تحترف بعض الدول والمنظمات الفاشلة مهنة تصدير أزماتها، وإلقاء اللوم في تخلفها الحضاري والإنساني على أي طرف آخر.
وذلك لتبرر - لنفسها وأمام شعوبها - الكوارث والويلات الناتجة عن سياساتها الظلامية ونهجها التدميري، وعقم منهجها في تقديم أبسط حقوق شعوبها وأقل متطلبات الحياة، بل وتحاول جاهدة أن تعلق أخطاءها الكارثية على شماعة الغير، متجاهلة كل الأيادي التي مُدّت إليها عبر تاريخ من الزمن محمّل بالعطاءات والمواقف المشرفة والمساعدات والإغاثات.
وهذا بالضبط ما تمارسه ظلماً وادعاءً وكذباً الطغمة الحاكمة في السودان، محاولةً أن تلطخ تاريخ دولة الإمارات المشرف ومواقفها التي يقف العالم كله احتراماً لها، وبالطبع دائماً الفشل حليف الفاشلين الضالعين والموغلين في الدم السوداني، والمتمادين في الإجرام والاقتتال، ليدفع الشعب السوداني المغلوب على أمره الثمن غالياً تشريداً وجوعاً وقتلاً وتعذيباً.
لقد أعربت دولة الإمارات العربية المتحدة في أروقة الأمم المتحدة، وفي كل اللقاءات والمناسبات، ومنذ بدء اشتعال الأزمة السودانية والاقتتال العسكري، أن السبيل الوحيد والناجع لحل أزمة السودان لا يمكن أن يكون إلا من خلال الحوار والسياسة.
من هنا دعمت الإمارات كل الجهود السياسية الهادفة إلى إخماد فتيل الحرب، كما قدمت المساعدات التي لم تسبقها فيها أي دولة أو منظمة.
وهذا العطاء والسخاء في نجدة الشعوب المنكوبة منقبة إماراتية لا تحتاج دليلاً ولا قرينةً ولا شكراً، بل هي جزء أصيل من أدبياتها وقيمها.
إن قراءة بسيطة في قائمة المساعدات والضخ المالي والهبات التي قدمتها الإمارات للسودان، تُثبت بكل جدارة أن الإمارات دولة سلام ومحبة، وأشبه برجل إطفاء يحاول إخماد الحرائق العربية والعالمية، ويقدّم كل ما من شأنه إكرام الإنسان ونجدته وتقديم الغوث له أينما كان، بغضّ النظر عن لونه وعرقه وانتمائه وعقيدته.
وضمن إطار الأزمة الإنسانية الخانقة التي يشهدها السودان منذ اندلاع النزاع العسكري في أبريل/نيسان 2023، ترسخت مكانة دولة الإمارات كواحدة من أهم المساهمين في تقديم مساعدات عاجلة ومتعددة الأشكال، انعكست على الأرض بإجراءات استراتيجية وميدانية تهدف إلى التخفيف من معاناة المدنيين وتعزيز الاستقرار الإنساني.
وقد تجلّى ذلك بتقديم الإمارات أكثر من 3.5 مليار دولار أمريكي كمساعدات إنسانية وتنموية خلال العقد الأخير للشعب السوداني، وعلى وقع التصعيد الاقتتالي الأخير قدّمت الإمارات 200 مليون دولار أمريكي ضمن مؤتمر رفيع المستوى عُقد في أديس أبابا، ليصل إجمالي مساهماتها منذ بداية الأزمة إلى نحو 600 مليون دولار أمريكي.
وقد استهدفت جهود الإمارات الإنسانية في السودان تعزيز الأمن الغذائي والرعاية الصحية والتعليم، ومن الشواهد على ذلك توقيع الإمارات اتفاقية مع (اليونيسف) لتقديم 7 ملايين دولار أمريكي لدعم الأطفال والنساء في السودان وجنوب السودان، منها 6 ملايين للسودان، كما دعمت الإمارات صندوق الشؤون الإنسانية التابع لمكتب الشؤون الإنسانية (أوتشا) بمبلغ 5 ملايين دولار أمريكي لتسهيل وصول التمويل للحالات الطارئة.
كما نفّذت الإمارات جسراً جوياً وبحرياً لنقل المساعدات إلى السودان والدول المجاورة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: إرسال سفينة تحمل 1,000 طن من الإمدادات الغذائية والطبية إلى ميناء بورتسودان، كما شاركت بالتعاون مع (منظمة الصحة العالمية) في تسليم 30 طناً من الإمدادات الطبية العاجلة عبر طائرات شحن إلى السودان، لدعم مرافق الرعاية الصحية التي تعاني من نفاد الأدوية والمستلزمات.
وبدافع إنساني وإغاثي وسّعت الإمارات مساعيها الإغاثية ومساعداتها التي لم تنقطع على إثر الأزمة السودانية لتشمل دولاً خارج نطاق السودان، وخصوصاً الدول التي استقبلت نازحين من السودان، لتقديم الدعم والمواد الأساسية والإغاثية، مثل: تشاد وجنوب السودان، لتشمل إنشاء مستشفيات ميدانية في مدينتي أُم جَرّاس وأبِّشه بتشاد، والتي خدمت احتياجات صحية لأكثر من 45 ألف مريض.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، ونتيجة لرغبة دولة الإمارات في إخماد نيران الاقتتال في السودان، فقد ربطت بين المساعدات ودعواتها إلى تسوية سياسية للنزاع، حيث شددت على مطالبتها بوقفٍ فوري للقتال، ودعت إلى العودة إلى العملية السياسية، معتبرة أن الحل العسكري ليس طريقاً، وأن تقديم المساعدات لا يمكن أن يكون بديلاً حقيقياً عن السلام الذي يجب أن يسود في جميع ربوع السودان.
واستنباطاً مما تقدم من حيثيات إنسانية وأخلاقية التزمت بها دولة الإمارات في التعاطي مع الأزمة السودانية، فإنها لم تقف عند حدود المساعدات الإغاثية العاجلة والمتواصلة، بل عززت جهودها على المسارات كافة، وخصوصاً على صعيد الجمع بين التمويل والدعم واللوجستيات للتنسيق مع المنظمات الأممية، وتقديم الدعم للمجتمعات المتضررة داخلياً وخارجياً.
إن النهج والسياسة اللذين اتبعتهما الإمارات في التعاطي مع المعضلة السودانية يقدمان أنموذجاً مشرفاً على التزام الدول المرتكزة على قيم الخير والإنسانية والعطاء والسخاء بلا مقابل، وإن ما جادت به يدا الإمارات من خير في السودان يعد مثالاً ناصعاً على الدور الفعّال والإيجابي والبنّاء الذي يمكن أن تلعبه الدولة ذات الثقل السياسي والإنساني والخيري.
إن الإمارات، وأمام هذه العطاءات والتضحيات والمساعي الخيرية، تُقابل جهودها من بعض المتنفذين في السودان بأسف شديد لما وصلت إليه حال هذا الفكر التخويني الذي يتسيد السودان حالياً، لكن دولة الإمارات ستبقى دائماً منبر الخير وموئل العطاء مهما تكالبت الألسنة للنيل من مواقفها وتاريخها الزاخر بالعطاء والخير والسلام، ولا عزاء للفشلة الظلاميين.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة