رئيسٌ يأمل بتجديد دماء عقدين من حكمه، وسياسي تطارده لعنة "الوصيف الثاني" ويحلم بأن يكون الملك، وما بينهما مرشح بيده أن يصنع الملوك
هذا هو حال تركيا اليوم بعد أمسية انتخابية عاصفة قادت إلى جولة إعادة في الثامن والعشرين من الشهر الجاري، بين كل من الرئيس المنتهية ولايته رجب طيب أردوغان وزعيم المعارضة كمال كليجدار أوغلو.
فالقانون التركي ينص على أنه في حال فشل المتنافسين في تجاوز عتبة 50+1 تذهب الانتخابات لجولة ثانية تنحصر بين المرشحين اللذين حصلا على أعلى الأصوات.
ولأن أردوغان وكليجدار أوغلو هما المرشحان اللذان حصلا على أعلى الأصوات من إجمالي ثلاثة متنافسين، ستكون المواجهة الثانية بين الاثنين، فيما خرج الثالث سنان أوغان من السباق.
ووفق الأرقام النهائية التي أعلنت عنه هيئة الانتخابات التركية، حصل أردوغان على 49.42% بعد فرز أكثر من 99% من الأصوات مقابل 44.95% لكليجدار أوغلو.
"صانع ملوك"؟
لكن أوغان، يمكن أن يصبح صانع ملوك محتمل، في غضون أطول أسبوعين في تاريخ تركيا.
إذ حصل المرشح الرئاسي الثالث، القومي المتطرف، على 5.28٪ من الأصوات، وهو ما يجعله "صانع ملوك" في جولة الإعادة المنتظرة.
وقد حقق الرجل ما كان يطمح إليه قبل الانتخابات وهو الجولة الثانية، وحينها يمكنه التفاوض مع المرشحين، والغلبة لمن يستجيب لشروطه أكثر.
ومن هنا، قد تلعب أصوات أنصار تحالف "أتا" دورا حاسما في جولة الإعادة التي يصعب التنبؤ بنتيجتها من الآن.
أوغان (٥٥ عاما) أكاديمي من أصول تركية أذربيجانية، مرشح عن تحالف الأجداد اليميني (ATA) الذي ينتمي إلى حزب الحركة القومية اليميني المتطرف (MHP)، لكنه انسحب من الأخير بعد أن بدأ زعيم الحركة دولت بهجلي في دعم أردوغان في عام 2015.
ويرى مراقبون أن صانع الملوك المفاجئ قد يكون هو سنان أوغان، شريك حزب العدالة والتنمية السابق في البرلمان.
وهو ما سيعقد من جهود كليجدار أوغلو لجذب مؤيديه بسبب كره أوغان لحزب الشعوب الديمقراطي الذي يهيمن عليه الأكراد، والذي يدعم محاولة زعيم المعارضة للوصول إلى الرئاسة.
لكن أوغان كان قد سُئل قبل الانتخابات، في مقابلة تلفزيونية، حول تبديل التحالفات في الجولة الثانية وتحديدا تحالف أردوغان.
فكانت إجابته "لماذا يصوت الناس لي إذا بدأت الحديث عن مثل هذا الشيء بالفعل؟ لماذا يجب أن أطلق النار على قدمي هكذا؟".
أردوغان حصل على أصوات أكثر من منافسه، فلماذا لم يفز؟
في تركيا، يجب أن يفوز أي مرشح رئاسي بنسبة 50٪ على الأقل من الأصوات المُدلى بها حتى يتم الإعلان عن انتخابه، وهي النسبة السحرية لم يحققها أردوغان ولا كليجدار أوغلو.
ووفق قانون الانتخابات التركي في حالة عدم حصول أي مرشح على 50٪ من الأصوات سيواجه المرشحان الأولان بعضهما البعض في منافسة مباشرة في جولة الإعادة، التي ستجرى في الثامن والعشرين من مايو/أيار الجاري.
وفي آخر مرة أجريت فيها الانتخابات الرئاسية عام 2018، لم تكن هناك حاجة إلى جولة الإعادة، حيث فاز أردوغان، الذي حصل على 53٪ من الأصوات، على ثلاثة مرشحين آخرين في الجولة الأولى. فيما حصل الثاني على 31٪ من الأصوات.
إذا كان أردوغان قد انزعج من نتيجة الانتخابات المحورية، فإنه لم يظهر ذلك عندما خاطب مؤيديه المتحمسين، ليل الأحد الإثنين.
وبدلا من ذلك، عندما صعد إلى شرفة مقر حزب العدالة والتنمية في أنقرة، وهو يغني مع الحشود التي تلوح بالأعلام ويلقي خطابا ناريا، أصر على أنه كان في المقدمة وسيحقق النصر.
وسلطت طاقته وثقته الضوء على المهمة التي تواجه معارضة دخلت انتخابات الأحد مليئة بالتفاؤل.
وفي وقت وجهت فيه المعارضة ضربة لخصمها، فإنها تبدو على بُعد مسافة من توجيه الضربة القاضية ضد لاعب لا هوادة فيه يتفوق على السياسة التركية منذ عقدين.
وبعد فترة وجيزة من ظهور أردوغان من شرفة مقر حزبه بأنقرة، ضرب كليجدار أوغلو، البيروقراطي المتقاعد نبرة التحدي في بيان موجز، قائلا إنه كان أيضا واثقا من تحقيق النصر في جولة الإعادة.