف (51 عاماً) صراعاً مع الحكومة بدأت معالمه تلوح في الأفق في الصيف الماضي. وناشد مؤخراً الأسد التدخل لوقف ما وصفه بـ"ظلم" يتعرض له من قبل السلطات التي قال إنها تسعى للإطاحة به، بعدما طالبته بتسديد مبالغ مالية مستحقة للهيئة الناظمة للاتصالات والبريد على شركته.
وألقت السلطات الحجز على أمواله وأموال زوجته وأولاده وأمرت بمنعه من التعاقد مع أي جهة حكومية لمدة خمس سنوات، ثم صدر قرار بمنعه من السفر.
ويتربع مخلوف، الذي تقدر ثروته بمليارات الدولارات، على رأس إمبراطورية اقتصادية تشمل أعمالاً في قطاع الاتصالات والكهرباء والعقارات. وهو يرأس مجموعة "سيريتل" التي تملك نحو سبعين في المئة من سوق الاتصالات السوري.
وتابع الأسد : وكل ما تم في هذا المجال يؤكد أن الحديث عن مكافحة الفساد لم يكن يوما كلاما إنشائيا، أو دعائيا، أو للاستهلاك المحلي.