"شرط ماكرون" ومخطط الإخوان.. رئيس الجزائر في حوار صريح جدا
في حوار "المكاشفة"، كشف الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون معلومات للمرة الأولى عن مخطط الإخوان، وتأسيس حزب سياسي، وولاء الجيش.
صحيفة "لوبوان" الفرنسية، أجرت مقابلة مع الرئيس الجزائري تطرق فيها إلى عدد من التطورات والأحداث الأخيرة المتسارعة في بلاده والمنطقة، وركز على مخطط الإخوان والوضع في مالي، وفرصة الجزائر وفرنسا الوحيدة لتقوية علاقاتهما.
- "رشاد" الإخوانية بالجزائر.. سجل حافل بالإجرام والإرهاب
- الجزائر تستنكر بشدة اعتقال رئيس مالي.. وترفض القوة
إرهاب الإخوان
وفي الحوار المطول، كشف الرئيس الجزائري للمرة الأولى عن رصد الأجهزة الأمنية "تعليمات" صدرت من حركة "رشاد" الإخوانية لتنفيذ عمليات إرهابية من خلال "مواجهة الأمن والجيش".
وعن "الماك" الانفصالية التي صُنفت "إرهابية" أيضا، تحدث تبون عن سيناريو مشابه للحركة الإخوانية، لافتا إلى إحباط الأمن الجزائري عمليات إرهابية "حاولت خلالها استعمال سيارات مفخخة".
والشهر الماضي، صنفت الجزائر رسمياً حركتي "رشاد" الإخوانية و"الماك" الانفصالية "تنظيمين إرهابيين"، واتهمتهما بـ"القيام بأفعال عدائية وتحريضية ترمي إلى زعزعة استقرار البلاد والمساس بأمنها".
وأكد تبون في المقابلة ذاتها، أن هذه المخططات الإجرامية كانت وراء إدراج الحركتين على لوائح الإرهاب، مضيفا: "للصبر حدود في وجه دعوات العنف، وهم من أعلنوا أنفسهم إرهابيين".
وأقر تبون أيضا للمرة الأولى بـ"اختراق الحراك الشعبي بهدف تمرير أجندات إجرامية"، و"وجود أصوات داخل الحراك تطالب بدولة إسلامية"، في إشارة إلى حركة "رشاد" الإخوانية.
الإسلام السياسي
كما قلل الرئيس الجزائري من "احتمال وصول الإخوان إلى سدة الحكم" في البلاد، رغم أن الصحيفة تحدثت عن التنظيم بوصفه بـ"الإسلام السياسي".
وتابع تبون قائلا: "لا يزعجني وصول الإسلام السياسي لأنه ليس فوق القانون"، مضيفا: "نحن نرفض الإسلاموية (المتاجرون بالدين) الراديكالية التي عانينا منها في التسعينيات".
تصريح قوبل باهتمام محللين وخبراء؛ فسروا حديث تبون بأن "حكم الإخوان للجزائر في حكم المستحيلات بناء على تجارب البلاد السابقة، وحقيقة ممارستهم للسياسة بعقيدة متطرفة تتجاوز كل الأعراف والقوانين، أبرزها ولاؤهم للخارج الذي يجرمه القانون الجزائري".
ولاء الجيش
كما أشاد تبون بالدور الكبير الذي لعبه الجيش لحماية أمن البلاد مما وصفه بـ"مخططات مشابهة للوضعين السوري والليبي"، وقال "لولا الجيش لكان الوضع أسوأ من سوريا وليبيا".
وعن الانتقادات الموجهة للمؤسسة العسكرية واتهامها بـ"التدخل في السياسة"، أكد الرئيس الجزائري أنه "لمس بكل فخر وفاء الجيش له، وعلى رأسه الفريق السعيد شنقريحة، خلال إصابته بفيروس كورونا نهاية العام الماضي".
وأضاف "خلال تلك الفترة لم تتعطل ممارستي للحكم، صحيح أنها أخرّت قليلاً برنامج الإصلاحات، لكن الدولة كانت تسير في فترة غيابي، والدليل أننا استطعنا إعادة تأهيل مؤسسات الدولة التي بدأنا في إصلاحها، وأيضاً استطعنا خلال هذه الفترة إطلاق مشاريع جديدة".
كما نفى أي دور للجيش في الحياة السياسية قائلا: "الجيش انسحب من السياسة نهاية الثمانينيات، حيث كان عدد من الجنرالات أعضاء في اللجنة المركزية للحزب الحاكم حينها"، مضيفا "بعد استقالة الرئيس السابق (عبدالعزيز بوتفليقة) كان يمكن للجيش أن يتسلم السلطة لكنه لم يفعل".
الولاية الثانية
تبون فند أيضا الشائعات التي تحدثت عن "رغبته في الاستقالة"، وقال في هذا الإطار، "البعض ظن أنني تركت الحكم (بعد إصابته بكورونا)، لكنكم تعرفون من يترك السفينة في هذه الحالة".
كما أعلن الرئيس الجزائري أنه "لا يفكر في الوقت الحالي بعهدة رئاسية ثانية" وبأنه "من المبكر التفكير في ذلك".
إلا أنه كشف عن رغبته في "إنشاء حزب سياسي"، رابطا الخطوة بـ"استقرار الأوضاع وعودة السير العادي إلى المؤسسات".
وأردف قائلا: "مهمتي هي أن يقف البلد على رجليه مجدداً، وتقويم وإعادة تركيز المؤسسات، وبناء الدولة التي يتطلع إليها الجميع، أما مسألة عهدة أخرى فلا أعرف، ما زلت في بداية عهدتي الحالية".
وتابع: "مجموع الأحزاب السياسية في الجزائر يمثل في حدود 800 ألف منخرط، بينما عدد سكان الجزائر 45 مليون نسمة، وعندما تعود المؤسسات إلى سيرها الطبيعي، ويتم التخلص من المال الفاسد، قد نفكر في تأسيس حزب سياسي، لكن ليس حالياً".
حراك "الأقلية"
وعن حملة الاعتقالات التي طالت عددا من المشاركين في المظاهرات، هاجم الرئيس الجزائري للمرة الأولى ما سماه "حراك الأقلية"، واتهم أطرافاً لم يسمها بـ"تحريكه والوقوف وراءه بدعوات عنف واضحة".
واستطرد "في بداية عهدتي الرئاسية، كانت المسيرات تضم ما بين 20 و25 ألف متظاهر عبر التراب الوطني، حيث كنت أول من مد يده للحراك من خلال إشراك حوالي 5 وزراء منه في الحكومة الأولى، رغم أنني رأيتهم يهينونني في مقاطع فيديو".
"بعد ذلك بدأنا في إطلاق سراح المعتقلين الذين بلغ عددهم حوالي 120، لكنهم ظلوا ينتقدونني.. أعتقد أن هذا تم تفسيره على أنه ضعف؛ وكانوا مخطئين"، يضيف.
واعتبر أن "المتظاهر والشرطي الذي يحافظ على النظام العام هما أبناء نفس الجمهورية، ليس لدي الحق في السماح لهم بالاشتباك، خاصة أن الدعوات للعنف كانت واضحة"، مردفا "طالما كنا في مرحلة الأفكار، لم تكن هناك مشكلة، لكن الدعوات إلى العنف شيء آخر".
ومضى قائلا "الأمور تغيرت، والحراك الوحيد الذي أؤمن به هو الحراك الأصيل والمبارك الذي جمع بشكل عفوي ملايين الجزائريين في الشوارع.. هذا الحراك اختار طريق العقل بالذهاب إلى الانتخابات الرئاسية، ولم يستمع إلى أصوات صافرات الإنذار التي حثته على التحرك نحو فترة انتقالية".
وتابع "ذهب عشرة ملايين جزائري للتصويت، ورفضت أقلية الانتخابات.. أعتقد أن لكل جزائري الحق في التعبير عن نفسه، لكنني أرفض إملاءات الأقلية".
ملاذ الإرهابيين
وفي معرض رده على تطورات الأوضاع الأخيرة بمالي عقب الانقلاب العسكري، أكد الرئيس الجزائري أن بلاده "لن تسمح بأن تتحول مالي إلى ملاذ آمن للإرهابيين، ولن تسمح بتقسيم جمهورية مالي".
وجدد التزام بلاده بـ"دعم وحدة" جارته الجنوبية من خلال لجنة الوساطة الدولية لتنفيذ اتفاق السلام الموقع في مايو/ أيار 2015، والتي تشرف عليها الجزائر.
وعن العلاقات مع فرنسا، أشار تبون إلى أن "الجزائريين ينتظرون اعتراف فرنسا بجميع جرائمها، ونحن نطلب منها تنظيف مواقع التجارب النووية، ونأمل أن تعالج فرنسا ملف ضحايا التجارب النووية".
تبون ذهب أبعد من ذلك، عندما ربط تحسن علاقات بلاده مع باريس بـ"بقاء "الرئيس" إيمانويل ماكرون في الحكم"، وقال في هذا الشأن: "إذا لم ننجح في بناء جسور مع فرنسا في ظل حكم ماكرون فلن يحدث ذلك أبداً".