منبج السورية.. مخاوف من تحولها للضحية التالية لأطماع أردوغان
بعد 17 شهرا على تحرير منبج من تنظيم داعش الإرهابي على يد القوات الكردية يخشى سكان المدينة السورية خطر الغزو التركي.
بعد 17 شهرا على تحرير منبج من تنظيم "داعش" الإرهابي على يد القوات ذات الأغلبية الكردية المدعومة من أمريكا، يخشى سكان المدينة السورية القديمة من خطر جديد، بعد أن أصبحت أوضاعهم أفضل نسبيا.
وفي تقرير نشرته صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية، قالت إن مدينة منبج، التي تقع وسط بساتين الزيتون نصف المدمرة على بعد 32.19 كيلومترا جنوب الحدود التركية، على خط المواجهة بين قوتين من دول الناتو، حيث ترفض أمريكا سحب قواتها من الطريق المهددة بالغزو التركي لشمال سوريا.
- بعد إسقاط طائرة روسية.. أمريكا تنفي تزويد حلفائها بسوريا بالصواريخ
- من كوباني لعفرين.. المقاتلات الكرديات شبح يرعب داعش وأردوغان
وأشارت إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، هدد بمهاجمة المدينة، في التلال خارجها تحشد المليشيات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة والقوات المدعومة من تركيا لمعركة يمكن أن تدفع المنطقة إلى حالة من الفوضى في الوقت الذي تقترب فيه هزيمة "داعش".
ومنذ القرن التاسع قبل الميلاد، عندما كانت تحتلها قبائل الآراميين، مثلت منبج نقطة التقاء خطيرة بين الإمبراطوريات، تم الدفاع عنها ببسالة ولكنها نهبت مرارا، ثم احتلها إرهابيو "داعش" -بوحشية- بين عامي 2014 و2016، ولكنها أصبحت الآن نقطة تمركز رئيسية في المنطقة الشمالية المتمتعة بالحكم الذاتي التي انبثقت عن الحرب ضد التنظيم الإرهابي.
ولفتت إلى أن أنقرة تتهم "قوات سوريا الديمقراطية"، وهي المليشيات ذات الأغلبية الكردية التي هي أقرب شريك لأمريكا في الحرب ضد "داعش"، بأنها "إرهابية".
وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، قاتلت "قوات سوريا الديمقراطية"، إلى جانب قوات التحالف ضد "داعش"، الذي انضمت بريطانيا إليه، لطرد الإرهابيين من مناطق شاسعة من سوريا.
ووفقا للصحيفة، فحقيقة أن "قوات سوريا الديمقراطية"، تسيطر على منبج، تضع البلدة مباشرة محط أنظار تركيا كهدف محتمل للغزو المناهض للأكراد الذي شنته عبر الحدود إلى شمال سوريا في أواخر الشهر الماضي.
في المقابل، أعلنت أمريكا، التي لديها قاعدة عسكرية صغيرة قريبة، أنها ستبقى، حيث يقوم الجنود الأمريكيون بدوريات على الحدود ويقودون حول الطرق التي دمرتها المعارك في قوافل صغيرة، وكل يوم، كما يقول السكان المحليون، تحلق الطائرات الأمريكية فوق المدينة وتئز طائراتها بدون طيار في الهواء بالقرب من خط الجبهة.
وفي السياق، يقول حمودي فاهي (24 عاما)، ويعمل ممرضا: "بالطبع نخشى أن يأتي الأتراك، لكننا آمنون طالما بقي الأمريكيون. ونعتقد أنهم سوف يحموننا؛ لأننا قاتلنا داعش معا. فقدوا رجال هنا. لا يمكنهم التخلي عنا".
وأوضحت الصحيفة أن المعركة ضد عناصر التنظيم حولت أجزاء كبيرة من منبج إلى أنقاض، ولكن وسط الدمار، تعود المدينة إلى الحياة والمحالّ التجارية تعرض الملابس الرياضية والموز.
وفي المقاهي وزوايا الشوارع، يشاهد مجموعات من الشباب أحدث الفيديوهات البشعة من عفرين، وهي المنطقة التي تبعد 96.66 كم إلى الغرب حيث يتقدم الغزو التركي، والجماعات المتمردة السورية المعارضة للأكراد تقوم بالكثير من القتال البري في عفرين.
بدوره، يقول أحمد محمد، وهو مدرس في منبج: "كنا نعيش في سلام منذ أن تم تحرير منبج وبذلنا قصارى جهدنا لبناء مدارسنا ومجتمعنا بعد سنوات من سيطرة داعش. الآن يدعي أردوغان أنه سيأتي لتحريرنا. من الذي سيحررنا منه؟".
غير أن ما يزيد من فسيفساء القوات المتورطة تعقيدا، حقيقة كون المقاتلين الأكراد في عفرين ليسوا جزءا من "قوات سوريا الديمقراطية"، المدعومة من الولايات المتحدة، في حين أن الأكراد في منبج يتابعون عن كثب الأحداث في عفرين، فإن أمريكا لم تتدخل هناك.
ووفقا لأبو عادل رئيس مجلس منبج العسكري الذي يضم 5000 مقاتل عربي وكرد ساعدوا في تحرير البلدة من داعش، فإنه سيحصل على دعم الأمريكيين إذا وصلت قوة الغزو.
وأضاف: "نحن مستعدون لهم إذا جاءوا وكذلك الأمريكيون. قالوا إنهم سيحموننا. ومنذ بدء عملية عفرين، عززنا قواتنا هنا وكذلك فعل الأمريكيون".
ويقول محللون إن أردوغان يحاول مواجهة أمريكا للحصول على قبول محلي، وإن المسيرة المتوقعة في شمال سوريا ربما لا تكون أكثر من مجرد نعرة قومية.
وبالنسبة لسكان منبج، فإن شبح هجوم تركي قريب يلوح في الأفق بعد الإطاحة بتنظيم "داعش" أمر يصعب تحمله، في المساء تبدو الطرق المتربة فارغة، وداخل المنازل، تحتشد العائلات حول أجهزة التلفاز لمشاهدة الأخبار القادمة من عفرين، والسؤال هو: أين سيكون الهجوم القادم؟
وقالت فريدة عادل قاضل (67 عاما) وهي ربة منزل: "إذا هاجم الأتراك، فإن داعش سيعود، نحن خائفون جدا. لا أستطيع النوم. كل ليلة أفكر فقط في عفرين وأخشى أننا سنكون الضحية التالية".
aXA6IDUyLjE1LjEzNi4yMjMg جزيرة ام اند امز