سياسات الاحتلال.. هل تجعل مهد المسيح بلا مسيحيين؟
الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات يدق ناقوس الخطر من كارثة محدقة بالمجتمع جراء هجرة المسيحيين المتزايدة
هل يصبح بلد المسيح بلا مسيحيين؟ تساؤل موجع بات يتكرر باستمرار خلال الفترة الأخيرة، على وقع هجرة المسيحيين المتزايدة من فلسطين، على مدار السنوات الماضية ولأسباب متعددة.
- رؤساء الكنائس: الاحتلال يمنع مسيحيي غزة من دخول بيت لحم
- إسرائيل تحرم مسيحيي غزة من الاحتفال بعيد الميلاد
الدكتور حنا عيسى، الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، يدق، في حديث لـ"العين الإخبارية"، ناقوس الخطر من "كارثة" محدقة بالمجتمع الفلسطيني؛ جراء هجرة المسيحيين المتزايدة الذين لم تعد نسبتهم تتجاوز 1% في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967.
ويوضح عيسى أن معظم مسيحيي فلسطين هاجروا إلى الخارج لأسباب مختلفة منها، الاحتلال الإسرائيلي وسياساته، والوضع الاقتصادي السيئ.
ووفق عيسى؛ فإن الإحصائيات تشير إلى أن عدد المسيحيين تقريبا 40 ألف شخص في الضفة الغربية، وأقل من 4 آلاف في القدس، و850 فقط في قطاع غزة.
ويشكل الفلسطينيون المسيحيون 20% من تعداد الفلسطينيين حول العالم، بحسب إحصائيات مركز الإحصاء الفلسطيني عام 2019؛ ما يعني أن 19% منهم يعيشون في الخارج، و1% فقط ضمن الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ويؤكد عيسى أن "الصراع العربي الإسرائيلي ترك آثاره السلبية على حركة الفلسطينيين وتهجيرهم، فمع الحرب العربية الإسرائيلية الأولى عام 1948 هجر ما يقارب 955 ألف فلسطيني أرضهم وأصبحوا لاجئين.
وأوضح أن مجمل السكان المسيحيين في القدس عام 1944 كان يتجاوز عددهم 30 ألف فرد، وأصبحوا أقل من 4000 أواخر 2019.
وأكد أنه بفعل الاحتلال هاجر الكثير من المسيحيين عام 1967 إلى الأردن، قائلا: "لا غرابة أن نقول بأن عدد المسيحيين في أستراليا أكبر منه في القدس الشرقية، وعدد المسيحيين الفلسطينيين في الولايات المتحدة أكثر بكثير من مدينة رام الله".
هل تتحول الكنائس إلى متاحف؟
ووفق عيسى، فمنذ عام 1967 وحتى نهاية 1993 كان معدل هجرة المسيحيين الفلسطينيين من الضفة وقطاع غزة ما يقارب 13000 مهاجر مسيحي منهم (8000 من الضفة و5000 من غزة).
وأشار إلى أن العامل السياسي والذي مثله الاحتلال مع ما واكب من ظروف اقتصادية سيئة ومناخ اجتماعي، دفع الناس إلى ترك الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ويستاءل: هل تتحول الكنائس المسيحية في الأراضي الفلسطينية إلى متاحف للسياح؟".
ويوجد في الأراضي الفلسطينية لا سيما بيت لحم (مهد المسيح) والقدس، كنيستا المهد والقيامة، اللتان يحج إليهما ملايين السياح من أنحاء العالم.
ويؤكد عيسى أن المهام الملقاة على عاتق مؤسسات المجتمع الرسمي والأهلي في فلسطين هي منع هذه الهجرة وترسيخ بقاء هذه الفئة، والتطلع من خلال إيجاد الوسائل الفاعلة والتطلع لهجرة معاكسة إن أمكن.
الاحتلال هو السبب
ويشير كامل عياد مدير العلاقات العامة بالكنيسة الأرثوذكسية بغزة، إلى أن السبب الأول لتراجع أعداد المسيحيين هو الاحتلال، خصوصا في غزة والتي تعرضت لعدة حروب خلال سنوات الحصار والوضع الاقتصادي الصعب يدفع الكل للهجرة بعيدا عن المشاكل الاقتصادية والسياسية والحروب.
وقال عياد لـ"العين الإخبارية": "اليوم عدد المسيحيين نحو ألف شخص، ومن قبل سنوات كان العدد 1800 فرد.. جزء منهم هجر غزة متجها للضفة والجزء الأكبر هاجر للخارج"، مشيرا إلى أن الهجرات تتركز في كندا وأمريكا وأوروبا وأستراليا ومصر.
وأشار إلى أن هناك قيودا إسرائيلية مشددة ضد الكل الفلسطيني مسلم ومسيحي، وقال: "هذه القيود عشناها واقعا في الأعياد التي حددت فيها سلطات الاحتلال أعداد المسيحيين الممنوحين تصاريح للانتقال من غزة للضفة للصلاة في كنيستي المهد ببيت لحم والقيامة بالقدس".
وأضاف: "هناك مسيحيون في بلدة بيت ساحور يرون مدينة القدس بعيونهم لكنهم لا يستطيعون زيارتها للصلاة في كنيسة القيامة، بسبب حواجز الاحتلال التي تقيد حركة الفلسطينيين عموما".
غياب الأمن
ويقول المحامي أنطوان سليمان رئيس بلدية بيت لحم: إن موضوع الهجرة قديم حديث، ومقلق للشارع الفلسطيني بمسلميه ومسيحيه، لكن تأثيراته عند المسيحيين أكبر.
وأضاف سليمان لـ"العين الإخبارية": "عندنا مشكلة حقيقية هي أن الناس تغادر، وذلك لأن عنصر الاستقرار والأمن والأمان والوضع الاقتصادي يشكل دافع أمام الناس لترك البلد".
ويتابع: "نحن لا نملك شيئا نعد به الناس للبقاء.. لا يوجد حلول، وإذا ما تحقق النمو الاقتصادي والاستقرار في المنطقة، فإن الوضع سيستمر وسيزداد سوءا".