انقلاب سحر "العقوبات".. هل تتصدع هيمنة "الدولار"؟
الحرب المالية والاقتصادية الشاملة هي عنوان الصراع الدائر بين موسكو والغرب، وكافة الأسلحة متاحة، من بينها التخلي عن الدولار.
انتعاش الروبل
في 23 مارس 2022، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه أمر "بنك روسيا" بتطوير آلية لمدفوعات الغاز الطبيعي بالروبل في غضون أسبوع. وفي الوقت ذاته، شددت روسيا -التي وصفت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأعضاء الاتحاد الأوروبي بالدول غير الصديقة- إنها ستواصل توريد الغاز لتلبية الطلبات بحسب العقود المبرمة، على الرغم من اتخاذ عدد من الدول قرارات غير قانونية بتجميد أصول روسيا.
تأتي هذه الخطوة ردا على العقوبات التي فرضتها الدول الغربية على روسيا، ولرفع قيمة الروبل الروسي عالميا واستعماله بدلا من الدولار في تعاملاتها الخارجية مع الأخرى خاصة الدول التي أسمتها موسكو بالدول المعادية.
ونقل تلفزيون روسيا اليوم على لسان بوتين قوله "لا معنى لتوريد السلع الروسية للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وتلقي المدفوعات باليورو والدولار"، مؤكدا أن "موسكو اتخذت قرارها بالامتناع عن استخدام عملات الدول غير الصديقة في نقل الغاز".
وقد شكلت تصريحات الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ردودا واسعة سواء من الدول المستوردة للغاز مثل ألمانيا، أو على صعيد حركة الروبل في الأسواق. فبعد إعلان بوتين، قفز سعر الروبل مقابل الدولار بنسبة 8.27%، للمرة الأولى في نحو 3 أسابيع، ليتراجع سعر صرف الدولار بعد تعاملات الأربعاء، دون مستوى 95 روبلا.
وفي تعاملات صباح الخميس 24 مارس، ارتفع سعر صرف الروبل مقابل الدولار ليصل إلى 96.75 روبل بعد أن وصل لمستويات هبوط قياسية منذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا.
التخلي عن الدولار بالمعاملات التجارية
ولطالما يظهر سلاح إنهاء التعامل بالدولار الأمريكي في المبادلات التجارية وسط الحروب الاقتصادية والعقوبات الغربية والتي تبرز الولايات المتحدة في فرضها اعتقادًا منها لتحجيم الأزمات من التصاعد والتوصل إلى حلول.
بدأ هذا السلاح يبزغ في عام 2018، حينما أعلنت 4 دول اتجاهها للتخلي عن التعامل بالدولار الأمريكي، وأبرزها الصين وروسيا وتركيا وإيران.
من جانبها، رأت روسيا أنه من الأفضل إجراء معاملاتها التجارية بعملتها الوطنية، وبدأت ذلك النهج مع الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا.
بينما تهدف الصين من ذلك السلاح إلى تقليص هيمنة الدولار على التجارة النفطية. وقد أطلقت في مارس 2018 بورصة لعقود النفط الآجلة المقومة باليوان.
فيما أبدت تركيا في 2018 رغبتها في إجراء معاملاتها التجارية بالعملات الوطنية مع الصين وروسيا وأوكرانيا، بعدما فقدت الليرة التركية نحو 50% من قيمتها أمام الدولار منذ بداية ذلك العام.
أما فيما يتعلق بإيران، فقد تضمنت العقوبات الأمريكية التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترامب في أغسطس 2018، منع طهران من التعامل بالدولار، لتتفق بعدها إيران مع العراق على التعامل التجاري باليورو والعملات الوطنية.
وفي مارس 2021، جددت روسيا دعوتها لتقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي ونظم المدفوعات الغربية في مواجهة تصاعد العقوبات الأمريكية على روسيا.
واليوم، وبسبب العقوبات الغربية المفروضة على روسيا بسبب الحرب الدائرة في أوكرانيا، هناك تحالف يتشكل في الأفق بين الصين وروسيا ودول منظمة شنغهاي والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، بهدف التخلي عن الدولار.
وبحسب مدير المركز التحليلي الروسي الصيني، سيرجي ساناكوييف، ستوافق الصين بالتأكيد على زيادة التعاون مع روسيا، لأن "حزمة العقوبات تنتقل من المستوى الإقليمي إلى المستوى العالمي".
وقال ساناكوييف: "في الواقع، أصبح من الواضح الآن أن الغرب، حرّض على هذا الأمر لإعادة ضبط النظام المالي العالمي. وفي هذا السيناريو، فإن الصين هي التي تقف ضد الغرب وليس روسيا. لذلك، بالطبع، ستساعد بكين قدر الإمكان ليس لضمان عدم عزل روسيا، إنما لضمان أن تؤدي هذه السياسة بأكملها إلى العزل الذاتي للغرب نفسه. وهناك كل الأسباب لذلك. يبدو لنا كأن العالم كله الآن ضد روسيا. لكن في الواقع فقط أوروبا والولايات المتحدة. فهناك أيضا دول في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية. وسنرى في المستقبل القريب، من سينضم وإلى ماذا. من الواضح بشكل لا لبس فيه أن الصين وبقية دول منظمة شنغهاي للتعاون، والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، كلها دول قادرة معا، بتخليها عن نظام بريتون وودز، في الواقع، على تأسيس نظام خاص بها. وبعد ذلك ستكون هناك منافسة بين النظامين. وسيحدد الزمن أيهما أكثر استقرارا. ويبدو لي أنه النظام الشرقي".
قد تكون الميزة الرئيسية لهذا التعاون هي الانتقال إلى الدفع بالعملات الوطنية والتخلي عن الدولار.
مزيد من التفاعل بين بكين وموسكو قادر تماما على تعويض فصل روسيا عن نظام SWIFT، لأن لدى الدول حلولا خاصة بها في هذا المجال.
aXA6IDMuMTQyLjI0OS4xMDUg جزيرة ام اند امز