الواقع القوي الصادق هو السند والداعم لصناعة الصورة وفرض مصداقيتها، وهو الأمر الذي ينطبق على واقع الإمارات العربية المتحدة.
لا شك أننا نعيش عصراً باتت فيه الصورة تحتل الحيز الأكبر كمصدر أساس من مصادر المعرفة، باعتبار حداثة الأوعية والتقنيات التي تحملها، سواء أكانت عبر وسائل الإعلام الرئيسية التي اعتدنا على متابعتها عبر عقود طويلة، أم عبر هذا الوافد الجديد من وسائل التواصل الاجتماعي أو الإعلام الجديد.
ورغم أن صناعة الصورة من الأدوار التي قامت بها وسائل الإعلام إلا أن الإشكال الدائم هو حول حقيقة هذه الصور ومدى مصداقيتها، غير أن ذلك لم يحُل دون الإقرار بأهميتها باعتبار أن الإنسان لا يمكن أن يصدر أحكامه من خلال تجارب ذاتية يمر بها لأنه فوق الطاقة ومنطق الأشياء، ومن هنا أصبحت أقنية الصورة بمثابة النافذة التي يطل منها الفرد على العالم من حوله، وهي المقدمة التي يبنى عليها الكثير من القرارات، سواء على مستوى الأفراد أم المجتمعات، ومن خلال الدقّ المنتظم ترسخ تلك الصورة في أذهان المتابعين، من هنا كان التنافس الكبير بين المجتمعات في فترات أو الدول في فترات لاحقة في صناعة الصورة التي تود أن تقدم نفسها بها للعالم، باعتبارها تمثل عنصراً حاسماً في تدعيم قوة الدولة الناعمة التي لا تقل أهمية عن قوتها المادية أو العسكرية، غير أن هذه الصورة لا يمكن لها الصمود لفترات طويلة إن لم يسندها واقع قوي وحقيقي، فقد تستطيع خداع بعض الناس لبعض الوقت ولكن لا تستطيع خداع كل الناس طيلة الوقت.
والشاهد أن جمهوريات الاتحاد السوفييتي سابقاً «أوربا الشرقية»، والتي صوّرها الإعلام وقدمها للعالم باعتبارها المدينة الفاضلة، لم تستطع أن تصمد، وانفك عِقدها أمام التحديات التي واجهتها، ولم يشفع لها ما قدمه إعلامها أمام واقع صعب ومغاير، فتفككت وانهارت الصورة التي تم تكريسها عبر عقود.
من هنا فإن الواقع القوي الصادق هو السند والداعم لصناعة الصورة وفرْض مصداقيتها، وهو الأمر الذي ينطبق على واقع الإمارات العربية المتحدة، تلك الأيقونة التي تبهر العالم كل يوم بما يتم من نجاحات على أرضها وبما تحققه من قفزات جعلت منها مقصداً للعالم من شرقه وغربه.
وهنا يجب أن نتوقف أمام عدد من الملامح الأساسية، إن واقع الإمارات كان دائماً أسبق من صورتها؛ أي أن العالم تطلع على واقع الإمارات من خلال جلائل الأعمال التي تتم على الأرض وليس من خلال صورة مقدمة، لكنه واقع فعلي ومُعاش، وهو الأمر الذي لا يتطلب سوى عكس هذه الصورة وتقديمها، وهذه مهمة يسيرة، كمن يأخذ غيضاً من فيض، كما أن هذا الواقع القوي يضمن لتلك الصورة المصداقية والاستمرارية يوماً بعد يوم، وكما قلت ليس من باب التباهي، وهو أمر حقيقي وخصلة محمودة إذا كانت في إطار التباهي بالوطن ومكتسباته، لكن باعتبار تجربة الإمارات في البناء والتنمية هي طاقة نور لأبناء منطقتنا العربية والإنسانية يمكن الاقتباس منها والسير على هداها، وهو الأمر الذي يحول بين شباب العرب وبين الإحباط واليأس، باعتبار أننا قادرون على صنع ما يتصور البعض مستحيلا، ليس في مجال التنمية فحسب ولكن تجربة اتحاد الإمارات ما زالت شاهدة على أننا قادرون على تحقيق ما قد يظنه البعض ضرباً من الأحلام والخيال.
نقلا عن "البيان"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة