العلاقات السعودية الفرنسية.. صداقة عميقة تؤسس لشراكة استراتيجية
أبرز محطات تنمية العلاقات السعودية الفرنسية من خلال زيارات تاريخية حققت تقدما في مجالات التعاون المختلفة بين البلدين.
تتمتع العلاقات السعودية الفرنسية بقوة ومتانة وتاريخ حافل من التعاون المشترك بين البلدين عبر التاريخ، وهو ما يمهد لزيارة ناجحة للأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، الذي وصل إلى فرنسا، الأحد، في زيارة رسمية قادما من الولايات المتحدة الأمريكية، تهدف لتأسيس شراكة استراتيجية جديدة بين البلدين.
وسلطت وكالة الأنباء السعودية الضوء على أبرز محطات تنمية العلاقات المشتركة من خلال زيارات تاريخية متبادلة حققت تقدما في مجالات التعاون المختلفة بين البلدين والشعبين الصديقين.
وذكرت الوكالة أن أرشيف ذاكرة العلاقات السعودية الفرنسية يزخر بصور تجسد شراكة من أجل التنمية، وصداقة متينة، بين البلدين، تمضي قدما بقوة وثبات. وسجلت في مختلف الميادين خطوات رائدة وثبات، حيث تكتسب أهمية خاصة في ظل تسارع المتغيرات الدولية والإقليمية، لا سيما البعد السياسي؛ ما يتطلب تبادل الآراء وتنسيق المواقف بين المملكة العربية السعودية والدول الصديقة التي تتبوأ فيها فرنسا موقعا متميزا.
وأضافت أن سياسة البلدين الصديقين بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تهدف إلى الإسهام في تحقيق الأمن والاستقرار والسلام في العالم بشكل عام وفي المنطقة بشكل خاص، حيث تثبت الأحداث والتطورات في المنطقة عمق العلاقات السعودية الفرنسية من خلال التشاور المستمر بين قيادتيهما اللتين تعبران عن الارتياح التام، وتطابق وجهات النظر حيال الكثير من القضايا المشتركة والبحث لإيجاد حلول لمستجدات المشكلات في المنطقة.
وتشهد العلاقات السعودية الفرنسية التي بدأت بوادرها عام 1926 عندما أرسلت فرنسا قنصلا مكلفا بالأعمال الفرنسية لدى المملكة، ثم أنشأت بعثة دبلوماسية في جدة عام 1932م، وتوالت خطوات إرساء العلاقات حيث دخلت مرحلة جديدة ومتميزة عقب زيارة الملك فيصل بن عبدالعزيز لفرنسا عام 1967 ولقائه الرئيس الفرنسي شارل ديجول، ومثلت تلك الزيارة دعما وتطورا مستمرا ليشمل مجالات أرحب بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين وشعبيهما الصديقين.
وجرى خلال تلك الفترة المديدة من تاريخ العلاقات تبادل الزيارات بين قيادات البلدين، وكبار المسؤولين فيهما، مما شكلت حلقات في سلسلة توثيق وتطوير العلاقات بين المملكة وفرنسا وتنسيق الجهود بما يعود بالمصالح المشتركة، على المنطقة والشعبين الصديقين.
وفي عام 1986م افتتح خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود حينما كان أميرا لمنطقة الرياض والرئيس الفرنسي جاك شيراك، معرض المملكة بين الأمس واليوم في باريس تعرف الزائرون من خلاله على ماضي المملكة وتقاليدها وقيمها الدينية والحضارية ونموها الحديث ومنجزاتها العملاقة.
وزار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في 29 أبريل/نيسان 1997م، فرنسا التقى خلالها الرئيس جاك شيراك، ووقع مع عمدة باريس جان لييري ميثاق تعاون وصداقة بين مدينتي الرياض وباريس، والتقى عددا من كبار المسؤولين الفرنسيين.
وفي 5 مايو/أيار 2015م حضر الرئيس فرانسوا هولاند رئيس الجمهورية الفرنسية السابق افتتاح أعمال الاجتماع التشاوري الخامس عشر لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بالرياض، حيث يدعى للمرة الأولى رئيس دولة أجنبية لحضوره تقديرا من المملكة لفرنسا.
وتُبرز الزيارات المتبادلة بين المسؤولين العسكريين والأمنيين في البلدين تقارب وجهات النظر السياسية وتعزيز التعاون الأمني والعسكري بينهما، ويتمثل التعاون في هذا المجال في التدريب الأمني وتسليح القوات البرية والبحرية والجوية في المملكة، حيث وقعت المملكة العربية السعودية وجمهورية فرنسا في عام 2008 اتفاقية أمنية في مجال قوى الأمن والدفاع.
وبحسب الوكالة، تظهر الزيارة التي يقوم بها الأمير محمد بن سلمان إلى فرنسا كألماسة في عقد ثمين تطرز فيه العلاقات السعودية الفرنسية، مواصلةً توطيدها في مختلف المجالات وبما تشهده المملكة من تغيرات تصحيحية وتطويرية ولتعزيز آفاق التعاون التجاري والاستثماري والتقني بين البلدين في عدد من البرامج المشتركة والمشروعات التنموية وفق رؤية المملكة 2030، وفي مجالات الشراكة الاستثمارية القائمة، وتنويع القاعدة الاقتصادية.
وأضافت: كان لولي العهد عدد من الزيارات السابقة للجمهورية الفرنسية ولقاءات مع كبار المسؤولين في فرنسا أو في المملكة، ففي 13 أبريل/نيسان 2015 التقى الأمير محمد بن سلمان في الرياض وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس وتسلم في العام نفسه رسالة من وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان، فيما التقى بعدها بأيام بقصر الدرعية للمؤتمرات بالرياض الرئيس فرانسوا هولاند رئيس الجمهورية الفرنسية.
وفي شهر رمضان من العام ذاته، اجتمع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز في العاصمة الفرنسية مع وزير الشؤون الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، وفي اليوم ذاته رأس الأمير محمد بن سلمان المشرف على اللجنة التنسيقية الدائمة السعودية الفرنسية اجتماع اللجنة الأول بالعاصمة الفرنسية باريس، فيما رأس الجانب الفرنسي وزير الشؤون الخارجية لوران فابيوس.
كما شهد الأمير محمد بن سلمان في 24 يونيو/حزيران 2015 مع الرئيس فرانسوا هولاند رئيس الجمهورية الفرنسية في قصر الإليزيه بالعاصمة الفرنسية مراسم توقيع عدد من الاتفاقيات بين المملكة وفرنسا، وكذلك التقى وزير الدفاع واستقبل السفير الفرنسي لدى المملكة.
وعقد محمد بن سلمان في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2015، في الرياض اجتماعا موسعا مع وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان، بحثا خلاله أوجه التعاون بين البلدين خاصة في الجانب الدفاعي، وفي 28 يونيو/حزيران 2016 استقبل الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، في قصر الإليزيه الأمير محمد بن سلمان، استمراراً لاستعراض العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين والشراكة الاستراتيجية القائمة ومواصلة تطوير التعاون في إطار رؤية المملكة العربية السعودية 2030.
وفي اليوم نفسه عقد ولي العهد ورئيس الوزراء الفرنسي إيمانويل فالس اجتماعا في العاصمة الفرنسية باريس بحثا خلاله أوجه التعاون القائم بين البلدين الصديقين، والسبل الكفيلة بتطويرها في مختلف المجالات، كما التقى الأمير الشاب وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت بمقر وزارة الخارجية في باريس لاستعراض تطورات الأحداث في المنطقة، وعدد من المسائل المتعلقة بتقوية الشراكة بين البلدين الصديقين.
وفي اليوم التالي التقى الأمير محمد بن سلمان، خلال زيارته باريس، رئيسة لجنة الصداقة الخليجية الفرنسية بالبرلمان الفرنسي نتالي قولي، كما التقى رئيس مجموعة الصداقة السعودية الفرنسية بالبرلمان الفرنسي أوليفيه داسو تناولا علاقات الصداقة القائمة، ومواصلة تقويتها، لما فيه المصلحة المشتركة بين البلدين والشعبين، وزار مقر منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "اليونسكو" في باريس.
واجتمع مع المديرة العامة لمنظمة "اليونسكو" أرينا بوكوفا وكبار المسؤولين في المنظمة من أجل استعراض البرامج الثقافية السعودية في اليونسكو وتطوير التعاون مع المملكة بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030.
كما التقى ولي العهد في باريس ذلك اليوم، رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية كلود برتلون، ورئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالجمعية الوطنية الفرنسية إليزابيث قيقو، حيث تم التأكيد على متانة العلاقات المميزة بين البلدين والشعبين الصديقين.
وفي 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2016 التقى الأمير محمد بن سلمان في الرياض رئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي لشركة تاليس الفرنسية باتريك كاين، وتطرقا خلال اللقاء إلى رؤية المملكة 2030، في جوانبها الصناعية خاصة توطين الصناعات العسكرية، وما تتطلع إليه الرؤية في مجالات الأنظمة التقنية والتدريبية والخدمات المساندة.
واختتمت وكالة الأنباء السعودية تقريرها بالتأكيد على متانة العلاقات الثقافية السعودية الفرنسية، مشيرة إلى افتتاح معرض "روائع آثار المملكة" في متحف اللوفر الذي استمر شهرين، وكذلك فعاليات الأيام الثقافية السعودية في مقر اليونسكو بباريس التي تحكي سيرة المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها، والنهضة الثقافية والعلمية التي تطورت في المملكة حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن.
كما نوهت بحجم التعاون الاقتصادي بين البلدين، مشيرة إلى أن فرنسا من الدول المستهدفة في الخطة الترويجية للهيئة العامة للاستثمار، حيث تأتي في المرتبة الثالثة عالميا من حيث رصيد التدفقات الاستثمارية التي استقطبتها المملكة بإجمالي استثمارات تتجاوز 15 مليار دولار موزعة على 70 شركة فرنسية تستثمر حاليا في المملكة.
aXA6IDMuMTQxLjE5OC4xMyA=
جزيرة ام اند امز