نموذج بيروت 1982.. خطة أمريكية لإبعاد «حماس» من غزة

مع استمرار الحرب في غزة وتزايد معاناة المدنيين، تبرز الحاجة إلى وضع خطة شاملة لما بعد الصراع تضمن الاستقرار والأمن للمنطقة.
وفي ظل المطالب المتزايدة بإزالة حماس من السلطة، طالب دانييل شابيرو السفير الأمريكي لدى إسرائيل في الفترة من عام 2011 إلى عام 2017، والذي عمل مؤخرًا نائبا مساعدا لوزير الدفاع لسياسة الشرق الأوسط، في مقال على "موقع المجلس الأطلسي" بتقديم حلول واقعية بدلاً من المقترحات غير القابلة للتنفيذ.
وقال شابيرو: "خلال إدارة بايدن، التي كنت جزءًا منها، وكذلك خلال فترة ترامب القصيرة حتى الآن في منصبه، فشلت جميع الجهود للتخطيط لما بعد الصراع بسبب عدم القدرة على إزاحة حماس من السلطة".
وتابع قائلا "يضاف إلى هذا الفشل أن الخطة الوحيدة المطروحة حاليًا هي اقتراح ترامب الخيالي بتفريغ غزة من جميع الفلسطينيين، وتحويلها إلى ملكية أمريكية، وتحويلها إلى ريفييرا الشرق الأوسط".
طرح خطة بديلة
وأشار شابيرو إلى أن الدول العربية بحاجة إلى تقديم بديل، كما أخبر العاهل الأردني الملك عبد الله، ترامب أنه سيحدث في الأسابيع المقبلة. ويجب أن تحقق هذه الخطة الهدف الأساسي المتمثل في إزالة حماس من السلطة، وإلا فإن النتيجة لن تكون خطة ترامب الخيالية، بل المزيد من الحروب والدمار والموت.
ولكي يحصل ترامب على شيء يمكنه العمل عليه، ينبغي على الدول العربية، الإعلان عن استعدادها للاستثمار في إعادة إعمار غزة، والمشاركة في قوة استقرار متعددة الجنسيات بدعم أمريكي، لضمان تسليم المساعدات الإنسانية وفرض القانون والنظام.. وفي المقابل، ستحتاج إسرائيل إلى تخفيف موقفها الرافض لمشاركة عناصر من السلطة الفلسطينية في إدارة غزة، مع تنفيذ الإصلاحات الضرورية.
ويمكن لهذه الأطراف، وكذلك للفلسطينيين في غزة، أن يحققوا ما لم تستطع القوات الإسرائيلية تحقيقه حتى الآن: إزالة حماس من السلطة.
كيفية إزالة حماس
النموذج لهذه الإزالة معروف.. ففي عام 1982، وفي أحد أعظم نجاحات الدبلوماسية الأمريكية في الشرق الأوسط، نجح المبعوث الخاص فيليب حبيب في ترتيب إجلاء زعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات و14 ألف مقاتل فلسطيني من بيروت المحاصرة إلى تونس، والعراق، وسوريا، والجزائر، واليمن، ودول أخرى، مما منع إسرائيل من اجتياح بيروت بشكل كامل.
ويرى شابيرو أن تحديد قادة ومقاتلي حماس سيحتاج إلى جهد استخباراتي مشترك، كما سيتعين توفير التمويل اللازم لإجلاء نحو 20 ألف مقاتل من حماس، وتأمين أماكن لاستيعابهم وإدارتهم مع عائلاتهم.
وتشمل الوجهات المحتملة عدة دول لديها علاقات أو تعاطف مع حماس. وسيتطلب ذلك إعفاءً أمريكيًا من العقوبات للسماح بنقل واستيعاب أعضاء منظمة مصنفة كإرهابية من قبل الولايات المتحدة. ولكن إخراجهم من غزة سيكون أمرًا يستحق الجهد.
وتساءل: ما الذي قد يدفع حماس إلى قبول الإبعاد بدلاً من القتال حتى الموت؟
لن يكون الأمر سهلاً، ولكن يمكن للولايات المتحدة الضغط وتمكين قطر وربما تركيا للتفاوض مع قيادة حماس. هناك ثلاثة عوامل قد تساعد في تحقيق ذلك:
حتمية الضربة العسكرية الإسرائيلية القادمة
إسرائيل ستستأنف هجومها العسكري الشرس عاجلاً أم آجلاً. أي شخص يدرك مدى صدمة الإسرائيليين وهم يشاهدون رهائنهم الهزيلين يخرجون من الأنفاق، أو يشهدون استعادة جثثهم، يعلم أن هذا الهجوم قادم.
ترامب لن يفرض قيوداً، ولن يكون هناك مجال لحماس للاعتماد على الخلافات بين الولايات المتحدة وإسرائيل لوقف الهجوم. هذا الواقع قد يدفع مقاتلي حماس إلى التفكير في خيار الهروب بدلًا من الموت المحتم.
ضغط الدول العربية على حماس
إذا اتحدت الدول العربية الكبرى، في إدانة حماس علنًا باعتبارها السبب وراء معاناة الفلسطينيين، فقد يكون لذلك تأثير. حماس تهتم بسمعتها، وتسعى للحفاظ على صورتها البطولية في بعض الأوساط العربية.
صوت الفلسطينيين في غزة
معظم الفلسطينيين في غزة يدركون أن حماس جلبت عليهم الخراب، لكن الخوف من انتقامها يمنعهم من التعبير عن ذلك علنًا.
لكن كما هو الحال مع أي نظام قمعي، فإن اللحظة التي يثور فيها الشعب ضد حكامه، هي اللحظة التي ينكشف فيها ضعف النظام.
إذا تمكن الفلسطينيون من رفع أصواتهم والمطالبة برحيل حماس، فقد يكون ذلك القشة التي تكسر ظهرها.
تنفيذ الخطة: المهمة الشاقة ولكن ممكنة
تنظيم هذه العملية - حملة إعلامية ضد حماس، والتمويل، وترتيبات النقل والاستيعاب، ودعم الأصوات الفلسطينية المعارضة لحماس - سيكون مهمة معقدة لكنها ليست مستحيلة. فقد أثبت فيليب حبيب في عام 1982 أن مثل هذه العمليات يمكن تحقيقها.
ولدى ترامب الآن فرصة فريدة لاستخدام نفوذه وسيكون من الأفضل له ولإدارته التركيز على هذا المشروع، بكل تعقيداته، بدلاً من الترويج لخرافات الاستيلاء الأمريكي على غزة وأحلام تحويلها إلى منتجع فاخر، وهي أفكار لا تجد قبولًا لدى الشركاء العرب الرئيسيين.