طوابير الباحثين عن أنابيب الغاز تظهر في حلب مع تفاقم أزمة المحروقات
نقص الغاز ينعكس سلبا على أصحاب المؤسسات، لا سيما المقاهي والمطاعم؛ حيث أغلق عدد من محلات الشاورما.
خلال دقائق معدودة، يضيق أحد شوارع مدينة حلب في شمال سوريا، بالسكان الذين ما أن يسمعوا صوت شاحنة توزيع الغاز حتى يصطفوا في طابور طويل، للفوز بأنبوبة انتظروها طويلاً، في ظل أزمة محروقات بدأت قبل شهرين.
يتكرر هذا المشهد يومياً في حي صلاح الدين في غرب مدينة حلب، كما في بقية المدن السورية بينها دمشق، بعدما ضربت البلاد أزمة محروقات خانقة أدت إلى خفض الكميات الموزعة من الغاز والمازوت على المناطق السورية كافة، وتزامنت الأزمة مع زيادة في الاستهلاك مع اعتماد كثير من العائلات على الغاز كوسيلة رئيسية للتدفئة خلال فصل الشتاء، ويمكن في موعد التسليم، سماع ضجة ارتطام أسطوانات الغاز بعضها ببعض في كل أرجاء الحي.
وترتسم ابتسامة كبيرة على وجه أم بدر التي تمكنت أخيراً من الحصول على أنبوبة غاز تحاول بكل قوتها سحبها على الأرض قبل أن يتطوع شاب لمساعدتها في جرها حتى مدخل منزلها، وتقول السيدة، وهي في الخمسينيات من العمر، وقد ارتدت جلباباً طويلاً وحجاباً أسود: "أقف هنا منذ 3 أيام بشكل دوري كل صباح، اليوم كنت محظوظة وحصلت على أنبوبة الغاز"، وتضيف: "أعتمد على الغاز من أجل الطهي، وهو الوسيلة الوحيدة مع انقطاع الكهرباء لفترات طويلة".
وتُشرف لجنة من محافظة حلب برفقة عدد من عناصر الشرطة على تنظيم الصف الممتد على مسافة مئتي متر، ويتراجع عدد المنتظرين بشكل تدريجي مع إفراغ سيارة التوزيع حمولتها بالكامل، عندها يعود السكان سيئو الحظ أدراجهم بانتظار إعادة الكرّة في اليوم اللاحق.
ويحرص مختار حي صلاح الدين، حسن الجوك (44 عاماً)، على أن يأخذ المتقدمون في العمر والنساء الأسطوانات بشكل سريع، ويتابع مع عناصر الشرطة لائحة الأسماء المسجلة لليوم.
ويسجل المختار معلومات الهوية الشخصية لكل من يستلم أنبوبة غاز، لتلافي حصوله على أنبوبة أخرى، ويقول: "يعتبر حي صلاح الدين أكبر حي في حلب من حيث عدد السكان، إذ يضم نحو 25 ألف عائلة، ويتمّ إرسال (من جانب السلطات المعنية) نحو مئتي أنبوبة غاز يوميا إلينا"، ويتوقع أن "تتحسن الكميات مع اقتراب الربيع ودفء الطقس، إذ يعتمد الناس راهناً على الغاز للتدفئة ما يزيد من الاستهلاك".
وانعكس نقص الغاز سلباً على أصحاب المؤسسات، لا سيما المقاهي والمطاعم، وبينها مطعم محمد فتوح للدجاج المشوي في شارع الحميدية في حلب، ويقول فتوح (50 عاماً): "منذ بدأت أزمة الغاز، قللنا كمية البضاعة المعروضة للبيع، وخففنا ساعات الدوام لئلا نغلق بشكل كامل".
وأغلق عدد من محلات الشاورما، وفق فتوح، "بشكل كامل لمدة أسبوعين أو ثلاثة، قبل أن تعاود العمل بعد تمكنها من الحصول على أسطوانات غاز".
ورغم ارتفاع أسعار الغاز، يحافظ فتوح على أسعاره القديمة. ويقول "لا يُمكننا الانتظار يومياً في الطوابير لساعات طويلة" لشراء الغاز وفق السعر الرسمي، لذلك "نضطر أن نشتري أنبوبة الغاز ولو بسعر مرتفع من السوق السوداء"، ولا تقتصر أزمة الغاز على محل فتوح، بل طرقت أبواب منزله.
وتروي زوجته أم عبدو أنها تعد في المنزل وجبات الطعام التي لا تحتاج إلى النار كالسلطات والأطباق الباردة، وتقول: "اعتدنا على انقطاع الكهرباء ونقص المازوت، لكننا لم نعتد بعد على نقص الغاز"، وتضيف "بات الحصول على أنبوبة الغاز حلماً يضاف إلى بقية أحلام المواطن الحلبي البسيط".
aXA6IDMuMTQ5LjI0LjE0MyA= جزيرة ام اند امز