لا يخفى على أحد أن النظام السياسي في دولة قطر، الذي يقوده "الحمدين"، بات محشورا في زاوية لا يعرف الخروج منها.
لا يخفى على أحد أن النظام السياسي في دولة قطر، الذي يقوده "الحمدين"، بات محشورا في زاوية لا يعرف الخروج منها، وقد لا يخرج منها ما لم يدفع ثمنا غاليا بسبب عناده وتعنته السياسي، هكذا تبدو الصورة من خلال مساعي هذا النظام ومحاولاته المستميتة في إحداث "ثغرة سياسية" في الموقف الصلب للدول المكافحة للإرهاب، وهو ما لا يمكن إحداثه دون تنفيذ الشروط الـ13 التي وضعتها الدول الأربع: المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات، ومملكة البحرين، ومصر، والتي ترفض أن يكون هناك أي حياد في الأزمة القطرية.
إدراك النظام القطري لحقيقة الموقف الخليجي والعربي، وكذلك الدولي فيما يخص دعم الإرهاب والتطرف، مهم في أي حديث أو محاولة للتقارب أو حتى إحداث "ثغرة" سياسية، أما تجاهلها وتبسيط المسألة وفق أي تفسير لها فهو أقرب إلى المغامرة التي تؤدي إلى الموت.
وكانت آخر تلك المحاولات (التي لا تتعدى أن تكون دعاية سياسية وإعلامية) توقيع اتفاقية للتبادل التجاري مع سلطنة عمان، قبل يومين، وكان قبلها استقبال وفد سياسي ثم رياضي كويتي، ولكن النظام القطري وظّفها وفق رؤيته الناقصة.
في ظل هذه الأجواء التي بدأت تشكل "غيوما سوداوية" على النظام القطري إقليميا ودوليا، فإن خياره الوحيد هو إحراج الدول الخليجية مع دول المقاطعة، أو محاولة استمالة الدول العربية التي تعيش مشاكل اقتصادية من خلال إغرائها بالاستثمارات، في سلوك يذكرنا بالنظام الإيراني، أو توريط الدول الأخرى في مغامراتها السياسية في إقليمها مثل السودان، مما قد يعرض تلك الدول لما لا يسرها أو ابتزازها سياسيا.
إن مجرد طرح فكرة التقارب أو التعاون مع النظام القطري أو التوسط له مع دول المقاطعة في هذه اللحظة، يعد بمثابة السير بالاتجاه المعاكس، وقد يُغضِب هذه الدول نتيجة للسياسات القطرية لزعزعة استقرارها، والذي يعد خطا أحمر، وبالتالي فكل المشاعر تجاه نظام "الحمدين" معبأة ومشحونة بخليط من السلبية التي ترى فيما يخص هذا النظام كأنه الوقوع في "شبهة" الميل لطرف على آخر، وربما تمس الحياد وسياسة "إمساك العصا من المنتصف"، واللذين تحاول سلطنة عمان ودولة الكويت المحافظة عليهما، خصوصا في هذه الأزمة التي لها وضعية خاصة بالنسبة لها.
في البدء اعتقد النظام القطري أن فكرة المقاطعة لن تطول كثيراً سواء لخصوصية العلاقات الخليجية –الخليجية، وأنها سترجع بسهولة كما يحدث عادة أو نتيجة للوساطات الإقليمية والدولية التي يمكن أن تحركها الأموال القطرية من إغرائها بالاستثمارات الضخمة، ولكن لم يحدث ذلك، ومع مرور الوقت راهنت قطر على اختراق المقاطعة وإحداث "ثغرة سياسية" من خلال محاولة عزل دولة الإمارات عن بقية الدول الأخرى، وأنها الطرف المتسبب في الأزمة عندما حاولت اتهام الإمارات بأن طائرتيها اخترقتا الأجواء القطرية، ولكن عندما ثبت تدليسها وكذب مزاعمها وسقطت عنها آخر "أوراق التوت" أمام الرأي العام العالمي، وضاقت معها الصدور الإقليمية والدولية، سمعنا أصواتها الإعلامية تجهر بأنها تستقبل مسؤولين خليجيين.
مسألة رفع المقاطعة عن قطر والسماح لها بالعودة إلى الصف الخليجي، انتهى أمرها وطويت صفحتها منذ زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وكذلك زيارة وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون للسعودية، ولم يعد لها مكان في الدبلوماسية الخليجية بأكملها، وبقيت المحاولة القطرية تدور في فلك نفسها من الحصار الذي وضعت نفسها فيه ساذجة ومبسطة، ليس فقط لأن محاولاتها السابقة لم تنفع، لكنها لم تستوعب حقيقة الموقف الخليجي والعربي ثم الدولي من مخاطر دعم الإرهاب.
وإذا حاولنا أن نتعامل مع التحرك القطري في دول الخليج والدول العربية حاليا، وتعاملنا معه وفق المحاولات الدبلوماسية من خارج الإقليم، فإن المسألة هي فكرة طارئة وليست طبيعية، باعتبار أنها جاءت بعد فشل تحركها الدولي الذي كانت تراهن عليه في رفع المقاطعة، وبالتالي فإن ما تقوم به ليس إلا محاولة للتهوين من أثر العزلة السياسية التي تعيشها، والتي باتت موجعة لها، وللترويج الإعلامي بأنها مقبولة من الآخرين في الإقليم، هذا من جانب، أما من جانب آخر فإن المحاولات القطرية تصطدم بعوائق حقيقية ومنطقية، خاصة أن علاقة النظام القطري مع إيران التي تعيش وضعا دوليا أقرب إلى دول محور الشر، وقبولها الدولي لم يعد مرغوبا؛ نظرا لإثارتها المشاكل التي تمس الاستقرار والأمن الدوليين، والأمر لا يختلف كثيرا عن تركيا وهو أمر "حساس" في المحيط الجغرافي- تجعلها تبدو وكأنها تعيش "حصارا" دوليا، وليس مقاطعة من 4 دول فقط.
يبقى أن إدراك النظام القطري لحقيقة الموقف الخليجي والعربي، وكذلك الدولي فيما يخص دعم الإرهاب والتطرف، مهم في أي حديث أو محاولة للتقارب أو حتى إحداث "ثغرة" سياسية، أما تجاهلها وتبسيط المسألة وفق أي تفسير لها فهو أقرب إلى المغامرة التي تؤدي إلى الموت، وليست محاولة مستحيلة التحقق فقط!
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة