الشيخ طه الفشني «كروان» الإذاعة المصرية وصاحب الحنجرة الذهبية
في ذكرى وفاة الشيخ طه الفشني، تُطل روحه الطاهرة وصوته القوي الساحر على محبيه، ليستعيدوا معه ذكريات الإذاعة المصرية، وعذوبة التلاوة القرآنية التي تُسكن الأوجاع.
امتلك الشيخ طه الفشني حنجرة مثالية تنتقل بين المقامات بكل سلاسة، وتعزف على أوتار الكلمات بتناغم، وهو ما جعله القارئ المفضل لجموع المصريين، بين قراء ومنشدين كثر فازت بهم مصر خلال هذه الحقبة، ومع التطرق لمسيرته في ذكرى وفاته، نتذكر أهم المحطات التي شكلت تاريخه مع تلاوة القرآن الكريم والإنشاد الديني.
الشيخ طه الفشني
ولد طه حسن مرسي الفشني في مدينة الفشن بمحافظة بني سويف في صعيد مصر، حفظ القرآن الكريم في صغره وأتم تلاوته وتعلم القراءات، وحرصت أسرته على أن يلتحق بمدرسة المعلمين التي حصل على شهادتها ونال الكفاءة عام 1919 من المنيا، ثم قرر أن ينتقل إلى القاهرة ليدرس بالأزهر الشريف.
حالت ثورة 1919 دون رغبته بالدراسة في الأزهر، فعاد إلى مدينته في بني سويف وبدأ رحلته مع قراءة القرآن الكريم وإنشاد التواشيح، فاكتسب شهرة واسعة نقلته إلى القاهرة، حيث كاد أن ينجر إلى عالم الطرب والغناء بسبب صوته المتفرد القوي، بعد أن أقنعته إحدى شركات الإسطوانات، وبالفعل قام بتسجيل أسطوانتين لأغاني عاطفية.
عاد طه الفشني سريعا إلى تلاوة القرآن والإنشاد، وعلم أن مجال الغناء لا يشبهه، وقرر أن يلتحق بمعهد القراءات التابع للأزهر الشريف، واحترف التلاوة والتنقل بين المقامات على يد الشيخ المغربي والشيخ عبد الحميد السحار، كما انضم لبطانة الشيخ علي محمود.
انضمام طه الفشني للإذاعة المصرية
ظل طه الفشني ملازمًا للشيخ علي محمود، وأقام بحي الحسين في القاهرة، وشارك في فرق التواشيح الدينية والابتهالات، وفي إحدى الحفلات الدينية التي كان يشارك بها، كان سعيد باشا لطفي، رئيس الإذاعة المصرية، حاضرًا، وبسبب صوته الذي يجمع بين الشجن والحزن والدفء، ونبراته القوية، بلغه رئيس الإذاعة أن يحضر إليه في اليوم التالي ليبدأ مسيرته مع التلاوة.
انضم الفشني للإذاعة عام 1937، بعد أن اعتبرته لجنة الاستماع قارئ من الدرجة الأولى الممتازة، وكانت تلك اللحظة فارقة في مسيرته، حين ضمته لجيل من القراء والمنشدين لم يجُد الزمان بمثله، ولكنه استطاع في ظل منافسة محتدمة أن يأسر مستمعي الإذاعة بإنشاده الروحي الذي يخلق حالة من الهدوء والسكينة.
ابتهالات طه الفشني
تعلم طه الفشني الموسيقى على يد الشيخ درويش الحريري، ولحن له زكريا أحمد عددًا من القصائد، أشهرها: "شممت الورد"، ولكن يظل ابتهال "يا أيها المختار" أكثر الابتهالات شهرة، وكذلك "حب الحسين"، و"ميلاد طه".
تم تعيين طه الفشني قارئًا لجامع السيدة سكينة عام 1940، وظل يعتلي منبره حتى وفاته، وفي عام 1962 تم اختيار الشيخ طه الفشني رئيسا لرابطة القراء خلفا للشيخ عبد الفتاح الشعشاعي.
ومع بدء إرسال التلفزيون المصري عام 1963، كان الشيخ طه الفشني ضمن أوائل المقرئين الذين ظهروا على الشاشة، وعمل بالتلفزيون لمدة امتدت إلى 8 سنوات، وقرأ القرآن جوار الملك فاروق وفي قصري عابدين ورأس التين.
وفاة الشيخ طه الفشني
في صبيحة يوم 10 ديسمبر/ كانون الأول عام 1971، لقى لشيخ طه الفشني حتفه، وكان السبب- حسب عدد من الأقاويل- تناوله لجرعة خاطئة من الدواء. ورحل المقرئ والمنشد بعد أن ترك للإذاعة والتلفزيون تسجيلات ذهبية لتلاوة القرآن بحنجرته الفولاذية.