قطر تفضل شراء العالم كله للتخلص من أزمتها، على أن تذهب إلى السعودية لوضع ومناقشة الحل المناسب، كل ذلك بسبب العقدة التي تعانيها
إذا ما أردنا أن ننظر في الأزمة بموضوعية فلا بد لنا أن نتوقف بداية وقبل الوصول إلى الخلاصات الواقعية للأزمة القطرية، والحكومة القطرية التي تعاني من مرض نفسي احتار علماء النفس في إيجاد وصفة علاجية له، وهو ما يسمى بـ"عقدة النقص" أو الدونيّة في علم النفس، وهو شعور الإنسان بالعجز العضويّ أو الاجتماعيّ أو النفسي بطريقة تؤثّر على سلوكه، وهي أفعال تتميّز بالغرابة وتكون غير متوقعة، وفي الغالب تكون تلك الأفعال سلبيّة وشديدة الحدّة بحيث يمكن ملاحظة مدى غرابتها، كالتباهي بكل المظاهر البراقة وإظهار كل ما يغطي على ذلك النقص الذي يشعر به في داخله وهذا ما نلاحظه بوضوح في سياسة حكومة قطر.
فتلك العقدة تلازم ساسة قطر منذ ظهور تنظيم الحمدين، وتلازمهم في كل توجهاتهم السياسية والاقتصادية والإعلامية بل وحتى الرياضية.
إن الدلالات على "عقدة النقص القطرية" في تعاملها مع الحدث والأزمة كثيرة، وهو ما أسهم في تعقيدها وتصعيدها، وبالتالي طول مدة الأزمة وهي في النهاية الخاسر الأكيد.
هذه العُقدة جعلت قيادة قطر تراهن على الزمن لحلحلة أزمتها مع الدول المقاطعة، رغم أن عامل الزمن هنا بتأثيره الاقتصادي يعمل ضدها وليس لصالحها، كذلك هي تراهن على تناقضات السياسة الأمريكية ومواقف بعض الدول الغربية رغم أنه رهان خاسر تماما من وجهة نظري، أما الرهان الأقوى هو أنها مازالت تعول كثيراً على احتياطاتها وأصولها المالية والاستثمارية وعلى كمية الغاز الطبيعي الذي تملكه، هذه الرهانات الذي ترى الحكومة القطرية أنها سوف تقف صمام أمان ضد أي قرارات وعقوبات دولية نحوها.
قطر ترفض الخيار الاسهل والأنجع وربما الوحيد للخروج من الأزمة، هو التوجه نحو جارتها الكبرى السعودية، الذي لن يكلفها شيئا، ولكن ما يمنعها من ذلك هو عقدة النقص المعشعشة في رؤوس ساستها، لأنها ترى في ذلك هيمنة عليها.
تفضل قطر حالياً شراء العالم كله ودفع الأموال الطائلة للتخلص من أزمتها، على أن تذهب إلى السعودية لوضع ومناقشة الحل المناسب، كل ذلك بسبب العقدة التي تعانيها، فليس بمستغرب عليها شراء التقارير الصحفية المفبركة من ضعاف النفوس في صحف عالمية، وأن تُفبرك قصصا وسيناريوهات لتشوية الدول المقاطعة لتحقيق انتصارات وهمية والسبب عقدتها الأزلية.
إن إصرار الدول العربية الأربع على الاستمرار في محاربة الإرهاب، ومعاقبة الدول الممولة والداعمة له، هو ما يدعو إلى ضرورة التعامل الحاسم مع الكيانات والشخصيات الإرهابية، ويدل أيضا على إصرار تلك الدول على تحجيم الدور القطري الداعم للإرهاب وتعرية الوجه القبيح للدوحة أمام العالم، لأنها تهدد الأمن القومي العربي، وتشكل خطراً كبيراً على الدول العربية، وما زال لديها الكثير لكشف الخطايا القطرية، وطول زمن الأزمة لن يؤثر عليها سياسيا واقتصاديا، وهو ما قد يدفع قطر إلى التراجع عن موقفها الداعم للإرهاب، مهما حاولت في إطالة الأزمة ومهما استمرت في الهروب من ذلك، لأنها الخاسر الأكبر، ولأن المجتمع الدولي لا يمكن أن يلتزم الصمت أمامها إلى ما لا نهاية، بعد أن أصبح المشهد واضحاً، لا سيما وأن القضية تتعلق بدعم وتمويل الإرهاب.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة