إن من أخطر الأمور التي أفرزتها أحداث ٧ أكتوبر/تشرين الأول على الصعيد العربي، وتحديداً في مجالات الإعلام والتواصل الاجتماعي، موجة التطبيع مع المليشيات المجرمة.
بل والدعوة لتقبلها ومدحها من باب أنها (مقاومة) تدافع عن فلسطين، بينما الواقع لمن يعقل، بعيدٌ كل البعد عن ذلك.
الغزاوي بصفته صاحب الأرض، لا ينظر إلى حماس بصفتها حركة مقاومة، بل يراها مليشيات مغامرة تنفذ أجندات إيران، وهذه المسألة تبرهن عليها عشرات - إن لم نقل - مئات الفيديوهات لأهل غزة المنكوبين، الذين يرفضون ما قامت به حماس وما نتج عنه من دمار وخراب مهول، كما يرفضون العدوان الإسرائيلي عليهم ويطالبون بوقفه.
ولعل السؤال الأشهر، والذي يردده على مسامعنا أتباع المليشيات صباح مساء: لماذا لا يدعم العرب حماس والجهاد كما دعمتها إيران، ولماذا يسمح للغرب بدعم إسرائيل وترفضون دعم إيران لحماس؟، وهو سؤال مهم للغاية وكلمة حق أريد بها باطل، لكن الجواب عنه كسؤال في غاية البساطة لمن يفهم بواطن الأمور.
أولاً: "من المؤكد أن الغرب يدعم إسرائيل، و هو أمر لا يقره المنصفون ونرفضه كعرب حين يؤدي لهضم حقوق الفلسطينيين، لكن في المقابل إسرائيل تنفذ أجندات الغرب وهي حليفة لهم، أما حماس وغيرها فهي مليشيات تنفذ أجندات طهران والحرس الثوري، ولا تخدم حتى المشروع الفلسطيني الوطني أو تتبناه، فلماذا تطالب دولاً عربية محترمة بدعم عصابات تأتمر بأمر إيران".
ثانياً: "ما هي أجندات العرب كدول في فلسطين ؟، بصريح القول والعبارة: أجندات العرب في فلسطين هي ذات أجندات المشروع الحقيقي الفلسطيني، الوحدة الوطنية ونبذ الانقسام، والتفاوض والحوار، وترك المغامرات وعدم الارتماء بحضن الأيارنة، لتحقيق أهداف طهران على حساب الفلسطينيين، فالعرب وفي مقدمتهم السعودية والإمارات ومصر والأردن ، سعوا جاهدين للمصالحة الفلسطينية، وأتوا بحماس وفتح إلى جانب الكعبة المشرفة منذ عقود كي يعاهدوا الله ومن ثم الفلسطينيين على عدم الاقتتال وترك الانقسام، لكنهم عادوا وتشرذموا بين ضفة غربية وقطاع محاصر".
كما أن "الأسطوانة المشروخة اليوم للمليشيات وأتباعها في المنطقة، من قبيل الانتصارات والاستهدافات، والصواريخ والمسيرات، لم تضر إلا بالدول العربية الواقعة تحت الاحتلال الإيراني".
ففي لبنان ترفض الغالبية حرباً بين إيران وإسرائيل على أرض لبنان من خلال مليشيات حزب الله ، بينما يسعى الإرهابي حسن نصر الله لتعطيل كل شيء في لبنان خدمة لإيران، فلا هو ساعد غزة ولا مرتزقته أوقفوا أي عدوان عليها، لأن كل مسرحياته في الجنوب، كتب السيناريو الخاص بها في إيران.
ولا أعتقد كمراقب للمشهد أن حرباً ستقوم هذا الصيف، فالأمريكي يرى في حسن نصر الله موظفاً جيداً يؤدي مهامه على أتم وجه ويستمع لأوامر عاموس هوكشتين مبعوث بايدن إلى لبنان، والقوم في السر غير القوم في العلن، كما قال الشاعر قديماً".
وأما المليشيات الحوثية «المقرفة» في اليمن، فإنها أهلكت الحرث والنسل وهددت أمن المنطقة والعالم، ويحدثك سيدها الإرهابي عبدالملك الحوثي عن معارك وهمية، فيما يقبع هو شخصياً بكهف سري بمحافظة صعدة.
والإيرانيون يحكمون صنعاء، وسببت عمليتهم العبثية في البحر الأحمر أشد الضرر لقناة السويس المصرية والاقتصاد المصري ككل، ويقولون لك: أوجعنا إسرائيل!، أي وجع وأي كذب، والإحصائيات شاهدة والأدلة واضحة".
وأما العراق، فالمليشيات الحشدية الولائية فيه، منشغلة بنهب المال العام، وإذلال الحكومة، وتدمير الدولة خدمةً مشروع إيران.
فلا تعليم ولا صحة ولا عمل ولا ميزانية ولا برلمان ولا خدمات ولا حياة، ويطل زعامات تلك المليشيات من نوافذ الفساد حيناً والطائفية البغيضة حيناً آخر.
ويتبنى من يسمون أنفسهم بمفكرين ونخب وإعلاميين وقادة فكر اليوم، نظرية الدفاع عن حماس والإخوان والمليشيات على حساب الأوطان تحت ذريعة المقاومة وألم فلسطين، بينما الواقع يقول: إنه تطبيع خبيث مع الإخونج والمليشيات يجب ألا نقبل به، تحت أي مسمى أو عنوان، فهذا الذي يدعم مليشيات حزب الله أو الحوثي، ليس صاحب وجهة نظر، إنه إرهابي مثلهم، وهو كمن تبنى ويتبنى إرهاب داعش والقاعدة، ولا فرق عند العقلاء بين مليشيات الموت، أي كانت خلفيتها الطائفية المزعومة، والأمر جداً خطر، ووجب الحذر.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة