عفرين.. غنيمة حرب للفصائل السورية وعربون "الولاء" لتركيا
القوات التركية سمحت لفصائل المعارضة السورية المسلحة الموالية لها بامتلاك مزارع ومنازل وقرى عفرين، فيما تجهزها لإلحاقها بالإسكندرونة
عدد من الجرائم يرتكبها النظام التركي والفصائل المسلحة الموالية له في مدينة عفرين، شمالي سوريا، تؤكد أنها في طريقها للحاق بلواء الإسكندرونة الذي سلخته أنقرة من الجسد السوري عام 1939، ولكن هذه المرة بمشاركة سورية.
- أردوغان يحيي سياسة "التتريك".. وسوريا ميدان التجارب
- برعاية أردوغان.. طمس هوية عفرين بتوطين فصائل الغوطة
وبادئا تقريره حول هذا الأمر بعبارة "توطين مدروس بعناية"، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان (مركز معارض مقره لندن)، نقلا عن نشطاء تابعين له في عفرين إن المدينة بعد تهجير القوات التركية لسكانها تحولت إلى أملاك خاصة تتبع مقاتلا معينا أو فصيلا، وكأنه "عربون الولاء المطلق" للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وأضاف المرصد أن القوات التركية والفصائل السورية المسلحة الموالية لها تحولت من قوة تتحدث عن أنها راعية لحقوق السوريين إلى المساهمة في عملية ضخمة، هي عملية "غصن الزيتون" العسكرية التركية، صارت وبالا على أهل المدينة؛ وهجَّرت مئات الآلاف منها، لتصبح "مستباحة" لتلك الفصائل.
الملكية بوضع اليد
وباتت المدينة تحت "قبضة أمنية مشددة"، وتخضع لعملية تغيير ديموغرافي، واستدل تقرير المرصد على ذلك بروايات شهود عيان عن أن الفصائل المسلحة قسمت عفرين فيما بينها، ويقوم كل فصيل بإضافة صبغة معينة على مبنى أو مزرعة أو قرية بأكملها ليعلن لبقية الفصائل أنها صارت ملكا له.
ففي بلدة جنديرس بالقطاع الغربي من ريف عفرين، أبنية جرى الكتابة عليها بأصبغة تعلن البناء بشكل كامل ملكا لفصائل سورية عاملة في "غصن الزيتون"، بطريقة وضع اليد، ويُمنع أصحابها من الرجوع إليها، أو أن يقترب منها فصيل آخر.
كذلك الأمر في تحويل مزارع إلى مقرات أمنية استوطنت فيها عناصر الفصائل المسلحة، فيما حوّلت قرية كفر صفرة إلى منطقة عمليات مسلحة مغلقة، يُمنع دخول غير أعضاء الفصائل المالكة لها إليها، ويتواجد فيها أيضا مقرات للقوات التركية.
وإضافة لذلك رصد نشطاء المرصد السوري عشرات السيارات والشاحنات المحملة بالمسروقات التي نهبتها الفصائل من أملاك ومنازل السكان المهجَّرين، فيما تبرر تلك الفصائل عملية النهب بأن المسروقات مأخوذة من منازل أفراد القوات الكردية التي تصنفها تركيا بالإرهابية.
توطين فصائل دمشق
وبجانب السطو على الأملاك، تفرض الفصائل المسلحة على من بقي من سكان عفرين تضييقا أمنيا شديدا في التحركات؛ حيث أقامت حواجز تجري عمليات تفتيش دقيقة، وصلت لحد إهانة السكان، وذلك مقابل حسن المعاملة مع السوريين القادمين من مناطق سورية أخرى.
كما شمل التنكيل بمن تبقى من سكان عفرين تعرضهم لعمليات مداهمة واعتقالات بحجة انتمائهم للقوات الكردية، ويتم الإفراج عن بعضهم مقابل مبالغ مالية كفدية.
وإمعانًا في عملية تغيير تركيبة السكان، تمنع القوات التركية والفصائل الموالية لها منع المهجَّرين من عفرين من العودة إلى قراهم، ومنهم العوائل التي تنتظر منذ 3 أسابيع على حاجز كيمار والحواجز الشرقية لعفرين، على أمل أن يستطيعوا العودة، فيما يعانون من نقل الأغذية والأدوية.
في المقابل، تجري عملية توطين الفصائل المسلحة، مثل فصيل "فيلق الرحمن" وعائلاتهم القادمين من الغوطة الشرقية والقلمون الشرقي بدمشق في عفرين محل السكان الأصليين.
وهذه الفصائل غادرت دمشق إلى عفرين عقب اتفاق جرى بينها وبين الحكومة السورية برعاية روسية يقضي بأن يبقى في الغوطة الشرقية والقلمون الشرقي من يقبل إلقاء السلاح والعيش تحت سيطرة الحكومة السورية، أما من يرفض فيرحل إلى الشمال السوري لينضم لفصائل المعارضة المسلحة الموالية لتركيا في إدلب وجرابلس وعفرين.
ومن ضمن من استوطن في عفرين قائد فيلق الرحمن عبد الناصر شمير والعشرات من قيادات وعناصر فيلق الرحمن مع عوائلهم، بحسب المرصد.
إلحاق عفرين بالإسكندرونة
وفي إطار توسيع السيطرة التركية لما بعد عفرين، أشار المرصد إلى التحضير لفتح معبر حدودي غير رسمي بين مناطق سيطرة القوات التركية في عفرين وبين لواء إسكندرون بعد تأسيس لجنة محلية لإدارة منطقة جنديرس.
واستولت تركيا على لواء الإسكندرونة، الواقع على الحدود مع سوريا، عام 1939 بتواطؤ من فرنسا التي كانت تفرض انتدابها على سوريا في ذلك الوقت.
وجاءت عملية ضم اللواء أيضا عبر عملية توطين ممنهجة؛ حيث تم توطين تركمان موالين لتركيا باللواء، وفي 1939 انسحبت فرنسا بشكل مفاجئ منه تمهيدا لدخول مفاجئ للقوات التركية، وعقب احتجاجات السكان من العرب، أجرت فرنسا استفتاء أفضى إلى القبول بتبعيته لتركيا، وشكك السوريون في نتائج الاستفتاء، كما كان للوجود التركماني دور في إنجاحه.
وعقب الاستفتاء أمعنت أنقرة في سياسة التتريك عبر تهجير سكانه العرب إلى داخل سوريا، والاستيلاء على أراضيهم وأملاكهم، وتغيير الأسماء العربية إلى التركية، وهو نفس النهج الجاري العمل عليه في عفرين، ولكن هذه المرة بتواطؤ من فصائل سورية عربية.