يأتي عام 2024 إلى منطقة الساحل مصحوباً بتحديات سياسية تلوح فيها تغييرات حكومية في عدة دول في غرب أفريقيا ومنطقة الساحل.
ومع ذلك، ليس من الواضح تماماً ما إذا كانت هذه التحولات ستؤدي إلى تحسينات كبيرة في الحرب ضد الإرهاب.
وفي مالي، بعد انقلاب 24 مايو/أيار 2021، من المتوقع إجراء الانتخابات الرئاسية هذا العام. ورغم مرور 3 سنوات على الانقلاب، كان من المفترض أن تتغلب البلاد على التحديات التي تواجهها.
والحقيقة هي أن مالي لا تزال تواجه مشاكل مستعصية تتمثل في الإرهاب والفساد، مع انعدام أي مؤشرات على وجود حلول قصيرة الأجل.
وطردت البلاد القوات الفرنسية والدولية وقوات الأمم المتحدة، معتبرة أن هذا الإجراء هو المفتاح لحل مشاكلها.
ومع ذلك، فإن التوقعات محبطة، ويثير غياب التعاون الدولي تساؤلات حول قدرة مالي على التصدي بفاعلية للتحديات الأمنية والعسكرية التي تواجهها.
وفي موريتانيا، من المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية في 2 يونيو/حزيران 2024. وعلى الرغم من عدم تأثر البلاد بشكل مباشر بالإرهاب، إلا أنها تواجه وجود جماعات إرهابية مثل تنظيم "القاعدة".
وأحدث مثال على ذلك ما وقع في مقاطعة جاكني، حيث تم التأكد في أواخر سبتمبر/أيلول الماضي من وصول مجموعة مسلحة من تنظيم "القاعدة" في مالي إلى مركز بلدية أفيرني في وضح النهار.
وكان مواطن محلي قد طلب تدخل تنظيم "القاعدة" لحل نزاع عقاري مع أحد سكان المدينة. ومن المثير للقلق أن النزاعات المدنية يمكن حلّها من خلال الجماعات الإرهابية.
وفي تشاد، تولّى محمد إدريس ديبي السلطة في 20 أبريل/نيسان 2021 بعد وفاة والده في القتال.
وعلى الرغم من تحديد فترة 18 شهراً في البداية للانتقال إلى السلطة المدنية، إلا أنه في 1 يناير/كانون الثاني الجاري، عيّن محمد إدريس ديبي إتنو زعيم المعارضة السابق، سوسيس ماسرا، رئيساً للحكومة.
وكان ماسرا قد عاد من المنفى في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وتستمر مهمته لقيادة الحكومة حتى الانتخابات الرئاسية.
وفي حالة تشاد، يبدو أن ديبي يلبي الاحتياجات المستقبلية للبلد، وهي ليست سهلة على الإطلاق، كونه محاطاً ببلدان متأثرة بالإرهاب.
وفي غينيا كوناكري، قاد العقيد دومبويا، في 5 سبتمبر/ أيلول 2021، انقلاباً عسكرياً أطاح بنظام الرئيس السابق.
وعلى الرغم من الضغوط الدولية لإعادة السلطة اعتباراً من يناير/كانون الثاني 2023، كان من الضروري انتظار خطاب العقيد دومبويا في نهاية العام لمعرفة خطته: إجراء استفتاء دستوري في عام 2024، على الرغم من عدم تحديد تاريخ لذلك.
وفي حين أنه من المعقول أن العقيد الغيني يدافع عن مصالح بلاده، فإن عدم التعاون مع الدول الأخرى يثير المخاوف.
وقد اعترف المدعي العام في المحكمة الابتدائية علناً بوجود إرهابيين في غينيا، وخاصة في مناطق مثل كانكان ومانديانا.
ومع ذلك، فإن السلطات تقلل شأن ذلك من خلال اعتبار هذه المناطق مناطق عبور بسيطة، مما يضمن أن الإرهابيين لن ينفذوا سوى أنشطة في مناطق التعدين ولن يبقوا في البلاد.
وتشير وجهة النظر هذه ضمناً إلى أن غينيا كوناكري قد تتحول إلى مكان يمول فيه الإرهابيون وينظمون أنفسهم دون قيود، ما داموا لا يهددون البلاد بشكل مباشر.
ويثير هذا الموقف تساؤلات حول مسؤولية غينيا كوناكري ودورها في مكافحة الإرهاب الإقليمي.
ورغم أن السنغال تستعد لإجراء الانتخابات في عام 2024، إلّا أن الوضع الداخلي يكشف واقعاً مختلفاً عن الخطاب الرسمي الذي لا يتطرق إلى كلمة "الإرهاب".
ومن داخل البلاد، تثير التحذيرات بشأن وجود خلايا إرهابية نائمة القلق، مما يسلط الضوء على العلاقة الواضحة بين الفقر والتطرف.
وتشير التحقيقات إلى وجود صلة مباشرة بين هذه الخلايا و"كتيبة ماسينا" في مالي، وهي فصيل من تنظيم "القاعدة" الإرهابي، يستقبل مقاتلين شباب من السنغال.
ويشكل هذا الارتباط تهديداً خطيراً، لأن التطرف الداخلي قد يؤدي إلى تغذية النشاط الإرهابي في المنطقة.
وفي هذا السياق، لن تكون انتخابات 2024 في السنغال ممارسة ديمقراطية فحسب، بل ستكون أيضاً فرصة حاسمة لمعالجة هذه التحديات وتعزيز الأمن الوطني.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة