هذا جزء بسيط من حكاية الاغتيالات المعنوية والدعاية السوداء التي تقودها خلايا قطر في أرجاء العالم،
نشرت صحيفتا نيويورك تايمز والـ"وول استريت جورنال" الأسبوع الفائت خبرين متشابهين مع اختلاف بسيط في التفاصيل، عن قيام السعودية بشراء لوحة فنية لرسام شهير بقيمة 450 مليون دولار، بالطبع الخبر ليس صحيحاً ولا بريئاً ولا عابراً ولا نشره كان مصادفة، بل كان عملاُ موجّهاً ومقصوداً عن سبق إصرار وترصد، فلماذا نُشِر الخبر ولماذا كان الاتهام..؟
بعدها بيومين نفى متحف لوفر أبوظبي - الذي اُفتِتح في حفلة مهيبة قبل أسابيع فقط - القصة، وأكد أن المتحف هو من اشترى لوحة «سالفاتور موندي» التي بيعت منتصف نوفمبر الماضي بسعر قياسي لصالح هيئة الثقافة والسياحة في أبوظبي كجزء من استحواذها على لوحات وتحف نادرة لإثراء المتحف بها.
الإجابة عن التساؤل السابق تكمن في أن الخبر بصيغته المنشورة هو جزء من حملة دعائية منظمة تقودها قطر عبر إعلامها المباشر والموازي، وبواسطة صحف وأقلام غربية لتمرير حربها المفتوحة الموجهة ضد السعودية وقيادتها.
الحملة تقوم على «اغتيال الشخصية» اغتيالاً معنوياً من خلال إطلاق الدعاية السوداء وترسيخها كذباً، وهنا يظهر استهداف شخصية الأمير محمد بن سلمان الذي أخذ على عاتقه مواجهة الخيانة القطرية، وحماية الأمن والسلم الاجتماعي السعودي من الاختراق والتخريب المُتعمد الذي قامت به الدوحة.
الآلة الإعلامية القطرية قامت بتمرير إشاعة «القدس»، على الرغم من أن الدوحة هي من فتحت أراضيها للقادة الإسرائيليين، و«الحمدين» هما من زارا تل أبيب علانية، وهي من تولت نقل يهود اليمن لداخل فلسطين لزيادة عدد المستوطنين في الأراضي المحتلة
عادة ما تبدأ الدعاية المسمومة بتشويه الشخصية والتجييش ضدها بشكل متواصل وكثيف، والتحريض عليها بوسائل مختلفة منها الديني والسياسي والاقتصادي والتجاري؛ لتصبح الأكاذيب والتلفيقات حقائق مطلقة حتى لو استحال تصديقها أو نفتها الحقائق.
قطر قامت بهذه «الحرب الدعائية القذرة» ضد الرياض طوال أكثر من 20 عاماً، وقفزت من طور إلى طور ومن قيادة إلى قيادة، لم تسلم منها السعودية ككيان، ولا سياساتها ومشاريعها الاجتماعية والدينية، ووصل الأمر إلى السياسيين والمثقفين والإعلاميين وحتى رجال الدين الذين لم يستسلموا لإغراءاتها المالية.
على سبيل المثال صورت مقاطعة قطر التي تبنتها الدول المناهضة للإرهاب على أنها حصار، وصورت قطر على أنها الضحية، بينما هي المجرمة ليس في حق السعودية بل في حق أكثر من 100 مليون عربي، ما بين قتيل وجريح ومشرّد، إثر دعم الدوحة لمشروع الإخوان المسلمين للاستيلاء على الحكم في عدد من الدول العربية.
كما تم تقديم السعودية لدى الساسة والإعلام الغربي على أنها بلد رجعي متخلّف، بينما كانت الدوحة تحارب عبر أدواتها وعملائها أي محاولات للتقدم والتمدن، وفي استهدافها للشخصيات العامة تناولت الملك المؤسس "رحمه الله"، وسمحت لضيوفها بالتطاول عليه وعلى تاريخه، كذلك الملوك فهد وعبدالله والأمراء سلطان ونايف رحمهم الله، وانتهاء اليوم بالملك سلمان وولي عهده الأمير محمد.
عملية الاغتيال المعنوي في شكلها الحديث تعتمد على نشر الإشاعات والأخبار الكاذبة والملفقة عبر وسائل التواصل الاجتماعي على لسان ناشطين أو حسابات مشهورة، ثم يتم تدويرها في وسائل إعلام تنطق بالعربية، أو غربية حسب الهدف منها، ليُعاد بثها في وسائل تابعة لمستوطنات عزمي بشارة الإعلامية، وكأنها ناقلة للخبر لا أكثر، لتتناولها بعد ذلك الصحف الغربية الكبيرة مرة أخرى على أنها حقيقة قائمة، وهذا ما يمكن أن يُطلق عليه عملية غسل الأخبار القذرة.
نفس الآلة الإعلامية القطرية قامت بتمرير إشاعة «القدس»، على الرغم من أن الدوحة هي من فتحت أراضيها للقادة الإسرائيليين، و«الحمدين» هما من زارا تل أبيب علانية، وهي من تولت نقل يهود اليمن لداخل فلسطين لزيادة عدد المستوطنين في الأراضي المحتلة، إلا أن كل تلك الحقائق غُيِّبت أمام إشاعة موازية غير حقيقية عن علاقة الرياض بقرار سيادي أمريكي يتعلق بالقدس.
مثال آخر يؤكد كيف أن سياسة الرشاوى العابرة للقارات التي قامت بها قطر طوال سنوات أثمرت عن تغييب قصة حقيقية لفساد هو الأكبر من نوعه في تجارة الآثار في العالم، كانت الدوحة بطلته بامتياز، إثر تنحي المدير التنفيذي لهيئة متاحف قطر «ادوارد دولمان» بعد الكشف عن فساد مالي، تورط فيه مع شيوخ قطريين آخرين قاموا بشراء لوحات وتحف بمليارات الدولارات بأموال الشعب القطري، وهي في الحقيقة لا تساوي بضعة آلاف من الريالات.
هذا جزء بسيط من حكاية الاغتيالات المعنوية والدعاية السوداء التي تقودها خلايا قطر في أرجاء العالم، والتي تكلفها مليارات الدولارات في سعيها لتشويه السعودية ورموزها، وتحقيق الاحتراب الداخلي بين مكوّناتها الاجتماعية من جهة وبينها وبين أشقائها العرب من جهة أخرى.
نقلاً عن " عكاظ "
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة