"غليان" الشارع ينتقل لمتاجر لبنان.. "مشاجرات الغذاء" تستعر
انتقل غضب اللبنانيين من الشوارع إلى المتاجر، وتصاعدت المشاجرات حول السلع، والغذاء وسط انهيار العملة، وغلق أغلب أبواب المحلات.
وأجبر انهيار العملة اللبنانية العديد من متاجر البقالة على الإغلاق مؤقتا خلال الأربع والعشرين ساعة الأخيرة، لتتفاقم المخاوف من أن يكون البلد شديد الاعتماد على الواردات بصدد عجز وشيك في المواد الغذائية.
مخاوف نقص الغذاء
وحسب رويترز، أوصدت متاجر بيع المواد الغذائية أبوابها في شتى أنحاء البلاد، أو أوقفت خدمات التوصيل عبر الإنترنت، أو وضعت حدودا لطلبات العملاء، فيما ظلت غيرها مفتوحة، لكن بدوا غير متأكدين إلى متى.
وقال صاحب محل بقالة في بيروت لم يغلق أبوابه يدعى محيي الدين فايد "هناك احتمال كبير أن نغلق إذا ظللنا على هذا الوضع.. لا أعلم من أين سنحصل على التموين، ولا أحد يساعدنا".
وهوى سعر الليرة إلى 15 ألفا للدولار يوم الثلاثاء، لتفقد ثلث قيمتها في آخر أسبوعين.. وهي الآن متراجعة 90% منذ أواخر 2019.
وقال هاني بحصلي رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية: "إذا استمر هذا الوضع، ستبدأ السلع في الاختفاء، وسيحدد التجار أولويات ما يحصلون عليه.. سيتعين علينا تقليل الشراء من حيث الأنواع والكميات لأننا لا نجد المال".
وتشير تقديراته إلى أن إمدادات لبنان تكفيه نحو شهرين، بينما تزداد صعوبة الحصول على الدولار بالنسبة للمستوردين الذين يحتاجونه للاستمرار في الشراء.
وأوقع انهيار الاقتصاد كثيرين في براثن الفقر، وقد أصبح أكبر تهديد للاستقرار منذ الحرب الأهلية بين 1975 و1990.
مشاجرات المتاجر
وتداول مستخدمو شبكات التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة لمشاجرات في متاجر مثل عراك بين رجل وامرأة يسعيان لشراء مسحوق الحليب. وارتفعت أسعار كثير من السلع الاستهلاكية مثل الحفاضات والحبوب لثلاثة أمثالها تقريبا خلال الأزمة.
وقال نبيل فهد، رئيس نقابة أصحاب السوبرماركت، إن بعض المتاجر التي أوصدت أبوابها الثلاثاء أعيد فتحها الأربعاء، بعد إعادة تموينها.
وأضاف: لكن الإغلاقات قد تدوم في حالة عدم استقرار سعر الصرف.
وتابع: "ما نخشاه هو أن نتحول في النهاية من إغلاق مؤقت للمتاجر... ليصبح نهائيا لأنه وضع شديد الصعوبة. رؤوس أموالهم تتآكل وينقصهم المال لدفع ثمن البضائع".
موقف المخابز صعب
وقال علي إبراهيم، نائب رئيس اتحاد الأفران والمخابز في لبنان، إن المخابز توفر الخبز في الوقت الراهن، لكن لن يمكنها الاستمرار لأجل غير مسمى دون حل.
ويستورد لبنان جميع احتياجاته تقريبا من القمح.
وأضاف إبراهيم، الذي حاول الاستقالة من منصبه قبل أسبوعين، في بيان: "إذا استمررنا على هذه الوتيرة، لا بد في النهاية أن نصل إلى التوقف القسري إلى حين استقرار سعر صرف الدولار".
شبح رفع الدعم
متاجر عديدة في لبنان كانت قد أغلقت أبوابها بالفعل بسبب جائحة فيروس كورونا، كما سُدت شوارع خلال تظاهرات مناهضة للحكومة.
لكن حتى الأسبوع الجاري، كانت غالبية محال البقالة مازالت تعمل، وعرض الكثير منها التوصيل عبر الإنترنت.
واليوم، اختفى عدد من متاجر البقالة عبر الإنترنت من التطبيقات.. ورفضت أخرى قبول الطلبات.
وسحب مصرف لبنان المركزي، من الاحتياطيات الأجنبية الضئيلة أصلا من أجل دعم فئات السلع الأساسية، وهي القمح، والوقود، والأدوية، إلى جانب سلة من السلع الأساسية الأخرى، وذلك في الوقت الذي يتواصل فيه نضوب التدفقات الدولارية.
ويوفر البنك المركزي، العملة الصعبة للمستوردين بسعر الربط القديم البالغ 1500 ليرة للدولار.
لكن الحكومة، التي ينفد سريعا ما بحوزتها من سيولة، أشارت عدة مرات إلى أن الدعم سيُرفع قريبا، لكنها لم تعط حتى الآن جدولا زمنيا أو تعلن خطة لذلك.
وقال رئيس نقابة أصحاب السوبرماركت، إن البنك المركزي غالبا ما يكون بطيئا في توفير الدولار لمستوردي المواد الغذائية، مما ينجم عنه عجز يدفع بدوره المستهلكين إلى تخزين السلع.
وضرب مثالا بمتجر باع 5 آلاف جالون من زيت الطعام المدعم، وهي في العادة كمية تكفي لشهر، في غضون 5 ساعات فقط.
وقال ناصر سعيدي، الاقتصادي والوزير اللبناني السابق، إن الرفع الوشيك للدعم أوقد شرارة مخاوف من نقص في المعروض من السلع.
وأضاف: "فور إعلانك أن الدعم قد يُرفع أو يُخفّض... يعمد المستهلكون تلقائيا إلى اكتناز السلع".
زيادة كبيرة لأسعار الوقود
وزاد لبنان أسعار الوقود، اليوم الأربعاء، على نحو كبير في الوقت الذي تتفاقم فيه أزمات البلاد الاقتصادية بعد الصعود الصاروخي للدولار.
وأعلن الأربعاء، عن زيادة أسعار المحروقات، حيث تم رفع سعر "الديزل" 3300 ليرة ليصبح 27700 ليرة، وصفيحة البنزين 95 اوكتان 4100 ليرة لتصبح 38900، وصفيحة البنزين 98 اوكتان 4200 ليرة لتصبح 40000، مسجلة بذلك سعرا قياسيا، وذلك بحسب ما أعلن ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا لـ"الوكالة الوطنية للإعلام" .
وكان وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني، قد أعلن أن لبنان يقوم بتقليص الدعم على المواد الغذائية وسيبدأ تدريجيا بزيادة أسعار البنزين لإنقاذ الاحتياطيات بالعملات الأجنبية المتضائلة.
وأضاف: "الاحتياطيات بالعملات الأجنبية المتبقية في مصرف لبنان تبلغ 16 مليار دولار، ولا يمكن استخدام منها سوى مليار و1.5 مليار دولار فقط لتمويل الدعم، الأمر الذي يكفي لشهرين أو ثلاثة أشهر".
وتابع: "لقد انخفضت الاحتياطيات إلى النصف، إذ كانت تبلغ نحو 30 مليار دولار أمريكي قبل عام".
في الوقت نفسه، باتت وزارة الاقتصاد اللبنانية هدفا للمتظاهرين في لبنان اليوم، احتجاجا على الوضع الاقتصادي والارتفاع غير المسبوق لسعر صرف الدولار وانعكاسه على المواد الاستهلاكية كان آخرها رفع اليوم سعر المحروقات.
aXA6IDE4LjIyNi4yMDAuOTMg جزيرة ام اند امز