ستراتفور: دولة فارس حلم الملالي المستحيل.. لهذه الأسباب
نظام الملالي يحاول إحياء دولة فانية معتمدة على القوة وفرض السياسات، لكن مركز الأبحاث الأمريكي ستراتفور يصفه "بالحلم المستحيل".
نشر معهد ستراتفور الأمني ورقة بحثية حول أسباب فشل إيران في محاولات إحياء دولة فارس، وذلك لعدة أسباب أبرزها فشل قادتها في العامل مع المجتمع الدولي بصورته الحالية.
- خبير أمريكي: إيران تخوض حروبا بالوكالة لنشر الفوضى الإقليمية
- 2017.. هكذا شهدت إيران على نفسها بالتخريب والإرهاب
ويقول المركز إنه منذ أن أسس سايروس الإمبراطورية الأخمينية في عام 625 قبل الميلاد، ظلت إيران وفية لعهدها التوسعي منذ ذلك الزمان، وحتى بعد ثورة الخميني عام 1979 ظلت أحلام العودة إلى إمبراطورية فارس حية في ذهن نظام الملالي حتى يومنا هذا، إلا أن معهد ستراتفور الأمريكي للدراسات الأمنية يكشف عن استحالة الوصول إلى حلم الماضي الضائع لدولة فارس.
وعلى الرغم من أن العديد من قادة نظام الملالي يؤمنون بعودة الإمبراطورية الفارسية، من خلال نظام إيران الحالي، فإن التغيرات العالمية تحول دون تحقيق هذا الحلم الذي وصفه مركز ستراتفور "بالمستحيل".
العمل على جبهتين
منذ بداية الثورة الخمينية في 1979، كانت إيران على طريق تصادم مباشر مع الولايات المتحدة، والتي وصفها الخميني حينها بأنها "الشيطان الأكبر"، حيث قام بوضع الأسس الخاصة بالسياسة الخارجية الإيراني، والتي تخدم التوسع عن طريق عدة أذرع للوصول إلى هدفهم الأسمى وهو إعادة إقامة دولة فارس الجديدة.
وقامت إيران بتأسيس جناحين رئيسيين للعمل على ذلك الهدف، وهما الجناح الدبلوماسي، الذي يعمل على إدانة كل ما تقوم به الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، إضافة إلى محاولات التقرب من الأنظمة العربية التي لها المنهج الديني نفسه ومحاولة "تصدير الثورة الإيرانية" دبلوماسيا عن طريق إقامة علاقات وطيدة مع عدد من دول المنطقة.
- 50 عاما من صواريخ إيران الباليستية.. القصة الكاملة
- مسؤولان أمريكيان سابقان يقترحان خطة لمواجهة "إيران العدوانية"
الجناح الثاني وهو الجناح العسكري والاستخباراتي، والممثل بشكل واضح وصريح في الحرس الثوري الإيراني، والذي يعمل على دعم الجناح الأول في التغلغل داخل دول المنطقة وإثارة القلاقل والنعرات الطائفية تحت شعار "حماية الثورة الإيرانية" إضافة إلى كونه عنصر ضغط على الدول التي ترفض أو تتردد في التعامل مع نظام الملالي.
إلا أن السبب الحقيقي للعمل بهذا الشكل، بحسب ستراتفور، هو أن طهران تحاول أن تبين نفسها كقوة عظمى قادرة على مجاراة غريمتها الأمريكية، في محاولة يائسة للعيش في ظل شبح دولة فارس التي اندثرت منذ قديم الأزل.
الفشل في تصدير "الثورة الإيرانية"
تعتمد إيران على النزاعات لتقوية صورتها، خصوصا مع وجود مصادر محدودة للأموال والأسلحة بالنسبة لطهران، فالنزاع المستمر مع الولايات المتحدة هو محاولة يائسة لرفع صورتها الدولية، إلا أن محاولاتها لحشد الدعم من دول الجوار، وبالأخص الدول العربية، لمواجهة الولايات المتحدة فشل بشكل ذريع، بل حوّلها إلى إحدى أكثر الدول المنبوذة في الشرق الأوسط.
وعند فشل السبل الدبلوماسية في "فرض" وجهة نظر الملالي، يقوم الحرس الثوري الإيراني بالمهمة؛ حيث يقوم باختراق الدول التي لا تريد التعامل مع طهران أو تريد تحديد التعامل معها، ما يضع إيران على التضاد مع الكثير من الدول في المنطقة، إن لم يكن أغلبها، وبالتالي فرض حالة من عدم الاستقرار للضغط على تلك الدول للخنوع لإرادتها، الأمر الذي فشلت فيه طهران لعقود عديدة.
وتتحمل طهران مسؤولية العديد من القلاقل في المنطقة، وبالأخص استغلال حالة الفراغ الأمني خلال الفترة بين 2011 و2013 لإدخال عناصر طائفية أدت إلى حرب مستعرة في العراق نتج عنها تنظيم داعش الإرهابي، إضافة إلى دعم مجموعة الحوثي في اليمن التي أصبحت تهدد أمن الخليج -أحد أكبر مصادر الطاقة في العالم- بصواريخ باليستية أهديت إليها من قبل نظام الملالي.
فكر معتل
أثبت التاريخ مرارا لحكام إيران السابقين والحاليين أن حلم دولة فارس هو حلم فاشل بكل المقاييس، وبالنسبة لنظام الملالي، لم يتعلم قادته الدرس ممن سبقوهم، وتجاهلوا التغيرات والتنوعات السياسة والثقافية والطائفية في المنطقة، معتمدين على القوة فقط كمعيار لفرض التوسع.
وعلى الرغم من أن الدول العربية أصبحت تقف في وجه طهران بسبب سياساتها المضادة للسلام في المنطقة؛ فإن التدخل في الأزمات العربية، مثل الحرب السورية والحرب ضد داعش في العراق والأزمة في اليمن، وحّد الصف العربي بشكل كامل ضد إيران؛ ما جعلها الراعي الأول للإرهاب في المنطقة بلا منازع بحسب التقرير.
قادة إيران يعملون تحت فرضية أنهم أسسوا نظاما عالميا يستطيع النمو بشكل ذاتي لفرض نفسه على العالم، إلا أن طهران فشلت في فهم كيفية عمل السياسة الدولية وطريقة التفاعل مع المجتمع الدولي، إضافة إلى أن القوى العظمى، روسيا والولايات المتحدة، لن يقبلا بأي شكل كان ظهور نظام الملالي كقوة عظمى ممثلة في دولة فارس جديدة.