أراجيح "طالبان".. أفغانستان تتأرجح على زناد السلاح ولهو الحدائق
كالقابض على الجمر تقف الحكومة الأفغانية عاجزة عن صد التوسع الأفقي لـ"طالبان"، فيما تحاول الحركة إعادة تقديم نفسها بوجه مختلف تماما.
عقود طويلة عاشها مسلحو طالبان بوجوه تحاصرها اللحى وأيادي لا تصافح سوى السلاح وكاميرات لا ترصد سوى إسقاط الطائرات لكن كل ذلك تحول بين يوم وليلة في أفغانستان.
فمع التقارير الواردة عن سقوط عشرات المدن والمناطق الأفغانية في أيدي طالبان، نحّى مسلحو الحركة أسلحتهم جانبا وانتشروا في الحدائق العامة بحثا عن الترفيه.
مشهد الحرمان عكس ملامح الحياة الجبلية التي عاشها عناصر طالبان، حتى خرجت مقاطع فيديو للعديد من المسلحين وهم يلهون على الأرجوحة في حدائق للأطفال.
وبدلا من البيانات ومقاطع التهديد وحمل السلاح التي كانت تغرق مواقع التواصل الاجتماعي عن طالبان، حل مكانها فيديوهات اللهو واللعب من قبل رجال كبار كالأطفال.
لكن المشهد الأكثر إثارة كان سماع صوت أحد عناصر طالبان وهو يصور رفاقه وهم يتأرجحون ذهابا وإيابا يقول لهم: "افعلها بشكل أسرع، أسرع، رائع، رائع! ".
ثم يتابع مصور الفيديو: "هذه الحديقة لنا. لقد استمتعوا (الحكومة الأفغانية) بالكثير من النزهات، والآن جاء دورنا".
وفي مقطع آخر، يمكن سماع أصوات أشخاص يضحكون بينما ينزلق رجل بتردد إلى الأسفل على زلاقة لولبية حمراء زاهية.
ولم يتضح مكان تسجيل مقاطع الفيديو وما إذا كانت تظهر المجموعة نفسها من الرجال أثناء اللهو.
وعلق مئات الأفغان على تويتر وفيسبوك بهذا الشأن. وقال الكثيرون إن مقاطع الفيديو دليل على أن عقودا من الحرب حرمت جيلا من الناس من مثل هذه الملذات البسيطة في الطفولة.
بينما ذكر آخرون أن ملايين الأفغان يعيشون في خوف لأن مسلحين مثل هؤلاء يشنون حربا مدمرة في البلاد.
ربما كل الأسئلة التي تدور في أذهان الأفغان، قدمت لها صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إجابة واحدة ملخصها أن "حركة طالبان تحاول غسل سمعتها" مع اقتراب القوات الأجنبية من إتمام عملية الانسحاب.
تقرير الصحيفة الأمريكية استعان بخطاب قائد المسلحين الذي بات حاكما لمنطقة إمام صاحب شمالي أفغانستان، حين تحدث لأبناء المنطقة قائلا لهم: "استمروا في عملكم، افتحوا متاجركم وحافظوا على نظافة المدينة".
وما تقوم به طالبان حاليا هو "جزء من استراتيجية أوسع لمحاولة إعادة وصف أنفسهم باعتبارهم حكام مؤهلون في الوقت الذي يشنون فيه هجومًا قاسًيا للاستيلاء على الأراضي في جميع أنحاء البلاد"، وفقا للصحيفة.
ولعل هذا المزيج هو إشارة صارخة إلى أن حركة طالبان تعتزم فرض هيمنة شاملة على أفغانستان بمجرد انتهاء الانسحاب الأمريكي.
وسيطرت طالبان على أكثر من 100 مقاطعة في أفغانستان منذ أن بدأت القوات الدولية انسحابها في الأول من مايو/أيار.
بالإضافة إلى ذلك، فقد شن المسلحون في الآونة الأخيرة هجمات على ضواحي العديد من عواصم الأقاليم، لكن قوات الأمن الأفغانية تصدهم حتى الآن لمنعهم من السيطرة .
وأمام هذا الصخب، خرج الرئيس الأمريكي جو بايدن الجمعة مؤكداً أن القوات الأمريكية ستنهي مهمتها العسكرية بحلول نهاية آب/أغسطس.. فماذا ينتظر أفغانستان؟