من يتذكر رواندا في تسعينيات القرن الماضي؟ وماذا حدث لها؟ وكيف استسلم أهلها لخطاب الكراهية؟
من يتذكر رواندا في تسعينيات القرن الماضي؟ وماذا حدث لها؟ وكيف استسلم أهلها لخطاب الكراهية؟ وكيف سيطر عليها وكان آلة للقمع والقتل في أيدي محرّضيه. كلنا نعلم أن حرب الإبادة التي تعرض لها شعب الروهينجا لم تكن هي الحرب الأولى التي أسهم الإعلام بتأجيجها وإشعالها حتى راح ضحيتها عشرات الآلاف من الضحايا، فقد سبقتها حرب البوسنة والهرسك، والتي ما زالت حديث العالم حتى اليوم. ومع كل ذكرى تمر، تتحدث صحف عالمية عن فظائعها ومجازرها التي قتل فيها عشرات الآلاف وبتحريض من وسائل الإعلام الصربية على القتل والإبادة العرقية، ولكن يبقى النموذج الأكبر والموثق حتى الآن دولياً على قيام الإعلام بدور المحرض على الكراهية والقتل هو نموذج حرب الإبادة التي حدث في رواندا.
أعتقد أنه حان الوقت لنعيد التفكير ونعتبر هذه القناة وخطابها المبطن الذي تروج له في العالم أمر يجب إيقافه أو إسكاته رسميا، وخصوصا في مجتمعنا العربي حفاظا على شعوبنا وأجيالنا القادمة، وإيقاف التحريض على العنف وخطاب الكراهية، فالإسلام ونظام الحكم يحظران التمييز وخطاب الكراهية
انتشار ونشر الأمية والفقر والجهل بين الأمم هو جزء لا يتجزأ من عوامل نشر الحقد والتطرف والقتل باسم الدين، كما يحدث من داعش والقاعدة والحشد والحوثيين، وهو ما يرسخ له الإخوان في الوطن العربي ونظام الملالي في إيران حاليا .
تجهيل الشعوب وربطهم بالدين دون تفكير، والخروج عن الوعي العام والاعتماد على السمع بدون نقاش، ومن ثم قيادتهم نحو المصير المجهول عبر الإعلام المؤدلج هو عنوان الحقيقة والصورة المرعبة لبث الحقد والشر والكراهية والتطرف بعد استمالة عدد كبير من الجمهور بطرح ممتع وجذاب تمهيدا للوصول نحو المجازر والكوارث .
بعض وسائل الإعلام تعمل على التضليل وتمرير أفكار مبطنة ليستهلكها المشاهدون عن طريق حقنهم بطريقة واعية أو غير واعية ببعض التصورات والصور النمطية التي لا تعدو في معظمها مجرد فرضيات والترويج لها كوقائع لا تقبل للدحض، هذا المنحى الخطير لوسائل الإعلام يجد رواجا كبيرا في الشعوب المغفلة والجاهلة في العالم العربي وخصوصا في بعض الدول التي تنشر فيها الطائفية والأحزاب المؤدلجة، التي تعودت استهلاك كل ما يلامس العاطفة الدينية، هذا التضليل الإعلامي يصبح سلعة من خلال المطالبة بالديمقراطية وإبعاد الدكتاتوريات العسكرية.
نجد قناة الجزيرة التي انتشرت في الوعي العربي منذ عام 1995 انتشار النار في الهشيم وتغلغلت في نسيج حياتنا سياسيا لتملأ فراغ وشغف إعلامي شعبي، بسبب نقص الوعي وغياب سياسة الحصانة الوطنية لحماية المواطنين من التضليل الذي تسوقه في خطابها الإعلامي، والذي أسرت به ملايين المشاهدين العرب في مطبخها لصناعة خطاب الكراهية والحقد بين العرب بل بين الحكومات وشعوبها، لتحطم إمكانية بناء الثقة بين الوطن والمواطن من جهة وبين الفرد والمجتمع وحتى بين الذات والآخر من جهة أخرى، فلم يعد يحتاج هذا الجيل العربي من الشباب المصر على التغيير لجرعات إضافية للكراهية بعدما مارست دورها على أكمل وجه، لاسيما وهم ينظرون لها على أنها أكثر وسيلة إعلام ذات مصداقية والمصدر الوحيد للأخبار وهي المنزهة عن المغالطات .
لم يعد خافيا الآن بعد أن حصلت الشعوب على جرعة كافية من الوعي أن قناة الجزيرة وتوابعها تعمل على تحريض المواطنين والجماهير العربية نحو كراهية أوطانهم بحجة الإطاحة بالحكام، وأنها منصات هدم تروج وترفع بعض الشعارات البراقة مثل القضية الفلسطينية وغيرها، لكي يصبحوا عاجزين عن مجرد التفكير في ما وراء الخطوط العريضة لسياسة هذه القناة، أو بعبارة أكثر مهنية ما يطلق عليه "الخط التحريري" لقناة أصبحت أشبه بمطبخ لصناعة وتوزيع الشتائم والكراهية والتطرف والثورات ودعم الإرهاب والإرهابيين وترقص على جثث الأطفال والقتلى من أجل كسب التعاطف مع العناصر الإرهابية، والتصعيد والتهويل وتكريس نظرية المؤامرة والخيانة والعزف على وتر الضعف، لذلك نلاحظ أنها تمارس التضليل الإعلامي في حق ملايين العرب والشعوب بما في ذلك غربيا دون حسيب أو رقيب.
أعتقد أنه حان الوقت لنعيد التفكير، ونعتبر هذه القناة وخطابها المبطن الذي تروج له في العالم أمر يجب إيقافه أو إسكاته رسميا وخصوصا في مجتمعنا العربي؛ حفاظا على شعوبنا وأجيالنا القادمة، وإيقاف التحريض على العنف وخطاب الكراهية، فالإسلام ونظام الحكم يحظران التمييز وخطاب الكراهية، لاسيما أن قطر وإعلامها يعيشان بين سندان الإرهاب ومطرقة الفوضى والدمار، وأن وقودها تشتيت الدول وسيول الدماء.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة