"الهجوم خير وسيلة للدفاع".. سلاح روسيا الجديد في معاركها الدبلوماسية
مجلس الأمن القومي الروسي أجرى مراجعة لخططه، مؤكدا الانتقال إلى سياسة الهجوم
شرعت موسكو اعتماد سياسة "الهجوم خير وسيلة للدفاع" بناء على التطورات الدولية الأخيرة، خاصة بعد الصدام الجاري بينها وبين أوروبا والولايات المتحدة، وبدأت التطبيق فعليا في مواجهتها مع بريطانيا.
وتتهم موسكو أوروبا والولايات المتحدة باتباع سياسة الهجوم في التعامل معها، مستدلة على ذلك بالادعاءات الغربية الخاصة بتسميم روسيا للعميل الاستخباراتي السابق سيرجي سكريبال، ودعم الأسلحة الكيماوية في سوريا.
وطرحت لجنة مجلس الأمن القومي لشؤون التخطيط الاستراتيجي مقترحات لمراجعة بنود استراتيجية الأمن القومي الروسي بناء على تلك الأحداث.
ووفق ما ذكره المكتب الصحفي للمجلس فإنه "جرى بحث إجراءات إضافية لضمان الأمن القومي الروسي؛ نظرا لإقرار استراتيجية جديدة للأمن القومي في الولايات المتحدة، والضغوط السياسية والاقتصادية والعسكرية والإعلامية والأيديولوجية غير المسبوقة على روسيا من قبل الولايات المتحدة وحلفائها".
وشارك في الاجتماع، الذي انعقد الجمعة، مسؤولون من جهاز الأمن الفيدرالي ووزارات الدفاع والخارجية والداخلية والطوارئ والعدل والتعليم والعلوم والتنمية الاقتصادية والثقافة والاتصال، والديوان الرئاسي وأكاديمية العلوم الروسية، بحسب ما نشره موقع فضائية "روسيا اليوم".
تعزيز الهجوم
وبتعبير سكرتير مجلس الأمن القومي، نيكولاي باتروشيف، فإن على روسيا زيادة الوضعية الهجومية لسياستها الخارجية للتعامل بشكل أفضل مع السياسات الأمريكية تجاهها.
كما تحدث عن أن استراتيجية الوضع الهجومي تشمل أيضا السبق في مجال العلوم والتكنولوجيا، وضمان أمن الطاقة، وتنفيذ برامج إحلال الواردات في القطاعين العسكري والمدني، وزيادة استقلال المنظومة المالية الروسية، وذلك لمواجهة العقوبات الأمريكية والأوروبية فيما يبدو.
ولفت باتروشيف كذلك إلى التصدي لما اعتبرها خططا خارجية لهدم المجتمع الروسي عبر إفساد القيم الأخلاقية والثقافية التقليدية التاريخية.
ووفق المسؤول الروسي، فإن من دواعي إعادة النظر في استراتيجية الأمن القومي الروسية هو التغيير الحادث في استراتيجية الأمن القومي الأمريكية التي تتجه منذ تولي دونالد ترامب الرئاسة إلى استخدام القوة العسكرية لتحقيق مصالح واشنطن.
واستشهد على ذلك بالضربة الصاروخية الثلاثية الأمريكية الفرنسية البريطانية ضد مواقع سوريا الشهر الجاري بدعوى احتوائها على أسلحة كيماوية.
وفي مقابل هذا التوجه، تحدث مجلس الأمن القومي الروسي عن ضرورة أن تبحث موسكو عن توسيع تعاونها مع الدول الأجنبية لكسر العزلة التي تسعى أمريكا لفرضها عليها.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعث برسالة إلى القمة العربية التي انعقدت في الظهران السعودية منتصف الشهر الجاري، عارضا التعاون مع قادتها في الملفات الحيوية إقليميا ودوليا.
البداية.. بريطانيا
ويبدو أن موسكو شرعت فعليا في تطبيق تلك الاستراتيجية الهجومية الجديدة، بادئة ببريطانيا.
فقد أعلنت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، العثور على قنابل دخانية في مدينة دوما السورية مصنوعة في سولسبيري البريطانية، في إشارة لتعاون لندن مع فصائل المعارضة المسلحة التي كانت تسيطر على المدينة.
وتلت زاخاروفا نصا من 17 صفحة، وصفته فضائية "روسيا اليوم" القريبة من الحكومة، بأنه سجل "لجرائم الحكومة البريطانية في جميع أنحاء العالم" من روسيا إلى الشرق الأوسط، ومن العصور الوسطى حتى يومنا هذا.
واعتبرت القناة أن موسكو كذلك بدأت تخاطب الغرب بلغته، وربما لأول مرة بهذا القدر من الوضوح، لتنتقل إلى نموذج جديد من السلوك على الحلبة الدولية.
ورأت القناة الروسية أن هذا رد مناسب على أسلوب رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي التي سارعت لاتهام موسكو بتسميم سكريبال وابنته، حتى قبل أن تبدأ التحقيقات في الأمر.
وقالت "روسيا اليوم" إن بريطانيا لن تكون لها حظوظ للتفوق على روسيا في هذا المضمار، خاصة أن سجل بريطانيا في "التعذيب والقتل وارتكاب الجرائم والاستفزازات، يفوق عدة مرات ما لدى أي دولة أخرى في العالم".
وأشادت القناة بما وصفته بكف موسكو عن أسلوب مناشدة الغرب أو المثابرة في إقناعه بالحوار.