حين تتحول النجاحات إلى تهمة، يصبح من الطبيعي أن تُستهدف الدول التي تعمّر وتتطور وتواكب استشراف المستقبل، وتُهاجم المبادرات التي تُنفّذ، وتُشوَّه النوايا التي تدعو إلى الصلاح.
وهذا ما تواجهه اليوم دولة الإمارات، التي أصبحت منذ سنوات عنوانًا للاستقرار والنمو والتوازن، وهدفًا لحملات إعلامية مغرضة تحاول النيل من صورتها ومكانتها الدولية، خصوصًا فيما يتعلق بالملف السوداني، الذي كانت الإمارات سبّاقة إلى مدّ يد العون له في كل شيء، حتى أصبحت المصالح المتشابكة تتفوق على الحكمة السياسية.
منذ اندلاع الأزمة السودانية، تبنّت الإمارات موقفًا إنسانيًا متسقًا مع مبادئها الثابتة في دعم الشعوب، فبادرت إلى إطلاق جسر جوي إغاثي، وإنشاء مستشفيات ميدانية في بورتسودان ودارفور، واستقبلت آلاف المتضررين لتقديم الرعاية والعلاج. هذا الدور الميداني كان وما زال واضحًا وموثّقًا، غير أن بعض الأصوات اختارت تشويهه رغم سعيها نحو الخير والمساندة، فحوّلت المساعدات إلى مادة للتحليل المغرض، والمواقف الإنسانية إلى اتهامات نكراء تُبث وتُنشر في منصات مشبوهة تحت شعارات "الاستقلالية" و"حقوق الإنسان".
الحقيقة أن هذه الحملات ليست سوى امتداد لخطاب إعلامي سياسي يُدار من خلف الشاشات لخدمة أجندات تتجاوز السودان نفسه، وتسعى لتقويض صورة الإمارات كدولة فاعلة ومؤثرة وصاحبة حضور متوازن في المنطقة. فمن السهل على تلك الجهات أن تبني سرديات جاهزة، لكن من الصعب أن تواجه الواقع بالأرقام، أو أن تُنكر ما تفعله الإمارات ميدانيًا على الأرض.
ولأن الإمارات باتت نموذجًا يزعج دعاة الفوضى، فقد أصبحت هدفًا دائمًا للتشويه كلما برز نجاحها من جديد، أو مبادرة إنسانية فاعلة، أو دور دبلوماسي عقلاني. فالبعض يرى في استقرارها تهديدًا، وفي سياستها المتوازنة عقبة أمام خططهم الشيطانية والمخرّبة، وفي نموذجها التنموي دليلًا حيًا على أن المنطقة يمكن أن تُدار بالعقل لا بالصراع.
لكن الإمارات لا تُجيد لغة الردح الإعلامي في البركة الملوّثة، ولا تدخل معارك الكلمات المشبوهة. ردّها يكون بالفعل، وبالاستمرار في العمل الإنساني والدبلوماسي الذي يصنع الفارق.
من يعرف نهج القيادة الإماراتية يدرك أن الرؤية أعمق من محاولات التشويه، وأن قيمها الإنسانية ليست موسمية ولا مصلحية، بل ركيزة في بناء الدولة منذ تأسيسها على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه.
إن الحملات الإعلامية المسَيَّسة لن تنال من دولة الإمارات، بل تكشف هشاشة من يديرها، لأن العالم بات أكثر وعيًا بآليات التضليل وبالجهات التي تستثمر في الفوضى الرقمية.
والإمارات، في المقابل، تواصل بناء صورتها عبر الحقائق والمنجزات، لا عبر البيانات الانفعالية. ستبقى الإمارات كما هي صوت العقل وسط العاصفة، ونموذج الدولة التي تُستهدف لأنها تنجح، وتنجح لأنها صادقة مع نفسها ومع مبادئها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة