"الحرب النفسية".. أداة النظام الإيراني لخداع شعبه
إيران دشنت هيئة جديدة بزعم التصدي لما وصفته بـ"الحرب النفسية" من جانب الولايات المتحدة الأمريكية للتعمية على الفشل الحكومي.
أعلنت الحكومة الإيرانية، الثلاثاء، أنها بصدد تشكيل هيئة رسمية تختص بمواجهة ما أسمته "الحرب النفسية" التي تزعم أن الولايات المتحدة تشنها ضد طهران، الأمر الذي يعكس مدى انفصالها عن الواقع في ظل ارتفاع حدة الاحتجاجات سواء العمالية أو الفئوية داخل البلاد مؤخرا، والتي انتقد أغلبها المغامرات العسكرية لنظام الملالي في الخارج على حساب رفاهية الداخل الإيراني، الذي يشهد أزمات اجتماعية، واقتصادية متفاقمة.
وأفادت وكالة أنباء تسنيم المقربة من مليشيات الحرس الثوري الإيراني، أن هذا القرار الجديد صدر ضمن جلسة حكومية برئاسة الرئيس الإيراني حسن روحاني، وحضور كل من علي لاريجاني رئيس البرلمان، وآملي لاريجاني، مسؤول السلطة القضائية في البلاد، والذين أقروا ضمنيا بوجود مشكلات اقتصادية متفاقمة داخل المجتمع الإيراني من بينها ارتفاع نسب البطالة، وهروب الاستثمارات الأجنبية على إثر الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي.
وبدلا من البحث عن حلول ناجزة للحد من أزمات المواطنين الإيرانيين، يرى نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي أن تلك الخطوة من جانب طهران تكشف عن مدى سعي مسؤولي نظام الملالي للهرب من تلك المشكلات المجتمعية الحادة، من خلال ترويج مزاعم متكررة بوجود مؤامرة من الخارج، وهو الأمر الذي يتضح كذبه مع تجدد الاحتجاجات مرارا وتكرارا، التي يرفع خلالها المحتجون شعارات مناهضة لكل أركان الملالي بما فيهم المرشد علي خامنئي.
وتضمنت تلك الجلسة، بحسب تسنيم، عقد لقاءات دورية بين مسؤولي السلطات الثلاث" التنفيذية، والقضائية، والتشريعية" لبحث سبل التصدي لما وصفوه بـ"الدعاية السلبية" التي تطلقها أمريكا لبث روح اليأس في داخل المجتمع دون أن يقدموا خططا واضحة بشأن الأزمات المتفاقمة، مشيرة إلى أن هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية ستكون ضالعة أيضا في تلك المهمة، في مواجهة وسائل الإعلام الأجنبية، على حد قولها.
وفي السياق ذاته، اعترف مؤخرا حسن روحاني أن مواطني بلاده يثقون في وسائل الإعلام الأجنبية أكثر من نظيرتها المحلية، مكررا المزاعم نفسها عن وجود "حرب نفسية" يشنها أعداء، على حد تعبيره.
وتتناقض مزاعم روحاني التي أدلى بها في كلمة متلفزة الأربعاء الماضي، مع استمرار الاحتجاجات الشعبية والإضرابات العمالية بسبب الأزمات المعيشية والاقتصادية التي تعصف بالبلاد.. والتي كان أبرزها إضراب الشاحنات الذي استمر عدة أسابيع في مختلف الأقاليم الإيرانية.
وقال الرئيس الإيراني خلال لقاء حاشد مع العاملين في وسائل الإعلام الإيرانية، إن "مشكلتنا ليست اقتصادية وثقافية وأمنية؛ مشكلتنا هي الحرب النفسية للعدو ووسائل الإعلام الأجنبية".
ورجحت صحف إيرانية رسمية من احتمالات أن يؤدي انغلاق الأفق السياسي في البلاد بين كل من التيارين المتصارعين الإصلاحي والمحافظ، وتزايد الضغوط الشعبية والتذمر على إثر زيادة حدة تردي الأوضاع المعيشية منذ اندلاع احتجاجات يناير/كانون الثاني الماضي، إلى سقوط نظام الملالي بالكامل.
وأشارت صحيفة "كيهان" اللندنية، إلى أن تزايد الحديث مؤخراً حول تلك الأمور في متن صحف محسوبة على مليشيا الحرس الثوري كصحيفتي "جوان"، و"وطن إمروز" يعكس مدى تناقض تصريحات المسؤولين الإيرانيين البارزين، والتيارات السياسية النافذة، من أن كل الأوضاع تحت السيطرة داخل البلاد، في الوقت الذي باتت الأزمات تحاصر النظام دون وجود سبل للخروج منها، إضافة إلى عواقبها الوخيمة، ما حدا بوجوه بارزة في نظام الملالي إلى التحذير من احتمالية استغلال تلك الظروف خارجياً لإسقاط النظام، على حد قولها.
واعترفت صحيفة "جوان" في تقرير مطول لها، الأحد، بأن الاقتصاد الإيراني بات في مرحلة تشبه ما يُعرف في الميثولوجيا الإغريقية بـ"كعب أخيل"، وهو المصطلح الذي يشير إلى نقطة ضعف مميتة على الرغم من كل القوة التي يمتلكها الشخص، والتي إن أصيبت تؤدي إلى سقوطه بالكامل، في الوقت الذي حذرت من أن استمرار تلك الأوضاع على ما هي عليه سيؤدي إلى استغلاله ممن وصفتهم بـ"الأعداء" لبث اليأس في صفوف الإيرانيين، للخروج مجدداً إلى الشوارع للمطالبة بإسقاط النظام.
لكن الصحيفة أقرت بوجود حالة من "الإحباط" داخل المجتمع بسبب تزايد الأزمات الاقتصادية والمعيشية، لا سيما بعد فشل الاتفاق النووي الإيراني.
aXA6IDE4LjExNi41Mi40MyA=
جزيرة ام اند امز