2017.. هكذا شهدت إيران على نفسها بالتخريب والإرهاب
"بوابة العين" ترصد بصمات طهران في نشر التخريب والإرهاب في عام 2017، وما دل عليه من ملامح المشروع الإيراني الاحتلالي
حمل عام 2017 أدلة جديدة على دور إيران في نشر الإرهاب والأزمات في الشرق الأوسط، بصمت عليها بأصابعها وتفاخرت بصنعها، تحت معتقد زائف تخدع به أتباعها وهو مسمى "ولاية الفقيه" القاضي بأن توسيع احتلال طهران لدولة وراء الأخرى، ولو بتخريبها، سيعجل بظهور الإمام الغائب.
ورغم فرض إيران، وبسرعة محمومة، عبر أذرعها المليشياوية، سيطرتها على مساحات واسعة من العراق وسوريا هذا العام، إلا أن ذلك قابله تحفيز العالم لعمل تحالفات ضدها، بعد سنوات طويلة من المهادنة معها، خاصة من جانب الغرب.
"بوابة العين الإخبارية" ترصد أمثلة لهذه الأدلة والتخريب الذي برهن للعالم على مخاطر المشروع الإيراني على يد أذرعها المليشياوية في العراق واليمن وسوريا ولبنان وغيرها.
الحشد الشعبي بالعراق
تنظيم طائفي إرهابي، تشكل من فصائل موالية لإيران بالعراق 2014 فور اجتياح داعش السريع والمثير للتساؤلات لثلث العراق، واستند في تشكيله على فتوى من المرجع الشيعي علي السيستاني بحمل السلاح للأفراد من خارج الجيش والشرطة ضد تنظيم داعش.
ولم تكن الفتوى إلا لإعطاء غطاء "شرعي" للفصائل الموالية لإيران بعد تزايد الانتقادات لكونها تحمل السلاح وتتعالى على الجيش العراقي.
ففي وقت لاحق، وبمساعدة الأحزاب التابعة مذهبيا وسياسيا لإيران، أقرّ البرلمان قانونا عام 2016 يجعل من التنظيم الإرهابي جزءا من القوات المسلحة؛ ما وفر له غطاء ماليا و"رسميا" استغله في أن يفرض سيطرته على العديد من المدن ونقاط الحدود العراقية.
وفي هذا العام 2017 بات الهدف من تشكيل الحشد الشعبي صريحا في قول أستاذه ومدربه قاسم سليماني، قائد فيلق القدس بمليشيا الحرس الثوري الإيراني، بأن الجيش العراقي بات "جيش حزب الله" بعد انضمام الحشد إليه.
وفي 15 ديسمبر/كانون الأول 2017 طالب السيستاني بإدماج عناصر الحشد الشعبي جميعهم ضمن القوات المسلحة العراقية، تحت لافتة تسليم السلاح للدولة، فيما يعني تسليم الحشد الشعبي سلاحه لنفسه، خاصة أنه بات جزءا من هذه الدولة، وله أحزاب وتجمعات في جميع الوزارات والقوات المسلحة والبرلمان والشرطة.
كما سيطرت تلك المليشيا هذا العام على مساحات شاسعة من العراق تحت ستارة "تحريرها من داعش"، تمتد من مناطق بديالي على الحدود مع إيران وصلاح الدين والموصل وصولا إلى الأنبار على الحدود مع سوريا.
وتخدم خريطة الانتشار والتمكين لمليشيا الحشد في تلك المناطق خريطة الممر الإيراني البري الممتد من إيران ليخترق ديالي ويمر بوسط العراق، ثم ينحرف غربا ليخترق سوريا من عند الأنبار، ليربط بين هذه الدولة ويسهل قيادتها من طهران.
وبالتزامن مع إعلان الحشد "انتصاراته" التي يدعيها على تنظيم داعش- رغم عدم عرض أي دلائل على حجم هذه الانتصارات فيما يخص قتلى أو أسرى داعش أو أسلحتهم، إلا أنه صاحبها انتهاكات صارخة من مليشيا الحشد تجاه السكان تساوي ما يرتكبه التنظيم الإرهابي.
فقد شكا أيزيديون في سنجار، شمالي العراق، من قيام مليشيا الحشد بانتهاكات كمصادرة السيارات والسيطرة على المقار والمباني الحكومية.
ووجّه "تحالف القوى العراقية" اتهامات للحشد بارتكاب عمليات قتل وتهجير وحرق لعدة قرى في محافظة نينوى (عاصمتها الموصل)، ضمنها قرى أيزيدية، واستهداف عشائر عربية بها، في محاولة لتغيير تركيبة السكان.
وفي نينوى ومدينة بابل واجهت مليشيا الحشد اتهامات بقتل وتشريد العديد من المدنيين، ومنع عودة الكثير من النازحين إليها بهدف تغيير تركيبة السكان، كما شكا مسيحيون فارون من شمال شرق الموصل من انتهاكات لمليشيا الحشد بحقهم.
وفي هذا الصدد، قال النائب البرلماني أحمد الجربا إن الحشد يعطل عودة النازحين لحسابات انتخابية.
ومع ارتفاع صوت مليشيا الحشد والسياسيين المؤيدين لها في العراق عن أن انتهاء داعش ووأد مشروع انفصال إقليم كردستان على يد الحشد سيخلق مستقبلا مشرقا للعراق الموحد، ترتفع كذلك مؤشرات انقسامات وأزمات جديدة تسحب العراق لحروب داخلية بين المليشيات الموالية لطهران وتلك الموالية لأنقرة وغيرها.
فقد صرح أسامة النجيفي، نائب رئيس العراق، مايو/أيار 2017 عن تشكيل حزب "للعراق متحدون"، قائلا إن هدفه تحويل نينوى وبقية محافظات العراق إلى أقاليم؛ ما جدد المخاوف من أن تكون خطة "لتقسيم العراق" وإحياء مخطط تسليم مدينة الموصل لتركيا.
وكان النجيفي من مؤيدي استفتاء انفصال كردستان.
وما كاد يتم الإعلان عن انتهاء داعش صاحب الرايات السود حتى تم الإعلان عن ظهور تنظيم باسم "أصحاب الرايات البيض" في محافظة ديالي، والتي تعد أحد أكبر مطامع الحشد الشعبي.
غير أن 2017 حمل أخبارا سيئة أيضا لمليشيا الحشد، آخرها مشروع قانون وضعه الكونجرس الأمريكي نوفمبر/تشرين الأول لتصنيف حركة النجباء (أحد فصائل الحشد) كتنظيم إرهابي بسبب دورها في نشر العنف بالعراق وسوريا.
الحوثي في اليمن
شهد عام 2017 عدة مبادرات سلام من الأمم المتحدة وغيرها لوقف الحرب باليمن، كان يقابلها الحوثيون برفض دائم وتعطيل للمبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ، لدرجة وصلت لرفض استقباله خلال زيارته لليمن مايو/أيار الماضي.
على جانب آخر، واصلت مليشيا الحوثي مشروعه الإيراني في تفريغ مؤسسات البلد من أبنائه وإحلالها بالموالين لإيران، فإلى جانب انقلابها على الحكومة الشرعية عام 2014، انقلبت حتى على حليفها وشريكها في الحكم غير الشرعي الرئيس اليمني المغدور به علي عبد الله صالح، وطردت القادة التابعين له من وزارات الدفاع والداخلية والإعلام والمطارات وغيرها.
ووصل بها الأمر لدرجة أن اغتالت بدم بارد صالح نفسه وعددا من قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه في 4 من ديسمبر/كانون الأول الجاري.
في المقابل، حفّز هذا الغدر الحوثي الكثير من قيادات المؤتمر الشعبي إلى الاصطفاف إلى جانب الشرعية اليمنية بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي وإلى جانب التحالف العربي لدعم الشرعية في الحرب على المليشيات الإيرانية.
حزب الله في لبنان
حملت مليشيا حزب الله عنوان الفتن والانقسام منذ نشأتها على يد إيران 1985، ليس فقط بزيادة الانقسامات بين الطوائف، بل بعمل انقسام داخل الطائفة الواحدة، حيث بدأ صراع ضد حركة أمل التي تدين للمرجعية الشيعية العربية في النجف، في حين أن حزب الله يدين لإيران، وترجم ذلك في صراعات مع حركة أمل وغيرها خلال الحرب الأهلية التي انتهت 1990.
وخلال 2017 تسبب إصرار حزب الله على توسيع ترسانته العسكرية الإيرانية وتهديد بقية مكونات لبنان- وحتى جيشها- في استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري بداية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قائلا إنها جرس إنذار لينتبه الجميع للخطر المحدق في لبنان بسبب المليشيات الإيرانية.
وكاد حزب الله يستغل الاستقالة في تفجير أزمات جديدة داخل لبنان؛ ما دفع الحريري إلى العدول عن الاستقالة، خاصة بعد أن تلقى دعما عربيا ودوليا ووعودا بالتصدي لمليشيات حزب الله.
ومن خطوات الدعم العربي، الاجتماع الطارئ الذي عقده وزراء الخارجية العرب بمقر جامعة الدول العربية في 19 نوفمبر/تشرين الثاني، وصُنف خلاله حزب الله على أنه منظمة إرهابية.
كما أصدر مشروع قرار لوضع تكتيكات مواجهة متكاملة لممارسات إيران التخريبية، وإجبارها على إيقاف دعم المليشيات والأحزاب المسلحة في الدول العربية.
وقابلت إيران هذا القرار بصلفها المعتاد؛ حيث قال قائد مليشيات الحرس الثوري محمد علي جعفري، إنه لا نية للتفاوض حول نزع سلاح حزب الله.
وتصريح المسؤول الإيراني يأتي تجديدا لكلمة المتحدث باسم مليشيا حزب الله إبراهيم الأمين عام 1997 حين سألوه عن علاقتهم بإيران: "نحن لا نقول إننا جزء من إيران، نحن إيران في لبنان ولبنان في إيران".
كما حمل 2017 لمليشيات حزب الله تحديا جديدا من داخل طائفته، وهو تأسيس كيان باسم "نداء الدولة والمواطنة" أكتوبر/تشرين الأول يهاجم سياسات الحزب الطائفية، وينادي بدولة مدنية بعيدة عن الفتن المذهبية والولاءات الإيرانية.
ويتكون الكيان الجديد من عشرات الشخصيات الشيعية، التي قالت إنها ستحارب احتكار حزب الله للتمثيل الشيعي في السلطة وحمله للسلاح في مواجهة الجيش اللبناني.