وقف في الصحراء رجل الإمارات الأول الشيخ زايد رحمه الله و نظر إلى الفضاء الواسع بنظرة المستقبل و بعين الحكمة ، و اختار لهذا المكان سياسة خاصة يُعلنها للعالم أجمع ، فأنشأ الدستور الإماراتي و ضّم القوانين بُنوداً صاغها قرارات مُطبّقة شاملة جميع مجالات الحياة
وقف في الصحراء رجل الإمارات الأول الشيخ زايد رحمه الله و نظر إلى الفضاء الواسع بنظرة المستقبل و بعين الحكمة ، و اختار لهذا المكان سياسة خاصة يُعلنها للعالم أجمع ، فأنشأ الدستور الإماراتي و ضّم القوانين بُنوداً صاغها قرارات مُطبّقة شاملة جميع مجالات الحياة و أنظمة تحريرية و شواهد للتاريخ ، لم تكن الصحراء المانع القوي لطُموح هذا الرجل العبقري بل كان يَعَي تماماً و بكل ثقة و إيمان أن لا شيء اسمه مستحيل مع وجود الإمكانيات المادية و البشرية ، فمنذ ظهور الذهب الأسود استثمره والدنا في بناء الوطن ، و لم يُسخّر هذه النعمة لدمار الشعب أو المشاركة في الحروب التي تُبيد البشرية بلا هدف كما فعل الآخرون ، أيقن الوالد زايد طيّب الله ثراه أن الله وهبه هذا الخير ليجعل من هذه الصحراء جنة الله على الأرض ، فبدأ بترسيخ الثوابت و دعائم تطّور الأُمم و الحضارات و كان جُلّ تركيزه و اهتمامه في رِفعة هذا الوطن و مواطنيه ، فقام بوضع سياسة مُحنّكة بحكمة و عبقرية ، و ذلك في رسم عمليات ديناميكية للتطّور المستمر فبدأ بالتعليم ، و قام ببناء أول لَبنة حضارية لُرقّي الوطن من خلال انشاء المدارس و الجامعات و من هنا بدأت انطلاقة الدولة في التعليم و كان الصرح الذي قويت به شوكة دولة الإمارات .
إن الينبوع الذي انبثق منه التعليم في الامارات هو من تعاليم الدين الحنيف فلم يخرج عن إطار الإسلام و اكتسى بثوب الحداثة دون المساس بثوابت الدين ، و قد مرّ التعليم بمراحل عديدة و تعاقبت أجيال و أجيال و كل جيل يحمل في كفّته العلم و الفكر و وصل إلى الآفاق بهذا التطور ، و لقد صقلت تلك السنين و الاحتكاك بالأُمم المتحضّرة من خلال ابتعاث أبناء الإمارات للدراسة في الخارج و تطوير مسارات العلم في البلاد، إذ حرص المسؤولون والقائمون في التعليم على إرساء أصالة الإمارات لتُبرز الأفكار الحديثة والخروج عن المألوف في أساليب التعلّم من مرحلة التلقين والحفظ إلى مرحلة أكثر تطوراً مُواكبة بذلك الدول المتقدمة وجعل الحاسوب وسيلة علم بدلا من الكتاب فصار التعلّم الذكي الذي تقدّم في مسيرته للدولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي .
إن الينبوع الذي انبثق منه التعليم في الامارات هو من تعاليم الدين الحنيف فلم يخرج عن إطار الإسلام واكتسى بثوب الحداثة دون المساس بثوابت الدين
و لقد عنونت مقالي بـ ( المستقبل الأخضر في الإمارات) لتكون أهدافه نقاش مُتناغم في محتواه و مُرّكب الأطراف في أفكاره ، لأننا بصدد الحديث عن التعليم الذكي في إطار مُطّور عالمي مع رُؤى المستقبل و هو المستقبل الذي تتطلّع له الدول المتقدمة و دولتنا و لله الحمد أصبحت من الدول التي تسعى لذلك بخطوات مُتأنية .
إن رسم السياسة العامة في أي دولة تُعطي أولويات في منظومتها ، و التعليم هو من أولويات سياسة الإمارات ، فالمستقبل الأخضر يبدأ من استشرافه و صناعته و يتحدّد رؤيته من المجالات المُطّبقة عليه و التعلّم الذكي من ضمن أولويات الدولة في صناعة المستقبل الأخضر ، و أن تكون هذه الرؤى ذات مقاييس فعّالة و ليست تقليدية في استدامة التعلّم و بناء منظومة متكاملة للتطّور التعليمي ، و بما أن الإمارات مركز عالمي للاستدامة و تصنّفها ضمن الدول الذكية لاستخدامها تقنيات الإدارة المرنة ، و قادتها قادة للمستقبل ، فالرؤية الاستشرافية للمستقبل تبدأ من هنا .
وقد تضافرت جهود الدولة لصنع الحركة التعليمية من خلال قرارات ابتكرت لبيئة علمية ارتكزت عليها كل أبعاد المستقبل الأخضر ، و لعلّ أبرز مشروع لذلك غير التعليم هو افتتاح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم لمُجمّع الطاقة الشمسية و أكبر مجمّع للطاقة الشمسية في العالم فهو بحق مركز يجمع و يُساهم لُرقيّ الوطن و رؤية قيادة رشيدة ، إذ أثبت هذا المُجمّع رُؤاه للمستقبل للشباب الواعد في توظيف ما يُقارب الألف وظيفة خضراء في غُضون الخمس سنوات القادمة مما يُؤكد أن المستقبل الأخضر لا يقتصر على مجال واحد فصناعة بيئة نظيفة لا بد أن تكون في جميع مجالات الحياة فإيجاد فرص عمل للشباب في الطاقة الشمسية و الحصول على خبرات بيئة خضراء يُساهم في نشر الوعي بأهمية الطاقة المستدامة و هو مستقبل بيئي نظيف مما يدّل على أن الاستثمار للطاقة النظيفة له فوائد جمّة ، و غيرها من المشاريع و الاستراتيجيات التي تختمر في فكر قادتنا المُلهمين .
و نعود مُجدّداً للمستقبل التعليمي من خلال التعلّم الذكي الذي يُمارسه الطالب في الدولة ، و تقريب دوره الإيجابي اُقيمت الندوات و اللقاءات و الخلوات العلمية التي تكون بين طلاب العلم و قادتنا في أجواء مُفعمة بالحرية و بعيداً عن التوترات الضاغطة على الأفكار في عصف ذهني مفاده و مدعاه مصلحة المسيرة التعليمية و وجود القادة مع الشعب جنباً إلى جنب في خلوات بعيدة عن الرسميات المُعّقدة لدليل أنهم يحملون مسؤولية هذا الوطن فهم يُكملون مسيرة الوالد الشيخ زايد رحمه الله في تأسيسه لشعبه في واقع ملموس الأفكار و شفافية عزّزت من ثقتهم بأنفسهم مما يدّل على أنهم ينتهجون الطريق الصائب بحكمته المنيرة للمستقبل .
و قبل أسبوع كان اللقاء بين القادة و مسؤولي التربية في المادة الجديدة التي سُتحدث فُروقات جوهرية في المناهج الدراسية ألا و هي مادة التربية الأخلاقية إيماناً من قادتنا أن الأخلاق هي الأساس القويم لقوى الدول و تحضّرها و رُقيّها بين الدول ، لأن الأخلاق الركيزة الأقوى لدعامة سياسة الدول و نموها ، فهذه المادة سُتثري المتعلمين و المُعلّمين لنهج مباديء الدين الإسلامي في التحلّي بالمعاني الجميلة و النبيلة ، و التي أوصى بها رسولنا الكريم بقوله صلى الله عليه وسلم : ( إنّما بُعثت لأُتمّم مكارم الأخلاق) و هي الرسالة التي من الوجب حملها للأجيال ، و المستقبل الأخضر لن يكون أخضر بلا أخلاق أو إهدار للطاقة ، فالطاقة النظيفة لا تتأتى إلّا من التربية الأخلاقية و الوازع الديني و الرقابة الذاتية للنفس ، فهو بذلك يُسوّس مباديء و قِيم الإسلام في إطار وطني ديني و وطني و ليس تفكير مُشّبع دون هدف يُذكر .
ما أردت إيصاله للجميع أن المستقبل الأخضر بمثابة الدعامة الرئيسة لمُقوّمات كل فكرة ، فمجرد تفكيرنا الإيجابي هو ترديد للأفكار الذهنية التي تدور في عقولنا و سيتّضح كل عمل أخضر عن أمر أخلاقي و تهذيبي ، و أتمنا أن تكون أقلام الأجيال القادمة خضراء و لا تكتب إلاّ للمستقبل و تخطّ بيئة نظيفة في كل شيء.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة