قاعدة أمريكية جديدة لإطلاق شرارة معركة تلعفر الدولية
القاعدة تم إنشاء أكثر من نصفها قرب تلعفر مع استعداد مليشيا الحشد الشعبي الموالية لإيران والجيش العراقي لما يوصف بتحرير المدينة من داعش
بدأت الولايات المتحدة في إنشاء قاعدة عسكرية قرب مدينة تلعفر شمال غرب العراق، إيذانا ببدء معركة فاصلة من معارك الصراع الدولي بينها وبين إيران وتركيا حول الحدود بين العراق وسوريا.
وستشبه تلك المعركة مثيلتها الدائرة بين الأطراف ذاتها ومعهم روسيا فيما يخص منطقة التنف على الحدود بين العراق وسوريا والأردن.
- جسر «إمبراطوري» إيراني بين القصير السورية وتلعفر العراقية
- ما العلاقة بين إعلان داعش تلعفر "ولاية مستقلة" وممر إيران؟
وفيما لم تتحدث الولايات المتحدة عن هذه القاعدة مباشرة حتى اليوم الخميس، إلا أن مسؤول وحدة الآليات العسكرية الثقيلة بالجيش العراقي المقدم مهدي الخفاجي أكد أمس الأربعاء نبأ إنشائها.
وذكر الخفاجي في تصريحات نقلتها وكالة أنباء الإعلام العراقي أن إنشاء القاعدة جاء بموجب مشاورات جرت بين قوات أمريكية وعراقية، الجمعة الماضية، في منطقة زمار غرب الموصل.
وأتمّت الفرق الفنية والهندسية أكثر من 50% من أعمال إنشاء القاعدة، بحسب الخفاجي.
ومن المقرر أن تستخدم القاعدة في الإشراف على ما يوصف بعملية "تحرير" قضاء تلعفر من سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي.
ولفت المسؤول العراقي إلى أن "قوات أمريكية خاصة ومستشارين، وصلوا بسيارات مصفحة إلى الموقع وتمركزوا فيه".
وتقع مدينة تلعفر ضمن محافظة نينوى وعلى مسافة 55 شمال غرب الموصل وعلى بعد نحو 60 كلم من الحدود السوريةـ واستولى تنظيم "داعش" على المدينة في 2014 بشكل سهل وسريع مثير للتساؤلات.
بدوره أكد النائب عن محافظة نينوى محمد نوري العبد ربه، النبأ، غير أنه قال إن القاعدة الأمريكية "ليست بمفهوم القاعدة الكاملة، بل مساعدة في الطيران والإحداثيات التي تساعد المقاتلين، ولا وجود لمقاتلين أو دبابات أمريكية على الأرض".
وعن دور هذه القاعدة الجديدة أوضح أن "هناك دعما عسكريا أمريكيا للقوات العراقية المشتركة من خلال الطيران والمعلومات، والقاعدة هي عبارة عن مقر مسيطر من أجل التنسيق مع العمليات المشتركة إذا ما كانت هناك معلومات"، مؤكدا أن "ذلك لا يشكل أي خطر علينا".
وفي إشارة لاقتراب دق طبول الحرب في المدينة، دعا النائب نفسه، أمس الأربعاء، الحكومة المحلية في المحافظة إلى الاستعداد لاستقبال النازحين خلال انطلاق عمليات "تحرير" تلعفر.
وتوقع في حديث لموقع "السومرية نيوز" أن "عدد النازحين خلال العمليات لن يكون كبيرا كما كان في الموصل".
وحول اقتراب المعركة أيضا، قال المتحدث الرسمي باسم مليشيا الحشد الشعبي الطائفية الموالية لإيران، أحمد الأسدي، الأربعاء، إن كل المؤشرات تبين أن معركة استعادة تلعفر ستنطلق أولا، ومن ثم ستتم استعادة الحويجة، وبعدها مناطق غرب محافظة الأنبار.
وأضاف الأسدي أن "القائد العام للقوات المسلحة، حيدر العبادي، أمر بشكل مباشر قيادة العمليات المشتركة بإعطاء التوجيهات لكل القطعات العسكرية التي ستشترك بمعركة استعادة تلعفر منذ حوالي أسبوعين"، لافتا إلى أن تلك القطعات بدأت بالاستعداد واستكمال جهوزيتها.
غير أن وزارة الدفاع العراقية تتحفّظ حتى الآن عن الحديث على موعد انطلاق معركة تلعفر.
وبرر المتحدث باسم الوزارة العميد الطيار محمد الخضري ذلك، الإثنين الماضي، بأن الموعد سيبقى "سرياً لتحقيق عنصر المباغتة".
وبدأ الحديث يتكاثر عما يوصف بمعركة تحرير تلعفر عقب الإعلان عن تحرير الموصل، خاصة بعد إعلان داعش أنه نقل مقره إلى تلعفر، معلنا أنها مقر الولاية الجديد.
وكان لافتا للنظر كيف يمكن أن يسيطر مئات داعش على المدينة بالرغم من أنها محاطة بالقوات الأمريكية ومليشيات الحشد الشعبي.
ولتلعفر موقع استراتيجي على خريطة الممر الإيراني البري الذي تدشنه إيران للربط بينها وبين العراق وسوريا ولبنان، وتعد سيطرة مليشيا الحشد الشعبي على المدينة خطوة مُلحّة في هذا الاتجاه.
وهذا الممر يبدأ من طهران ثم يتجه إلى شمال العراق (حيث تتواجد تلعفر) من بوابة بعقوبة، ثم يشق طريقه داخل الحدود إلى شمال سوريا حتى اللاذقية غربا على البحر المتوسط لتضع إيران موطئ قدم لها على الساحل، ثم ينحدر جنوبا إلى دمشق ولبنان.
ومن المتوقع أن تقرع معركة تلعفر آذان العالم كله لفترة مثلما حدث مع معركة الموصل، لأنها محط أطماع إقليمية ودولية واسعة.
فتركيا ترفض توغل ميليشيات الحشد في المناطق القريبة من حدودها وخاصة تلك التي بها سكان تركمان تربطهم بتركيا روابط تاريخية.
ووقعت صدامات حادة بين الحكومتين التركية والعراقية في 2016 حين كشف الحشد عن نواياه اقتحام تلعفر عند انطلاق معركة تحرير الموصل، وأعلنت أنقرة أنها ستعزز وجودها العسكري عند شمال العراق ردا على هذا.
وتلعفر ذات أهمية استراتيجية لتركيا كون أن بها غالبية من السكان التركمان وقريبة من حدودها.
كذلك للمدينة أهمية استراتيجية للولايات المتحدة كي يكون لها موطئ قدم في المنطقة الحدودية بين العراق وسوريا، وتستطيع من خلالها التحكم في تحركات ونفوذ إيران بحيث لا يكون مطلقا.