قبل موسم المدارس.. أزمة الرواتب تصيب أسواق غزة بالكساد
القدرة الشرائية في غزة انخفضت لحدود غير مسبوقة، والقطاع يشهد انهيارا اقتصاديا تاما.
لم تفلح تخفيضات الأسعار التي أعلنها غالبية التجار في قطاع غزة في إنعاش حركة الأسواق قبل أيام من انطلاق العام الدراسي، الذي يمثل موسما مهما للعديد من القطاعات التجارية.
وقال علاء حمدان صاحب محل ملابس "يفترض أن موسم المدارس يشهد عادة رواج، لكن قبل 5 أيام من الدراسة لا يوجد أي حركة شرائية، فالأوضاع الاقتصادية صعبة، والناس خرجت من عيد وأزمة الرواتب لا تزال حاضرة".
وأضاف حمدان لـ"العين الإخبارية" "خفضنا الأسعار للحد الأدنى كي نستطيع أن نجمع دفعات لتجار الجملة لكن دون جدوى، فالبيع قليل، والكل يعول الآن على نزول الرواتب".
والسبت المقبل 24 أغسطس/أب الجاري يعود أكثر من 500 ألف طالب وطالبة إلى مقاعد الدراسة في قطاع غزة، بالمدارس الحكومية والأونروا وأعداد قليلة في المدارس الخاصة.
وعادة ما يبدأ التجهيز للمدارس قبل أسابيع، لشراء الزي المدرسي (موحد في المدارس) والحقائب المدرسية المختلفة.
وأكد محمد سلامة، بائع للزي المدرسي، لـ"العين الإخبارية" "أنا أعمل حسب المواسم، اشتريت بضاعة بنحو 3000 دولار، بنظام التقسيط، ولكن فوجئت بأن الحركة الشرائية دون أي توقع".
وعبر عن أمله أن ترفع الحكومة نسبة الراتب هذا الشهر لتمكين الموظفين من شراء احتياجاتهم.
وتدفع الحكومة الفلسطينية منذ عدة أشهر نحو 60% من قيمة الراتب لموظفيها، فيما تدفع حماس هي الأخرى نحو 45% من قيمة رواتب موظفي حكومتها بغزة الذين يقدر عددهم بـ40 ألف موظف.
وبعد جولة في الأسواق قرر أدهم عبدالله، مدرس لديه 6 أبناء، إرجاء شراء المستلزمات المدرسية لأبنائه انتظارا لقبض راتبه نهاية الشهر الجاري.
وقال عبدالله لـ"العين الإخبارية": "الأسعار في متناول اليد تقريبا، لكن لا توجد لدي سيولة، وتكلفة تجهيز 6 طلاب تصل إلى نحو 1200 شيكل (الدولار 3.5)، وهو قيمة الدفعة التي أتقاضاها من راتبي".
وعبر عن مراراته من الأوضاع "مررنا بأشهر صعبة استنزفت كل شيء، فمن شهر رمضان لعيد الفطر لعيد الأضحى وموسم المدارس، وفوق كل ذلك نحن لا نتلقى رواتب مكتملة وكذلك غير منتظمة".
وأشار إلى أنه كان في السابق يبدأ التجهيز بأريحية لأنه كان لديه فائض في الراتب، أما اليوم فبالكاد الدفعة التي يستلمها تكفي معيشته، منبها بأنه اتفق مع أبنائه على تقليص المشتريات، واعتماد ملابس وحقائب العام الماضي مع صيانتها، من باب التوفير.
وإذا كان عبدالله ينتظر راتبه، فإن عشرات الآلاف ليس لهم أي دخل يوفرون منه احتياجات أبنائهم، وينتظرون ما توزعه الجمعيات الخيرية، أو ما يجود به أقارب وأصدقاء لهم.
وتفرض إسرائيل حصارا على قطاع غزة منذ عام 2006، ولكنها شددته منتصف 2007 عقب سيطرة حماس بالقوة عليه، ومنذ ذلك الوقت يشهد القطاع تدهورا اقتصاديا وإنسانيا متصاعدا تفاقم عام 2017.
وبعد 13 عاما من الحصار، وصلت نسبة الفقر في قطاع غزة إلى 53% والبطالة إلى 54% مع تدهور اقتصادي مس كل جوانب الحياة.
وخلال جولة في أسواق القطاع يمكن بوضوح مشاهدة العروض الكبيرة للملابس المدرسية والحقائب، وحركة المبيعات المحدودة.
ويؤكد الدكتور ماهر الطباع الخبير الاقتصادي ومدير الإعلام في الغرفة التجارية بغزة، لـ"العين الإخبارية"، أن القدرة الشرائية في قطاع غزة انخفضت إلى حدود غير مسبوقة، وفعليا يشهد القطاع ما يمكن وصفه بالانهيار الاقتصادي التام.
ويوضح الطباع أن معدلات البطالة في قطاع غزة بلغت 46%، في حين بلغ عدد المعطّلين عن العمل نحو 216 ألف شخص، ومع استمرار الوضع على ما هو عليه فمن المتوقع أن تزيد معدلات البطالة خلال الربع الأخير من عام 2018 زيادة غير مسبوقة.