مؤتمر عام لإخوان المغرب.. خراب وشتات وأزمة قيادات
أسابيع قليلة تفصل حزب العدالة والتنمية الإخواني في المغرب، عن مؤتمره الجديد، الذي يمضي نحوه بتنظيم أرهقته الاستقالات والانشقاقات.
وعلى وقع الفشل السياسي والتنظيمي، يعقد حزب العدالة والتنمية الإخواني في المغرب مؤتمره في يناير/كانون الثاني من العام المقبل، لاختيار قيادة جديدة، تخلف عبد الإله بنكيران، الأمين العام الحالي.
- إخوان المغرب في 2023.. فشل سياسي ومواقف نشاز
- «ميركاتو مزايدات».. زعيم إخوان المغرب يهدد باعتزال السياسة
أنقاض حزب
"لم يعد في الحزب شيء".. هكذا يؤكد مصدر في المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية لـ"العين الإخبارية"، مضيفا: "عبد الإله بنكيران، وتياره قضوا على ما تبقى من الحزب بعد الهزيمة المدوية في انتخابات الثامن من سبتمبر/أيلول الأخيرة".
المصدر الذي رفض ذكر اسمه، شدد على أنه "في الوقت الذي كانت قواعد الحزب تنتظر من القيادة الجديدة، كما وعدت عند انتخابها، رأب الصدع الداخلي، وإعادة تموقع الحزب في المشهد السياسي، زادت الخراب دماراً، ولم يتبق من الحزب سوى الأنقاض"، على حد تعبيره.
وكشف المصدر ذاته، أن الاستقالات لم تعد مجرد "موجة" عابرة، بل صارت عنواناً ثابتاً في روتين التنظيم الإخواني اليومي، إذ أن العديد من نُشطاء التنظيم بادروا بوضع استقالاتهم، وأعلنوا ذلك أمام وسائل الإعلام. لكن النسبة الأكبر فقدت الثقة في أطروحة الحزب، وتوارت إلى الظل.
وزاد أن القيادة الحالية للحزب، وجدت نفسها في موقف مُحرج بعدما وجدت فُروعاً بكاملها بدون أعضاء، أو ببعض العشرات منهم فقط، بعدما كان عدد النُشطاء فيها يتجاوز الآلاف.
وشدد على أن عدداً كبيراً من المُستقيلين، وجهوا نداءات متتالية منذ ما قبل انتخابات 2016 وأيضا انتخابات 2021، لإجراء وقفة تقييمية لمسار الحزب، وأداء قياداته، سواء على المستوى التنظيمي أو السياسي أو حتى في تدبير الشأن الحكومي.
هذه النداءات، ووجهت بصمت رهيب من لدن القيادة آنذاك، يورد المصدر، موضحاً أن "الحزب يعيش تبعاتها اليوم، بعدما صار كالمًصاب بمرض معد يفر الجميع منه، حتى مؤسسوه وقياداته".
أزمة قيادة
وبينما لم يُعلن عبد الإله بنكيران، زعيم الحزب الإخواني الحالي، عن رغبته في الترشح لولاية أخرى على رأس التنظيم الإخواني من عدمه، تسود وسط الحزب حالة من الجمود التنظيمي، وعزوف شديد عن تولي زمام الأمور.
مصدر ثانٍ، استبعد ترشح بنكيران، مُعللاً ذلك بحالة الرفض العامة التي يواجهها في صفوف ما تبقى من أعضاء الحزب، بسبب "شطحاته المتتالية، وآخرها توجيهه الأمانة العامة للحزب، لربط زلزال الحوز الأخير بالمعاصي والذنوب. ناهيك عن فشله في جمع شتات البيت الداخلي".
في المقابل، أكد المصدر ذاته، أن الحزب اليوم، يعيش أزمة قيادة، خاصة مع انفراد بنكيران والتيار الموالي له بتدبير شؤونه، من جهة، ومن جهة أخرى انصراف التيار الثاني الذي كان يُعارضه متمثلاُ في سعد الدين العثماني ومحمد يتيم وعبد القادر اعمارة.
لكن الطامة الأكبر، يورد المصدر ذاته، هي غياب صوت العديد من أنصار الحركة التصحيحية داخل الحزب عن المشهد، خاصة بعد تهميش أصواتهم لسنوات طوال، ما يجعل الحزب فريسة لتيار واحد مُهيمن.
وأمام الموقف المُبهم لبنكيران من الترشح لولاية ثانية، يُحاول الأخير الدفع بأسماء جديدة من التيار الموالي له، وعلى رأسها، المصطفى الخلفي، القيادي البارز في الحزب الإخواني وذراعه الدعوية حركة التوحيد والإصلاح، الذي شغل منصب الناطق باسم الحكومة التي قادها بنكيران. إلى جانب إدريس الأزمي الإدريسي، الذي كان لأعوام طوال برلمانياً عن الحزب ووزيراً مكلفاً بالميزانية، وهو اليوم رئيس المجلس الوطني.
في حين، لا تستبعد العديد من المصادر، الدفع بالوجه البرلماني للحزب، عبد الله بوانو، رئيس المجموعة النيابية للحزب، والذي يُقدمه التنظيم الإخواني منذ نكسة الانتخابات الأخيرة، كوجه مُنتقد للحُكومة الحالية، وأيضاً لإعطاء صورة مفادها أن القيادة الجديدة، لها من "شرعية الصناديق" ما يُمكنها من قيادة الحزب للفترة المقبلة.
أنانية تنظيمية
حسن بلوان، الخبير في العلاقات السياسية، شدد لـ"العين الإخبارية"، على أنه أياً كانت القيادة الجديدة للحزب، فهي تواجه تحدياً مُستحيلاً وهو "إحياء الحزب بعدما قتلته العديد من الصدمات المتتالية".
وزاد بلوان، أن الحديث عن تحديات المُؤتمر المقبل، لا يستقيم إلا بالعودة قليلاً إلى الوراء. والحديث عن ما سُمي في المغرب بـ"البلوكاج الحُكومي" عام 2016، إثر فشل عبد الإله بنكيران في تشكيل الحُكومة، وتكليف سعد الدين العثماني بدلاً عنه.
هُنا كان على الحزب أن يقف ويُجري تقييماً شاملاً لمساره، إلا أن "نشوة الانتصار الانتخابي آنذاك" منعته من ذلك، واستمر في طريق لم تُكسبه سوى الانتقاد والتصدع الداخلي.
وأضاف بلوان، أن ما أعقب تلك الفترة، خاصة جملة القرارات التي أضرت بالقدرة الشرائية للمواطنين، والمواقف المتتالية التي أظهرت ضُعف القيادة آنذاك في تدبير الاختلاف الداخلي، وأيضاً التصدي لمختلف الانتقادات، زادت من هشاشة القواعد.
واستطرد: "بعدها، جاءت الانتخابات الأخيرة، والتي كانت بمثابة فرصة أخيرة من الحزب، ليُصارح المنتمين إليه قبل المواطنين، ويفتح باب النقاش الداخلي، ويستمع لجميع الآراء، خاصة تلك التي نصحته بالاعتذار للشعب المغربي، وعدم دخول الانتخابات. والمُضي نحو ترميم البيت الداخلي".
وزاد: "لكن الأنانية التنظيمية، والتي تنخر قيادات تنظيمات الإسلام السياسي، بدعوى أنها (قيادة ربانية) وقراراتها كـ(التوجيهات الإلهية)، أخذت الحزب إلى هاوية سياسية وتنظيمية، قد لا ينهض منها أبداً".
aXA6IDMuMTYuODIuMTgyIA== جزيرة ام اند امز