قصة صفقة.. أزمة تضم كاكا إلى "جلاكتيكوس" الريال الثاني
حكايات انتقال اللاعبين بين الأندية تمتلئ بالعديد من القصص المثيرة، علما بأن سوق التعاقدات أصبح من العلامات الرئيسية في كرة القدم
تعج حكايات صفقات انتقال اللاعبين بين الأندية بالعديد من القصص الغريبة والمثيرة، علما أن سوق التعاقدات أصبح من العلامات الرئيسية في كرة القدم الحديثة.
"العين الرياضية" تستعرض في التقرير التالي، أحد الصفقات المثيرة التي حدثت بالقرن الـ21، بالنظر إلى السيناريو الذي صاحبها، وهنا الحديث عن صانع الألعاب البرازيلي كاكا وانتقاله من ميلان الإيطالي إلى ريال مدريد الإسباني.
صفقة "فول سوداني"
بدأ البرازيلي ريكاردو كاكا مسيرته مع نادي ساو باولو، حتى تم تصعيده للفريق الأول عام 2001، لتظهر موهبة كبيرة، جذبت أنظار كبار الأندية الأوروبية ومن بينهم ميلان.
استمر كاكا في ساو باولو من 2001 إلى 2003، وهي فترة تخللتها تتويجه مع منتخب البرازيل بكأس العالم 2002، علما أنه لم يلعب دورا كبيرا في البطولة، حيث ظل معظم الأوقات على دكة البدلاء، إذ اكتفى بالمشاركة لمدة 25 دقيقة فقط خلال الانتصار على كوستاريكا بدور المجموعات بنتيجة 5-2.
قرر كاكا في صيف 2003 الرحيل وخوض تجربة الاحتراف الأوروبية، وبعد منافسة من عدة أندية، استطاع ميلان الحصول على توقيع اللاعب البرازيلي مقابل 8.5 مليون يورو.
حصول ميلان على كاكا بهذا المبلغ الزهيد، بالنظر لموهبته الكبيرة، دفع سيلفيو بيرلسكوني مالك النادي اللومباردي، لوصف صفقة انتقال اللاعب لفريقه بـ"الفول السوداني".
مسيرة كاكا مع ميلان كانت استثنائية ورائعة، حيث استطاع خلال الفترة من 2003 إلى 2009، قيادة الفريق إلى تحقيق 5 بطولات محلية وقارية بواقع الدوري الإيطالي والسوبر المحلي، فضلا عن دوري أبطال أوروبا والسوبر الأوروبي وكأس العالم للأندية.
الظفر بدوري أبطال عام 2007، ولعب كاكا دورا رئيسيا في تتويج ميلان به، جعله يحصل في نفس السنة على جائزة أفضل لاعب في العالم المقدمة من الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" وأيضا جائزة الكرة الذهبية التي تمنحها مجلة "فرانس فوتبول".
كل ذلك جعل كاكا النجم الأول بل والأوحد بين جماهير "الروسونيري"، لدرجة أنها تقوم بالغناء له خصيصا في المباريات التي يحتضنها ملعب الفريق "سان سيرو".
ولكن، منذ العام 2008، بدأ ميلان يواجه مصاعب اقتصادية كبيرة، جعلته في أزمات تخص القدرة على ضم أسماء كبيرة، أو تحمل تكلفة رواتب اللاعبين الكبار، وهو ما جعل أعين كبار القارة الأوروبية تبحث استغلال الأمر، لضم نجوم النادي اللومباردي وعلى رأسهم كاكا.
حاول مانشستر سيتي في يناير/ كانون الثاني 2009 ضم كاكا، حتى أن هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" ذكرت أن قيمة العرض المقدم من النادي السماوي بلغ 112 مليون يورو.
شعرت جماهير ميلان بقلق شديد، خاصة مع علمها بالأزمة المالية التي تحاصر النادي، غير أن كاكا خرج في تصريحات صحفية، وأكد رغبته في الاستمرار مع "الروسونيري" حتى الاعتزال، وأن من أحلامه ارتداء شارة قيادة الفريق في المستقبل.
بدورها، أوضحت إدارة ميلان على لسان أومبرتو جانديني المدير الرياضي بأن النادي مستعد للتفاوض مع مانشستر سيتي، حال كان هناك قبول من جانب كاكا للفكرة، وتم التوصل لاتفاق بينه وبين الجانب الإنجليزي.
شعر كاكا أن النادي لا يريده، ليخرج في تصريحات مفاجئة، قائلا: "إذا أراد ميلان بيعي، فسأجلس وأتحدث مع مانشستر سيتي، كل يمكنني قوله الآن، أنه طالما لم يقرر النادي بيعي، سأبقى بالتأكيد".
تصريحات كاكا، جعلت جماهير ميلان تخرج في مظاهرات خارج مقر النادي وأمام منزل اللاعب، وهو ما دفعه بعد تعد] التظاهرات إلى الخروج من شرفة منزله حاملا قميص النادي، ومؤكدا رغبته في الاستمرار.
ونتيجة لتلك التطورات، خرج بيرلسكوني في تصريحات صحفية وأعلن إنهاء المفاوضات مع مانشستر سيتي، وبقاء اللاعب في النادي، لتسعد الجماهير بهذا القرار مع أن العالمين ببواطن الأمور يدركون أن الأزمة الاقتصادية التي ضربت ميلان، ستدفع "الروسونيري" في النهاية للتخلي عن جوهرته.
دخول ريال مدريد
أنهى ميلان موسم 2008-2009 في المركز الثالث المؤهل لدوري أبطال أوروبا، ورحل المدرب كارلو أنشيلوتي صوب تشيلسي، ليكون ذلك بمثابة إشارة على قرب مغادرة النجم الأول كاكا.
في تلك الأثناء، كانت هناك إدارة جديدة لريال مدريد برئاسة العائد فلورنتينو بيريز، الذي قدم وعودا ببناء فريق كبير قادر على استعادة الأمجاد بعد خوض الريال موسم 2008-2009 بشكل كارثي، حيث خرج خالي الوفاض من الألقاب، وتلقى هزيمة مذلة على أرضه من الغريم الأزلي برشلونة بنتيجة 2-6.
جماهير الريال كانت واثقة من وعود بيريز، خاصة وأن له سوابق فيما يخص ضم النجوم كما حدث في حقبته الرئاسية الأولى، والتي عرفت بكتيبة الأحجار الكريمة "جلاكتيكوس"، وذلك بالتعاقد مع البرتغالي لويس فيجو والفرنسي زين الدين زيدان والبرازيلي رونالدو والإنجليزي ديفيد بيكهام.
كاكا كان من بين أولويات بيريز في ميركاتو صيف 2009 لصنع فريق من النجوم الكبار، إلى جانب البرتغالي كريستيانو رونالدو، والفرنسي كريم بنزيمة ولاعب الوسط الإسباني تشابي ألونسو.
وبالفعل، يوم 3 يونيو/ حزيران 2009، تقدم ريال مدريد بعرض كبير لضم كاكا من ميلان بلغت قيمته 68.5 مليون يورو، وخرج أدريانو جالياني نائب رئيس النادي، وأكد المفاوضات بين الطرفين.
في ذلك الوقت، كان كاكا في معسكر منتخب البرازيل استعدادا لخوض كأس القارات، ليقوم جالياني بعقد جلسة غداء مع اللاعب ووالده، لبحث الأمر، وإبلاغه بظروف النادي الاقتصادية الصعبة، وأنه مستعد للموافقة على رحيله.
عقب تلك الجلسة، وتحديدا يوم 8 يونيو، أعلن ميلان بشكل رسمي موافقته على رحيل كاكا صوب ريال مدريد مقابل 67 مليوني يورو، إثر محادثات بين الطرفين على قيمة الصفقة.
جالياني أكد في تصريحات لصحيفة "لاجازيتا ديلو سبورت" الإيطالية، أنه مجبر على الموافقة على رحيل كاكا، قائلا: "لا يمكننا السماح بأن يخسر ميلان هذا المبلغ الضخم في مثل تلك الظروف، أؤكد أن سبب رحيل كاكا يعد اقتصاديًا بشكل كامل".
رحل كاكا عن ميلان بعد أن سجل 95 هدفا وصنع 78 هدفا في كل البطولات، ليخوض تجربة مع الملكي، ولكنها لم تكن بالنجاح المرجو، رغم أنه استطاع التتويج ببطولات الدوري الإسباني وكأس الملك والسوبر المحلي، لكن عدد أهدافه في فترته مع الريال بين 2009 و2013 بلغ 29 فقط، وهو لا يقارن أبدا بما حققه مع "الروسونيري".
أسباب عديدة وراء عدم تحقيق كاكا للنجاح المرجو في ريال مدريد منها الإصابات الكثيرة وأيضا عدم قناعة المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو حينها بمستواه نتيجة للإصابات.
هذا الأمر، دفع كاكا في صيف 2013 للعودة لميلان في صفقة انتقال مجاني وبعقد مدته موسمين، غير أنه لم يستطع التأقلم على الوضع الجديد للنادي الذي يعاني من فقر في المواهب وأزمة اقتصادية كبيرة، ليرحل في صيف 2014 صوب أورلاندو سيتي الأمريكي، مستغلا بند في عقده مع ميلان يتيح فسخه حال عدم التأهل لدوري أبطال أوروبا.
انتقل كاكا إلى أورلاندو سيتي، ثم قرر بنفس العام الرحيل معارا لناديه الأول ساو باولو، ليعود بعد ذلك للفريق الأمريكي، الذي استمر معه حتى أعلن في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2017، اعتزاله اللعب نهائيا.
aXA6IDE4LjIyNi4yMjYuMTUxIA==
جزيرة ام اند امز