بالصور.. حكايات عن اغتيال الطفولة في الغوطة الشرقية
رغم دخول الغوطة الشرقية الواقعة بدمشق ضمن اتفاقية خفض التصعيد، إلا أن عملية الحصار لا تزال مفروضة عليها والقصف الجوي لم يتوقف بعد.
أجساد نحيلة بوجوه قلقة وعيون باكية تبحث عن الرحمة والأمل وسط ركام الحرب والمباني المتهدمة بمدينة الغوطة الشرقية.
ولا يمر يوم من أيام الحرب السورية دون أن يكتب نهاية قصة من قصص البراءة لأطفال فقدوا القدرة على الصراخ من شدة الجوع، أو ألم الإصابة.
ورغم دخول الغوطة الشرقية الواقعة بدمشق ضمن اتفاقية خفض التصعيد في يوليو/تموز الماضي، إلا أن عملية الحصار لا تزال مفروضة عليها والقصف الجوي لم يتوقف بعد، ليواجه أطفال المدينة كارثة إنسانية كبرى على مدار الأشهر الأخيرة.
أرقام مفزعة
أرقام وإحصائيات جديدة عن معاناة أطفال الغوطة تشير إلى سوء الوضع الإنساني، حيث أوضحت منظمة الأمم المتحدة للطفولة أن نحو 1114 طفلاً يعانون من أشكال عدة من سوء التغذية، بينها النوع الأكثر خطورة والمعروف بسوء التغذية الحاد الوخيم.
كما أشارت التقارير الدولية إلى أن 232 طفلاً يخضعون لحالة صحية متدهورة نتاج الإصابة بسوء تغذية حاد، ما يستدعي التدخل الطبي السريع لإبقاء الأطفال على قيد الحياة، بالإضافة إلى أن 828 طفلاً في حالة سوء تغذية حاد متوسط، و1589 طفلاً مهدداً بالإصابة، وفقاً لما ذكرته المتحدثة باسم اليونسكو مونيكا عوض.
وتعد هذه الأرقام مؤشراً واضحاً لحجم الضرر الواقع على سكان الغوطة البالغ عددهم نحو 400 ألف شخص، حيث دخلت آخر قافلة إنسانية حاملة مساعدات غذائية وطيبة ومستلزمات أخرى تكفي لـ25 ألف شخص في 3 مناطق بالمدينة، ما يزيد من المعاناة نظراً لأن المساعدات الإنسانية ليست كافية لتلبية حاجات جميع المصابين.
قصص من قلب المأساة
حصار مروع تعرضت له الغوطة منذ أكثر من 4 سنوات، ورغم مرور نحو 3 أشهر على دخول المدينة ضمن مناطق خفض التصعيد، إلا أن الخروقات المستمرة للهدنة وقرار وقف النار إضافة إلى بصمات الحصار حولت المدينة إلى مدينة أشباح، تدوي فيها أصوات البكاء وصراخ الأطفال الذين لا يتحملون قسوة الحياة فيتساقط بعضهم جثث هامدة بين أيدي أمهاتهم.
وبين حصار جيش النظام السوري وعناد المعارضة المسلحة.. أصيب التوأمان "صفا ومروة" نتيجة نقص الغذاء بإعياء وسوء تغذية حاد، لتجلس والدتهما على باب منزلها المتهدم حالمة بوصول قافلة مساعدات تنقذ طفلتيها الصغيرتين.
ولم تكن قصة الطفلتين صفا ومروة القصة الوحيدة التي تعبر عن الوضع الإنساني المتدهور، وبملامح شاحبة تظهر الطفلة هالة النوفي التي لم يتجاوز عمرها 3 أعوام غير قادرة على المشي نتاج إصابتها باضطراب في وظائف الجهاز الهضمي لحرمانها من الطعام لأسابيع متواصلة.
وبعيون حائرة يحمل الأب ابنته المريضة طالباً المنظمات الأممية بالتدخل لإنقاذ أطفال الغوطة.
بينما سقطت الرضيعة سحر صاحبة الـ34 يوماً جثة هامدة، وولدت الطفلة في ظروف صحية قاسية، نظراً لمعاناة والدتها أثناء فترة الحمل من نقص حاد في المناعة نتيجة نقص الدواء، لتصاب الرضيعة بعدة أمراض لم يستطع جسمها الضئيل أن يقاومها.
بلدة محاصرة
وتسببت الأوضاع السياسية والاقتصادية المتدهورة في نقص الغذاء والدواء، وأصبحت الأسواق فارغة من السلع الغذائية، بالإضافة إلى توقف السيارات والعربات عن العمل، وتدريجياً حلت طريقة التنقل بالعربات التي تجرها البغال محل السيارات، خاصة بعد توقف وصول النفط إلى الغوطة وارتفاع أسعار البنزين بنحو 10 دولارات للتر الواحد.
ويومياً تزداد الأوضاع الاقتصادية سوءاً لتوقف حركة التجارة والعمل، وفقدان أصحاب المحال وسيلة لنقل البضائع خارج البلدة، ليتأزم المشهد نتيجة الحصار والصراع السياسي بين جيش النظام والمعارضة المسلحة.