أسرار النوم.. الساعة البيولوجية وخطر الهلاوس
أهمية النوم وتأثيره على الساعة البيولوجية للجسم وما الذي يمكن أن يحدث إذا لم يتمكن الشخص من النوم وتنظيم ساعته الداخلية؟.. هذا ما نُطلعنا عليه آخر الأبحاث.
عند انتهاء اليوم، أكثر شيء يتمناه الإنسان هو الحصول على فترة نوم هادئة عميقة تزيل آلام اليوم الذي مرّ به، سواء كانت جسدية أم نفسية، فالنوم هو بوصلة الساعة البيولوجية للجسم وبالنسبة لكثير من الناس، الفرصة الحقيقية لإعادة شحن الطاقة للاستيقاظ بنشاط ليوم جديد.
صحيفة "جارديان" البريطانية تبحث أسباب احتياجنا للنوم وعدد الساعات التي يحتاجها جسم الإنسان من أجل الراحة واستعادة نشاطه كاملا.
انتبه.. اضطراب الساعة البيولوجية قد يؤثر على مزاجك
ما هي الساعة البيولوجية للإنسان؟
قبل أن نتطرق إلى تفاصيل تقرير "الجارديان"، علينا أن نفهم الساعة البيووجية للجسم وما تعنيه، ومدى تأثرها بعدد ساعات النوم، وانعكاس ذلك على الروتين اليومي للإنسان.
وحسب تعريف موقع sleep foundation فإن الساعة البيولوجية للجسم عن إيقاعات تستمر في دورات على مدى 24 ساعة، ومسئولة عن اليقظة والنوم والشهية ودرجة حرارة الجسم.
وتتركز الساعة البيولوجية للجسم في الدماغ، وتتأثر بشكل مباشر بالإشارات البيئية، وخاصة الضوء، ولذلك ترتبط دورات الساعة الداخلية للجسم بدورة الليل والنهار.
وتعمل الساعة البيولوجية على مزامنة (أي توفيق) الأنشطة اليومية المعتادة، مثل النوم والاستيقاظ في إيقاع منتظم يضمن الحصول على عدد ساعات نوم كافية ومريحة، دون أرق.
ويحدث الاضطراب عندما تختل إيقاعات الساعة البيولوجية، فينتج عنها الأرق أو عدم القدرة على التركيز، وقد يتسبب بمشكلات صحية بدنيا ونفسيا.
لماذا ننام؟
"الوظيفة الوحيدة المعروفة للنوم هي علاج النعاس" هكذا قال الدكتور جيه آلان هوبسون، عالم النوم بجامعة هارفارد، لكن هذا ليس حقيقيًا تمامًا. فالأسئلة مثل لماذا نقضي ثلث حياتنا نائمين؟ وماذا يحصل داخل أدمغتنا في هذا الوقت؟ بعيدة عن الحل.
اللغز الكبير يتمثل في السبب وراء بروز النوم كاستراتيجية متطورة، فيجب أن يكون وراءه فوائد قوية لموازنة المخاطر الكبرى. وما يتضح من خلال البحث هو أن النوم ليس رفاهية لكنه ضروري للصحة الجسدية والعقلية، ويتحقق بناءا على الساعة البيولوجية للجسم ومزامنتها لأنشطة الإنسان.
ماذا يحدث داخل أدمغتنا أثناء النوم؟
وفي هذا الإطار، أعدت صحيفة "جارديان" البريطانية تقريرًا ترصد فيه أسباب احتياجنا للنوم وعدد الساعات التي يحتاجها جسد الفرد من أجل الراحة، فضلًا عن الآثار الجانبية لعدم الحصول على نوم كافٍ.
عقولنا لا تتوقف عن العمل فقط، لكنها تولد نوعين من النوم، الأول نوم الموجة البطيئة (النوم العميق)- (إس دبليو إس)- والثاني هو نوم حركة العين السريعة (الحلم) – (آر إي إم).
حوالي 80% من نومنا من مجموعة نوم الموجة البطيئة (إس دبليو إس)، الذي يتسم بموجات دماغية بطيئة وعضلات مسترخية وتنفس بطيء وعميق. وهناك أدلة قوية على أن النوم مهم لتقوية الذاكرة، مع نقل آخر ما تعرض له الشخص إلى الذاكرة طويلة المدى.
كم عدد الساعات الكافية للنوم؟
عادة ما يقال 8 ساعات، لكن وقت النوم الأمثل يختلف بين الناس وفي أوقات مختلفة من الحياة.
خلال استعراض شامل، دقق 18 خبيرًا في 320 مقالًا بحثيًا، وخلصت المؤسسة الوطنية الأمريكية للنوم إلى أن المدة المثلى للنوم من 7 إلى 9 ساعات للبالغين، و8 إلى 10 ساعات للمراهقين، أما الأطفال الأصغر يحتاجون وقتًا أطول، أما الأطفال حديثو الولادة يحتاجون ما يصل إلى 17 ساعة يوميًا.
ربما يتمكن بعض الناس من البقاء على قيد الحياة بالنوم فترة أقصر لأنهم ينامون نومًا جيدًا، لكن أقل من 7 ساعات هناك أدلة قاطعة على وجود آثار سلبية على الصحة. وطبقًا للخبراء، النوم كثيرًا أيضًا سيء.
هل يؤثر العمل بنظام النوبات على النوم؟
في الثلاثينيات من القرن العشرين، قضى العالم الأمريكي ناثانيال كلايتمان 32 يومًا تحت الأرض بمسافة 42 مترًا في كهف الماموث بولاية كنتاكي في الولايات المتحدة الأمريكية، وكان هدفه التحقيق فيما يتعلق بالساعة البيولوجية للجسم.
عاش كلايتمان في عزلة تامة، بدون أي مؤشرات خارجية توضح الليل من النهار، وقد تبنى نظامًا يوميًا يعتمد على 28 ساعة بدلًا من 24 ساعة، لكنه فشل في التكيف وواصل الشعور بالاستيقاظ فقط عندما كانت ساعات النهار التي حددها لنفسه تتزامن تقريبًا مع النهار في العالم الخارجي.
وقد واصلت حرارة جسده اتباع التوقيت القريب من الـ 24 ساعة العادية، حيث إنه في الطبيعي تبدأ درجات حرارة الجسد في الانخفاض تدريجيا عند بدء الاستغراق في النوم.
كثير ممن يعملون بنظام النوبات، وتحديدًا من يعملون بنوبات غير منتظمة، يواجهون مشاكل مشابهة، خلال السنوات الأخيرة تم التعامل مع الأمر بصورة أكثر جدية، مع قيام فرق الرياضيين الاحترافيين بالحصول على استشارات من مستشارين بشأن جداول التدريب والسفر إلى الخارج.
وقامت البحرية الأمريكية بتعديل نظام نوباتها للتزامن مع توقيت الـ24 ساعة، بدلًا من نظام اليوم المكون من 18 ساعة المستخدم في النظام البريطاني القديم حتى لا تتسبب في خلل بإيقاع الساعة البيولوجية للجسم وتضطرب دورة النوم والاستيقاظ.
الساعة البيولوجية والنوم
مع التعرض للضوء في أثناء انهار، تعمل الساعة البيولوجية للجسم على إرسال إشارات تولد الشعور باليقظة، ليبقى الدماغ منتبه ونشط، ومع حلول الليل- حسبما تؤكد sleep foundation- تعمل على إنتاج الميلاتونين الذي يعزز النوم.
ولهذا، فإن الساعة البيولوجية تعمل على خلق دورة من النوم والاستيقاط متوائمة مع طبيعة حياة الإنسان، وبما يخلق له الراحة، على أن تكون في صورة النشاط الطبيعي الذي يزادا في ساعات النهار ويخمد في الليل.
خلل الساعة البيولوجية يؤثر على صحة الأمعاء
ماذا يحدث حال عدم الحصول على نوم كاف؟
قد يتساءل كثيرون عن تأثير الخلل في إيقاعات الساعة البيولوجية للجيم إما بالنوم لساعات أكثر من المعتاد أو الحرمان من النوم.
في الحالات القصوى، يمكن أن يكون الحرمان من النوم مميتًا، فالفئران التي حرمت تمامًا من النوم خلال التجارب ماتت خلال فترة من أسبوعين لثلاثة أسابيع.
لم يتم تكرار هذه التجربة على البشر، لكن مجرد حتى الحرمان من النوم ليوم أو يومين يمكن أن يتسبب في معاناة الأصحاء من هلاوس وأعراض جسدية، فبعد قضاء ليلة دون نوم، تتأثر القدرات الإدراكية فورًا.
وتتأثر القدرة على التركيز والذاكرة، هذا فضلًا عن أن الناس يكونون أسوأ عندما يشعرون بالتعب، حيث وجدت دراسة أن الأشخاص المحرومين من النوم تزداد احتمالات قيامهم بالغش والكذب.
ويوضح ذلك مدى ارتباط الساعة البيولوجية للجسم بدورة النوم والاستيقاظ، والتي ينتج عن أمراض متعلقة بالصحة النفسية والعقلية، والشعور الدائم بالإنهاك والتعب الذي قد يتطور إلى أمراض أكثر.. فاحرصوا دوما على النوم لفترة كافية وفي أوقات مناسبة.
aXA6IDE4LjIyMi40NC4xNTYg جزيرة ام اند امز