بالوثائق.. كيف دعم صنع الله مليشيات ليبيا في 8 أعوام؟
لم تكن رحلة مصطفى صنع الله، رئيس المؤسسة الوطنية الليبية للنفط، المقال للبقاء الطويل ممكنة لولا الدعم المتبادل بينه وبين مليشيات ليبية.
صنع الله الذي جاء إلى المنصب في مايو/أيار 2014 بشكل غير شرعي، كان يدرك أن بقاءه في المنصب مهددا فعمل على استمالة التنظيمات المتطرفة ودعمها بالمال بشكل غير مباشر، أو بالتحايل على القانون وفقا لمصادر في قطاع النفط ووثائق، خاصة.
"العين الإخبارية" تكشف في التقرير التالي شهادات مصادر في قطاع النفط الليبي ووثائق عن كيفية تقديم صنع الله الدعم للمليشيات واستفادته منها للبقاء في منصبه.
دعم "تنظيم الدروع"
وبتحكمه في النفط الليبي أنفق صنع الله من عائداته حيث يشاء، وتورط في دعم الجماعات التكفيرية المعروفة بـ"الدروع" في كافة مدن ليبيا.
فرغم رفضه إيداع عائدات النفط في المصرف المركزي الليبي إلا أنه سيل 900 مليون دينار ليبي عام 2014، وفقا لقرار رئيس ما يعرف بـ"المؤتمر الوطني" حينها نوري بوسهمين، بدون التصويت عليه من أعضاء المؤتمر الوطني.
وكشفت مصادر في قطاع النفط لـ"العين الإخبارية" تفاصيل عملية التمويل والتي تقدر بـ900 مليون دينار ليبي.
وأكدت المصادر أن "صنع الله وفي فترة حكومة علي زيدان والمؤتمر الوطني برئاسة نوري بوسهمين، أنفق ميزانية استثنائية خاصة بعد خطف المليشيات لرئيس الحكومة حينها علي زيدان وزيارة بوسهمين له، وضغط المليشيات بقيادة صلاح بادي".
وأوضحت المصادر، التي فضلت عدم ذكر اسمها، أن "الميزانية ممولة من أموال المؤسسة الوطنية للنفط بغطاء من وزير النفط في هذه الحكومة عبدالباري العروسي والذي حولها إلى المصرف المركزي ومنها تنظيم الدروع مباشرة".
تعيينات بقطاع النفط
كما عمل صنع الله على زيادة تمثيل تنظيم الإخوان والمليشيات في قطاع النفط الليبي، لضمان بقائه في منصبه، خاصة مع سيطرة تلك التنظيمات الإرهابية على الغرب الليبي، فقام بتعيين أكثر من 100 مستشار أغلبهم من تيارات الإسلام السياسي خاصة النافذين لدى المليشيات.
وتكشف وثيقة حصلت عليها "العين الإخبارية" أن "صنع الله قام بتعيين عبدالباري العروسي، وزير النفط السابق، والوسيط بين صنع الله في بداياته وبين تنظيمات الإسلام السياسي، مستشارا بإحدى الشركات النفطية، بالمخالفة للقانون، وبحسب نص الوثيقة فإنه تم استحداث الوظيفة من أجله شخصيا.
ولم يكتف صنع الله بذلك بل كلف المليشيات التي تسيطر على المؤسسات النفطية بحمايتها والتي قامت بعمليات التهريب وبعضها مطلوب دوليا مثل مهرب الوقود محمد كشلاف وآخرين، والذين عملوا على حماية صنع الله في مقابل السماح لهم بالعمل.
وهذا الأمر عبر عنه مراقبون لعقوبات الأمم المتحدة في تقرير لهم أن ما حدث جراء غياب التطبيق الشامل للحظر والطلب المرتفع للغاية على العتاد (الأسلحة) والموارد والدعم المتاح للأطراف المتحاربة لشراء العتاد يشير إلى أن استمرار الاتجار غير المشروع على نطاق واسع أمر لا مفر منه".
وحينها حثت اللجنة مجلس الأمن على تشكيل قوة بحرية دولية "لمساعدة الحكومة الليبية في تأمين مياهها الإقليمية لمنع دخول وخروج الأسلحة من ليبيا ولمنع التصدير غير المشروع للنفط الخام ومشتقاته والموارد الطبيعية الأخرى".
حرق وثائق
واستخدم صنع الله المليشيات في كافة الأعمال غير الشرعية من بينها -وفقا لاتهامات أجهزة أمنية ليبية مختلفة- الوقوف وراء تفجير مؤسسة النفط 2018، أثناء سفره بالخارج لحرق أرشيفها من عقود ومستندات عن احتساب مخزون كميات النفط ومنظومة المبيعات النفطية، وحقوق الشركاء الأجانب.
ورغم ادعاء صنع الله أن تنظيم داعش الإرهابي هو المسؤول عن الحادث إلا أن تقرير لجنة الخبراء بالأمم المتحدة رفض ذلك، مؤكدا أن من نفذ هذا الفعل "مجموعة غير معلومة التبعية، وهو ما أثارته التحقيقات الأولية في الحادث خاصة مع سهولة وصول المهاجمين إلى قلب مبنى المؤسسة رغم كل الإجراءات الأمنية".
كما أكد التقرير أن "ما حدث ليس عليه بصمات تنظيم داعش، إذ لم يحدث نسف للمبنى ولكن حرق للمستندات وتدمير للمكاتب، والتنظيم لم يعلن تبنيه الحادث حتى اليوم".
نقل جرحى المليشيات
واتضحت هذه العلاقة بين صنع الله والمليشيات حينما قبل بنقل المصابين من صفوف المليشبات إبان حرب طرابلس 2019 عبر طيران المؤسسة الوطنية للنفط للعلاج بالخارج، في حين رفض طلبا مماثلا من الجيش الليبي، رغم مناداته مرارا بتجنيب المؤسسة وأصولها الصراع السياسي.
وتثبت وثائق أخرى، أن صنع الله كان قد أذن للطيران النفطي بشكل مكثف بنقل جرحى مجهولين تابعين لجماعات مسلحة مختلفة سقطوا في المواجهات ضد الجيش في طرابلس في حين رفض طالبا مماثلا لنقل جنود الجيش للعلاج بالخارج معتذرا بأنه يجب أن يقف قطاع النفط على الحياد.
إنشاء مليشيات موالية
لم يكتف صنع الله بهذا القدر من الدعم المتبادل مع المليشيات بل طلب بتشكيل قوة خاصة تابعة له بحجة تأمين المؤسسات النفطية وهو ما أكده في تصريح سابق لرويترز، عام 2019.
وقال صنع الله حينها إن الحل الأفضل لتأمين النفط كإجراء فوري بتوفير قوة مختلطة تتبع للمؤسسة الوطنية للنفط ضمن إطار أمني متفاوض عليه وبدعم من الأمم المتحدة.
نقل تبعية جهاز حرس المنشآت
هذا الحلم بأن تكون هنالك مليشيات تتبع صنع الله مباشرة ظل يراوده إلى أن حققه قبل أيام من عزله من منصبه عندما استشعر الخوف من إقالته.
ففي مطلع يوليو/تموز الجاري ووفقا لوثيقة حصلت عليها "العين الإخبارية" فإن صنع الله نقل تبعية جهاز حرس المنشآت النفطية للمؤسسة ليضمن ولاءهم له والوقوف في صفه في حال تمت إقالته.
وخلال إجازة عيد الأضحى المبارك قبل أيام، أقال رئيس الحكومة منتهية الولاية عبدالحميد الدبيبة صنع الله، مستغلا وجوده خارج ليبيا لأداء فريضة الحج.
وبحسب القرار، فإن الدبيبة عين مجلس إدارة جديد للمؤسسة الوطنية للنفط برئاسة فرحات بن قدارة، وهو آخر محافظ للبنك المركزي في عهد معمر القذافي، كما شكل بموجب القرار ذاته لجنة للاستلام والتسليم.
aXA6IDE4LjE5MS45Ny4yMjkg جزيرة ام اند امز