لم يكن بوسع السعودية والإمارات والبحرين وغيرهم من دول التحالف العربي أن يقفوا مكتوفي الأيدي بعد أن تبين لهم أن قطر تتعاون سياسياً وعسكرياً مع الحوثيين وتمدهم بالمعلومات والبيانات عن قوات التحالف العربي على أرض اليمن
لم يكن بوسع السعودية والإمارات والبحرين وغيرهم من دول التحالف العربي أن يقفوا مكتوفي الأيدي بعد أن تبين لهم أن قطر تتعاون سياسياً وعسكرياً مع الحوثيين وتمدهم بالمعلومات والبيانات عن قوات التحالف العربي على أرض اليمن، والتي ربما كانت إحدى نتائجها استشهاد وإصابة عدد كبير من أفراد التحالف في مناطق متفرقة، وعبر أوقات متتابعة، ظناً من القتلة والمتعاونين معهم أن هذا سيفت في عضد قوات التحالف العربي ويدفعهم إلى التخلي عن دعم الشرعية في اليمن، لكنه في الحقيقة لم يزد "أبناء التحالف العربي" حكومة وشعباً إلا ثباتاً وإصراراً على النصر.
إن قطر شاركت على "استحياء" في عاصفة الحزم، وهذه حقيقة، لا لتقاتل إلى جانب القوات السعودية والإماراتية والبحرينية والسودانية وغيرهم، وإنما وكما يبدو لتتجسس عليهم، وتجمع المعلومات والبيانات، في استمرار للعبة المواقف المتناقضة، والتصرفات المزدوجة التي أتقنتها الدوحة على مدار أكثر من 20 عاماً، لم تنخرط خلالها إلا في كل عمل يقود إلى الإضرار بمصالح من يفترض أنهم أشقاء وجيران، ولم تفعل سوى كل ما يؤدي إلى الفوضى والاضطراب السياسي والاجتماعي في كل الدول، توهماً بأن هذا سيصب في نهاية المطاف في صالح توسيع نفوذ "حكام قطر الجدد" على حساب سيادة ومال وجغرافية الجيران، أو يجعل هؤلاء الحكام خداماً صادقين لمن يحركون قطر من خلف الستار في سبيل تحقيق مصالح دولية لا علاقة لها بصالح الشعوب الخليجية ولا العربية وحتى الإسلامية.
ليعلم حكام الدوحة وقادتها الجدد أن لعبتهم باتت مكشوفة عياناً بياناً، وأن كيدهم سيرتد إلى نحورهم، وأن ما يدبرونه بليل لن يزيد "أبناء التحالف العربي" إلا عزماً على النصر المظفر
ولم يكن خافياً على السعودية والإمارات والبحرين، ما بين قطر والحوثيين من اتصال بدأ عام 2004 ولم ينتهِ إلى الآن، وربما في تصاعد، حيث تدخلت الدوحة، وبإيعاز من إيران، مرات عدة لإنقاذ الحوثيين من هزائم منكرة على يد الجيش وقت حكم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، المتعاون حالياً، مع ميليشيات الحوثي في سبيل العودة بأي ثمن إلى السلطة حتى ولو كان ذلك على حساب عروبة اليمن ومصالح أهله الكرام.
كانت الدوحة وكما تؤكد التقارير تقدم رشاوى مالية ضخمة لصالح وللحوثي على السواء، وتسضيف قادة الحوثيين في الدوحة، ليبقى الحوثيون على قيد الحياة السياسية والعسكرية، أملاً في استخدامهم شوكة في ظهر المملكة العربية السعودية، التي كانت قطر تمدحها في العلن وتطعن ظهرها في الخفاء، ثم توظيفهم فيما بعد انتفاضة الشعب اليمني في 2011 كجسر عريض لوصول الحرس الثوري الإيراني بقوة إلى جزيرة العرب، بما يهدد مصالح كل دول الخليج، وبلا استثناء، حتى بما في ذلك مصالح الشعب القطري الشقيق على المدى البعيد، وهذا يؤكد ما ذهب إليه معالي أنور قرقاش في إحدى تغريداته، حيث قال: "شتان بين من انتقى نهج الصدق والاحترام والثقة وكسب الشقيق والشريك، وبين من اختار غير هذا الطريق".
إن شعوب دول التحالف العربي على وجه الخصوص، والشعوب العربية والإسلامية بشكل عام، لا يمكنها أن تنسى للمتآمرين ممن يحكمون أمام وخلف الستار كل هذه المكائد والتي وصلت إلى حد يثير الغضب والاشمئزاز في آن واحد، حينما قدمت قطر، وكما تابعنا في وسائل التواصل الاجتماعي، والتي نتمنى ألا تكون صحيحة، معلومات وبيانات خطيرة إلى الحوثي ساعدته على النيل أحياناً من قوات التحالف العربي، وهذا لو كان صحيحاً غدر لا مثيل له، وخروج تام على ميثاق مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وميثاق جامعة الدول العربية، وضرب بحقوق الجيرة والأخوة عرض الحائط، وإضرار بالغ بمصالح الشعوب.
ليعلم حكام الدوحة وقادتها الجدد، وخاصة من يحكم خلف الستار، أن لعبتهم باتت مكشوفة عياناً بياناً، وأن كيدهم سيرتد إلى نحورهم، وأن ما يدبرونه بليل لن يزيد "أبناء التحالف العربي" إلا عزماً على النصر المظفر، ليس في اليمن فحسب، بل في كل العالم العربي، حين يصلحون ما أفسده حكام الدوحة في بلاد ساهموا في سقوطها في فخ الفوضى والاضطراب، وجعلوا أهلها ما بين قتلى ومصابين ومشردين وضائعين كما هو الحال في سوريا وليبيا والعراق والبحرين ومصر. وأخيراً نقول لمن يحكم أمام وخلف الستار في قطر "أه.. لو كان ذلك صحيحاً....".
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة