عندما تسارعت الأحداث في غزة عام 2023 واشتدت الأزمة، لم تتردد الإمارات لحظة واحدة في المسارعة لإغاثة القطاع وساكنيه.
وجاءت التوجيهات من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، فسطرَت الإمارات الملحمة الإنسانية الأكبر على مستوى العالم، وقدمت الغالي والنفيس للأشقاء في غزة، مُذلِّلة كل العقبات في سبيل إغاثة الأشقاء والتخفيف من معاناتهم.
والآن، بعد عامين من ذلك اليوم الخامس من نوفمبر، ميلاد عملية الفارس الشهم 3، تواصل الإمارات ترسيخ مكانتها العالمية والإنسانية كإحدى الدول السباقة في العمل الخيري والإنساني الذي يُعنى بالإنسان أولًا، عبر مبادرات ومساهمات نوعية إنسانية تعكس النهج القويم للإمارات، وتعبّر عن أصالتها وعن بذرة الخير والعطاء التي زرعها زايد الخير، وأضحت شجرةً وارفة الظلال تدنو بظلها أصقاع المعمورة، تُغيث الملهوف وتُطعم من تقطعت به الأسباب، وتخفف من معاناته وتُداوي جروحه.
استجابة سريعة من خلال منظومة عمل متكاملة
فور صدور التوجيهات، انطلقت العملية في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني 2023 بتنسيق عالٍ من عدة جهات محلية متمثلة في قيادة العمليات المشتركة في وزارة الدفاع، وبتنسيق مباشر مع الهلال الأحمر الإماراتي وجمعيات خيرية أخرى. وتم وضع الخطط الإغاثية العاجلة، فعامل الوقت مهم جدًا، واللحظات حاسمة ومصيرية لدى الأشقاء في القطاع. أما على الصعيد الخارجي، فتم العمل والتنسيق مع المنظمات الإغاثية مثل الصليب الأحمر، والأونروا، ومنظمة الصحة العالمية، حيث وُضعت الخطط بهدف دعم القطاع بما يحتاجه بشكل عاجل.
أكبر جسر إغاثي نوعي في المنطقة
من خلال عملية الفارس الشهم 3، نفذت قيادة العملية أكبر جسر إغاثي لوجستي متنوع للنقل الإستراتيجي تشهده المنطقة. جوًا، نُفذت 683 رحلة طيران. بحرًا، أُطلقت 21 سفينة من 3 محطات مختلفة (10 سفن إنسانية من الإمارات، و3 سفن من العريش المصرية، و8 سفن من قبرص). أما برًا، فتم تسيير 7722 شاحنة، جميعها قامت بنقل المواد الإغاثية إلى الأشقاء في القطاع، ليصل مجموع ما تم إيصاله إلى أكثر من 100 ألف طن من المساعدات الإنسانية المتنوعة التي يحتاجها الأهالي، واشتملت على مواد غذائية، مستلزمات طبية، مستلزمات الخيم والإيواء، طرود المرأة، طرود الأطفال، أي أن الإمارات منفردة قدمت 46% من المساعدات التي تم تقديمها بالفعل للقطاع.
على صعيد الدعم الجوي، لم تقتصر العمليات على نقل المواد الإغاثية، بل تعدتها بمراحل، فإيصال المساعدات برًا يصعب في بعض المناطق. لذا قامت عملية الفارس الشهم 3 بإطلاق عملية طيور الخير التي استهدفت إيصال هذه المساعدات بعمليات إسقاط للمناطق التي يصعب الوصول إليها، وتُعد أبرز مراحل الفارس الشهم 3، حيث نُفذت 81 عملية إسقاط جوي من خلال 218 طائرة حملت أكثر من 4076 طنًا من المساعدات الإغاثية العاجلة، لتؤكد الإمارات قدرتها على تذليل الصعاب في سبيل إخواننا في غزة.
القطاع الصحي: المستشفيات الإماراتية شريان ينبض بالحياة في ظل الأزمات
على الصعيد الصحي، أولت الإمارات اهتمامًا بالغًا لهذا الجانب الحيوي والمهم، حيث قامت بإنشاء مستشفيين، أحدهما ميداني داخل القطاع، والآخر عائم في ميناء العريش.
يحتوي المستشفى الميداني على 200 سرير مزود بأحدث المعدات الطبية الأساسية، ويحتوي على غرف عمليات وغرف طوارئ، ومجهز بكادر طبي من مختلف التخصصات، وخلال العامين قدّم خدماته لأكثر من 52,960 حالة، ونُفذت به أكثر من 3,400 عملية جراحية، مما يجعله أحد أكثر المراكز الطبية فاعلية داخل القطاع.
أما المستشفى العائم، فهو مجهز بـ100 سرير، يحتوي على غرفة عمليات وغرفة أشعة، ومجهز بكوادر طبية عالية المستوى أسوة بالمستشفى الميداني، وقدّم خدماته لأكثر من 20 ألف حالة طبية، ويضم مركزًا لتأهيل الأطراف الاصطناعية.
ولم يتوقف الدعم الطبي الإماراتي عند هذا الحد، إذ قامت الدولة بنقل أكثر من 1000 طفل مع ذويهم لاستكمال علاجهم في الإمارات على نفقتها، إضافة إلى 1000 مريض مصاب بالسرطان، وقدمت لهم كل ما يحتاجونه من دعم نفسي وتأهيلي يساعدهم على المضي في حياتهم.
التعليم أولوية للإمارات
العلم نور، ومن هذا المنطلق قدمت الإمارات دعمًا للقطاع التعليمي شمل ترميم المدارس وتوفير المستلزمات التعليمية لأكثر من 10 آلاف طالب وطالبة، ناهيك عن تأهيل نحو 45 معلمًا ومعلمة من خلال برامج تدريبية لضمان استمرارية التعليم لأهالي القطاع في ظل الأوضاع المأساوية الصعبة.
ولم يغب عن الإمارات دعم الجانب المجتمعي، فمن خلال المبادرات الإنسانية والمجتمعية التي قدمتها الفارس الشهم 3 تم دعم الأطفال والنساء والأسر بأكثر من 71 مبادرة إنسانية، وفرت من خلالها المستلزمات الإنسانية من غذاء وملابس ومستلزمات معيشية، كما تم تنفيذ العديد من المبادرات التي استهدفت توفير مستلزمات الشتاء.
مشاريع البنى التحتية: استدامة في سبيل الإنسان
في ظل النقص الحاد في المياه، أنشأت الإمارات 6 محطات لتحلية المياه بطاقة إجمالية بلغت مليوني جالون يوميًا، وتم إضافة خط المياه الإماراتي الذي يُعد شريان الحياة من العريش إلى داخل القطاع، وتحديدًا خان يونس، حيث أنجزت الإمارات مؤخرًا خطًا بطول 7.5 كيلومترات لنقل المياه.
وعلى صعيد المشاريع الأخرى، قامت الإمارات بالتنسيق مع البلديات المحلية وقدمت مبادرات عدة، منها صيانة الآبار الجوفية في القطاع وشملت 115 بئرًا، كما تم تقديم 36 صهريج مياه لنقل المياه إلى الأهالي، إضافة إلى إصلاح خطوط الصرف الصحي والمياه المتهالكة.
كما قدمت الإمارات الدعم للمطابخ الشعبية، حيث وفرت المواد الأساسية لتشغيل 71 مطبخًا شعبيًا في مختلف مناطق القطاع، وقدمت ملايين الوجبات للسكان.
أما المخابز الشعبية، فحظيت بدعم مماثل، إذ قدمت العملية الدعم لـ42 مخبزًا وزودتها بالطحين والكوادر التشغيلية.
تستهدف هذه المشاريع تحقيق استدامة الموارد البيئية ودعم المجتمعات المحلية ضمن نهج الإمارات الإنساني الذي يجمع بين الإغاثة والتنمية المستدامة.
أرقام ومقارنات تلخص العطاء
في هذا الجانب نسلط الضوء على بعض الأرقام والإحصاءات بين مرور عام وعامين على الفارس الشهم 3:

الإمارات: رؤية إنسانية راسخة مستمدة من زايد الخير
تمثل وتجسد عملية الفارس الشهم 3 روح الإمارات ورؤيتها المستمدة من إرث المؤسس الشيخ زايد، طيب الله ثراه، الذي أرسى الخير نهجًا والإنسانية نبراسًا للدولة من خلال مقولته: "إننا نؤمن بأن خير الثروة التي حبانا الله بها، يجب أن يعم أصدقاءنا وأشقاءنا".
وفي السياق نفسه، يؤكد رئيس دولة الإمارات، هذا النهج الذي لا نحيد عنه بقوله: "إن نهج الإمارات في العمل الإنساني يقوم على مبادئ راسخة تتمثل في نصرة الإنسان ومد يد العون لكل محتاج دون تمييز أو تردد."
في النهاية، فإن مد يد العون إلى الآخرين هو جوهر قيمنا وأساس نهجنا. سنبقى دائمًا في الإمارات نصرةً للإنسان أينما كان، عطاؤنا لا ينضب، وسعينا لا يكل، وعزيمتنا لا تلين.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة