حديث الأمير محمد بن سلمان لمجلة "تايم" الأمريكية بأنه من غير المرجح أن يكون الأسد خارج السلطة يكشف عن قراءة سعودية جديدة للأزمة السورية
حديث الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي لمجلة "تايم" الأمريكية بأنه من غير المرجح أن يكون الأسد خارج السلطة، معرباً عن أمله في ألا يصبح الأسد "دمية" في يد طهران، يكشف عن قراءة سعودية جديدة لواقع الأزمة السورية، خاصة في ظل المتغيرات الكثيرة التي حدثت في الساحة السورية خلال الفترة الماضية.
القراءة السعودية الجديدة للواقع الحاصل في ملف الأزمة السورية بعد التغييرات التي طرأت عليه، ربما تشكل أرضية خصبة لمرحلة جديدة من التفاهمات السعودية-الروسية، التي تشهد فيها العلاقة بين البلدين الكثير من التطورات بجانب تطابق الكثير من الأهداف فيما يخص ملف سوريا
في تقديري أن القراءة السعودية الجديدة للأزمة السورية جاءت بالنظر لثلاثة مستويات طرأت عليها الكثير من المتغيرات في الأزمة الأخيرة؛ المستوى الأول هو ميزان القوة على الأرض، الذي بات واضحاً أنه يميل أكثر لصالح النظام السوري، خاصة بعد أن أحكم النظام سيطرته على الغوطة الشرقية بنسبة 90% وهي التي تعد معقل المعارضة السورية وتتمتع بموقع استراتيجي وعسكري مهم بالنظر لمساحتها وكثافة سكانها وقربها من العاصمة السورية دمشق.
أما المستوى الثاني هو التغيير الذي طرأ على مواقف بعض الدول الداعمة للمعارضة السورية المسلحة ومنها تركيا، فالمتابع للأداء التركي في الأراضي السورية نجد أنه تحوّل بنسبة كبيرة على ما كان عليه في بداية الأزمة؛ فالأولويات التركية شهدت الكثير من المتغيرات، فلم يعد دعم المعارضة السورية من ضمنها بقدر ما أصبحت الحرب على الأكراد هي الهدف الرئيسي، وأيضاً أصبحت تركيا من داعم رئيسي للمعارضة السورية إلى ضامن لوقف إطلاق النار، وهو ما يكشف عن جوهر التغيير في الأولويات التركية.
أما المستوى الثالث، هو أداء الجيش السوري الحر؛ فالمتابع لأدائه يجد أن مرحلة دخول القوات التركية إلى عفرين حملت تغييرات كثيرة طرأت على أداء الجيش السوري الحر الذي تحوّلت بعض فصائله إلى مساندة القوات التركية، وهو ما يعني حصول تغييرات في أولويات بعض فصائل الجيش السوري الحر من المواجهة مع النظام إلى المواجهة مع الأكراد، وهذه الخطوة تكشف عن أن بعض فصائل الجيش السوري الحر تحوّلت إلى قوات تخدم الأطماع التركية، وليست كما كانت تخدم أهداف الثورة.
القراءة السعودية الجديدة للواقع الحاصل في ملف الأزمة السورية بعد التغييرات التي طرأت عليه، ربما تشكل أرضية خصبة لمرحلة جديدة من التفاهمات السعودية-الروسية، التي تشهد فيها العلاقة بين البلدين الكثير من التطورات، بجانب تطابق الكثير من الأهداف فيما يخص ملف سوريا، مثل مكافحة الإرهاب ووحدة سوريا والحفاظ على مؤسسات الدولة السورية ودعم الحل السياسي.
أيضا نجد أن وجود تفاهمات جديدة بين السعودية وروسيا، قد تكتب نهاية الوجود الإيراني في الأراضي السورية، خاصة في ظل تصاعد الخلاف الروسي-الإيراني، الذي وصل لمرحلة عالية جداً تخطت مستوى الأزمة الحالية لما بعدها، وهي مرحلة إعادة الإعمار، فقد كشف موقع "تابناك" الإيراني -المقرب من مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران- عن تفاهمات بين موسكو ودمشق لإقامة شركات اقتصادية تقصي بموجبها الشركات الإيرانية من النشاط الاقتصادي في مرحلة إعادة الإعمار في سوريا، وهذا يكشف عن موقف روسي آخر يأتي متطابقا إلى حدٍ كبير مع موقف السعودية الذي يدعو لعدم وجود مستقبل لإيران في الأراضي السورية.
الخلاف بين روسيا وإيران هو خلاف ليس جديدا، بل يعود إلى بداية الأزمة السورية، خاصة بعد التدخل العسكري الروسي في الأراضي السورية، فقد كشفت تقارير صادرة عن موقع "ميدل إيست أوبزرفر" عن أن الهجوم الإسرائيلي على مطار المزة العسكري السوري في العاصمة دمشق العام الماضي والذي استهدف أسلحة تابعة لحزب الله جاء بإيعاز من موسكو لإضعاف النفوذ الإيراني، أيضا ما بعد القضاء على معقل تنظيم داعش في سوريا نسب الرئيس السوري هذا الانتصار لموسكو، ولم يأتِ على ذكر إيران، في خطوة تؤكد أن موسكو تسعى لعدم إعطاء الإيرانيين أي فرصة لتسجيل انتصار لهم يعمل على تقوية وجودهم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة