هل الوقت مناسب لاستقلال كردستان العراق
الكاتب الصحفي الكردستاني "فائق يزيدي" يقول إن إدارة الدولة ليست مثل إدارة إقليم فيدرالي
للمرة الثانية، أعلن مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان، رفضه طلب جامعة الدولة العربية بتأجيل الاستفتاء على استقلال الإقليم عن العراق المزمع إجراؤه في 25 سبتمبر/أيلول الجاري.
جاء ذلك في لقاء بارزاني مع أحمد أبوالغيط، الأمين العام للجامعة العربية، والذي زار أربيل السبت عقب زيارته بغداد.
- بارزاني يرفض للمرة الثانية طلب الجامعة العربية تأجيل استفتاء كردستان
- بارزاني يكشف إجراءات ما بعد الاستفتاء ويضع شرطا لتأجيله
ووفق بيان صادر عن رئاسة إقليم كردستان، فإن أبوالغيط قال إن هدف زيارته الحصول على رد على الرسالة التي سبق أن أرسلها لبرزاني مطالبا فيها بتأجيل الاستفتاء.
وأعرب عن أمله في الوصول إلى "قرار يؤكد ويضمن حماية شعب كردستان، وفي الوقت ذاته أن يعمل الجميع من أجل منح كردستان والعراق فرصة أخرى للعيش المشترك معا في دولة واحدة".
وفي هذا الصدد، طلب تأجيل الاستفتاء "لفترة مؤقتة، شريطة أن يُقام في وقت لاحق تحت رعاية وإشراف المجتمع الدولي وبتفاهم وحوار متواصل بين إقليم كردستان وبغداد".
من جانبه قال الكاتب الصحفي الكردستاني فائق يزيدي إن هذه تعد المرة الأولى التي يقرر فيها إقليم كردستان إجراء الاستفتاء بشكل رسمي، وسبق ذلك استفتاء رمزي أقامته منظمات مدنية في 2005، وهو كما هذا الاستفتاء لم يكن ملزماً، لذلك لم يؤخذ بالنتائج، وهذه المرة الوضع مختلف، فالاستفتاء يأتي بعد 14 عاما على بناء العراق الفيدرالي، ويأتي نتيجة طبيعية للمستجدات التي تشهدها المنطقة بشكل عام وليس العراق وحده.
وأضاف يزيدي، لـ"بوابة العين" الإخبارية، أنه من حيث المبدأ الاستفتاء على تقرير المصير حق طبيعي لشعب كردستان، وتكفله المواثيق والمعاهدات الدولية، منها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وميثاق جنيف، لكن هذه المرة في إقليم كردستان هناك ظروف داخلية أدت إلى وجود اختلافات وليس خلافات بين القوى السياسية في الإقليم حيال الاستفتاء، ولم يصل إلى درجة المتاجرة من قبل بعض القيادات، إنما الإقليم يمر بظروف اقتصادية صعبة، وخرج لتوه من الحرب ضد تنظيم "داعش" الإرهابي، فضلا عن حالة الجمود في العملية السياسية، (برلمان معطل، خلاف على قانون رئاسة الإقليم)، أوجدت حالة الاختلاف بين القوى السياسية.
وأوضح أن الاستفتاء مسألة وطنية قومية، تحتاج إلى إجراء عبر بوابة البرلمان، وأن يتخذ القرار تحت قبته، ويصدر قانون من البرلمان بذلك، فكما في عام 1992 أقر البرلمان النظام الفيدرالي من جهة واحدة مع العراق، يجب أن يكون الاستفتاء أيضا عبر البرلمان وبقرار منه، وهنا نقطة الخلاف الرئيسية بين القوى السياسية، وهي حاليا تتجه إلى الحل، فهناك حوارات مستمرة، وهناك بوادر لحل الأزمة وفق توافق سياسي بين القوى السياسية الكردستانية، تقضي بالأخير إلى تفعيل البرلمان، الذي هو بدوره سيقرر إجراء الاستفتاء أم يتم تأجيله، أما إجراءه دون قرار من البرلمان فسيجعله يفتقد للإجماع الوطني والسياسي.
وأشار يزيدي إلى أنه حتى اللحظة جميع المواقف الإقليمية والدولية متباينة حيال الاستفتاء، فتركيا وإيران تحديدا ضد الاستفتاء، سواء جرى هذا الشهر أو بعد 100 عام، أما المواقف الغربية فترى التوقيت غير مناسب، وهذا أيضا بلا شك مرتبط بمصالحها، فالولايات المتحدة خاصة في فترة حكم دونالد ترامب لن تقبل باستقلال كردستان ما لم يكن متوافقاً ومتناغماً مع مصالحها ومخططاتها للمنطقة برمتها، فالغرب يعمل على إعادة رسم خارطة المنطقة، وهذه السياسة الغربية جاءت نتيجة طبيعية لما حدث في المنطقة من ما سمي بثورات الربيع العربي.
وأكد أن بعض مقومات الدولة موجودة من ثروات ونظام سياسي قائم، لكن ما يحتاج إليه الأكراد هو كيفية إدارة ذلك، وهذا يتطلب تغييرا في العقلية السياسية، وبكل الأحوال إدارة الدولة ليست مثل إدارة إقليم فيدرالي، وللوصول إلى الدولة في حاجة إلى مفاوضات طويلة مع الحكومة الاتحادية في بغداد، وإنضاج حقيقي للأرضية التي ستبنى عليها الدولة، خاصة في الجانبين السياسي والعسكري، فلن يستطيع الأكراد إعلان دولة دون تحالف استراتيجي مع قوى عظمى، وهذا حتى الآن لم يحدث، كل ما هنالك من علاقات مع الولايات المتحدة والغرب آنية، ومرتبطة بظروف الحرب ضد داعش ولا يمكن البناء عليها، وفي الجانب العسكري حتى الآن لا يملك الأكراد جيشاً نظامياً يستطيع أن يحفظ به الأمن على الأرض والجو، وهذا بحد ذاته مشكلة كبيرة وعقبة رئيسية في وجه بناء الدولة.
وشدد على أن الأكراد في حاجة في الوقت الحالي إلى ترسيخ وجودهم وتثبيت دعائم الدولة بشكل صحيح، وحينها فقط يمكننا إعلان الاستقلال حتى دون استفتاء.