بقي عامان، وهما طويلان بمقاييس فرط حركة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في إدارة العالم. فهو كثير القرارات، وسريع الحركة
بقي عامان، وهما طويلان بمقاييس فرط حركة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في إدارة العالم. فهو كثير القرارات، وسريع الحركة، لا يهدأ ولا يتراجع، ولا يهاب العواقب. قلة مثله يجرؤون على تغيير العالم من حولهم؛ لهذا له خصوم كُثُر. وقد تحطمت آمال خصومه في الداخل والخارج، الذين عوّلوا على تقييده برلمانيا في انتخابات الكونجرس، فقد خرج بنصف انتصار محتفظا بالأغلبية في مجلس الشيوخ الذي سيحمي ظهره، وسيتولى تمرير قراراته الرئيسية. وبالتالي، ترمب لا يزال واقفا على قدميه حتى نهاية رئاسته.
وفي انتظار أن يكشف البيت الأبيض لاحقا عن خطة الطريق للنصف الثاني من الرئاسة، فإن القضايا الرئيسية مستمرة كما يبدو، فترامب ممسك بتلابيب نظام طهران؛ بدليل أنه تعمد تطبيق العقوبات حتى قبل أن تفتح مراكز التصويت الانتخابية أبوابها بيومين، وأوعز للوزارات الأمريكية تنفيذ العقوبات مثل الخزانة، والخارجية، والأمنية، والبنتاجون، ثم أضاف المزيد من العقوبات على المليشيات التابعة لإيران مثل «حزب الله». أما الاستثناءات التي منحها ترامب للدول الثماني فقد كانت تهدف لكبح أسعار النفط من الارتفاع، وإعطاء فرصة مدتها ستة أشهر للدول الحليفة حتى تنهي عقود مشترياتها النفطية، وبالطبع إعطاء نظام المرشد خامنئي المزيد من الوقت حتى يقدم تنازلات، بدلا من التقوقع في الزاوية الضيقة. فالهدف ليس إسقاط النظام بقدر ما هو تعديل سلوكه.
لا نستبعد أن تُقدِم إيران على عمل انتقامي، خلال الفترة المقبلة، لإحراج إدارة ترامب وإجباره على تقديم تنازلات لها. فقد سبق وفعلتها مع إدارة باراك أوباما السابقة عندما احتجزت بحارة المارينز. قد تفتعل مواجهات مع قوات خليجية أو توعز لمليشياتها لتنفيذ هجمات على مصالح أمريكية في العراق.
والملف الثاني مشروع السلام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وكان إلى قبل عام فقط محل سخرية المتشككين وهجوم الرافضين، والآن على الجميع في المنطقة أن يأخذوه على محمل الجد، وليس مستبعدا أن يغير مفهوم الصراع وآلياته. وما صدر عن سلطنة عمان بعد زيارة رئيس وزراء إسرائيل يعكس الواقع الجديد، معظم دول المنطقة ستتعامل مع إسرائيل، وإيران سبب في ذلك، حيث انكشف تآمر طهران للهيمنة على العراق، وسوريا، ولبنان، واليمن، والبحرين.
لإسرائيل دور مهم في التحالف ضد مشروع المرشد الأعلى في طهران. سيكون للرئيس ترامب ومستشاره جاريد كوشنر في السنتين القادمتين دور كبير في تغيير مفاهيم الخلاف والتحالفات.
أيضا، في العامين المقبلين حرب اليمن ستتصدر القضايا وسيسعى ترامب إلى دعم حليفته السعودية، خاصة أن القوات اليمنية مع شركائها السعودية والإماراتية والأخرى تتقدم في مناطق العدو الصعبة، بما فيها محافظة صعدة موطن الحوثيين أنفسهم، وسيتعزز الوضع والحل السياسي في حال أكمل التحالف سيطرته على مدينة الحديدة ومينائها.
أما الملف السوري الأكثر خطورة وأهمية، فمعظمه أُنجِز في النصف الأول من رئاسة ترمب. وقد غير الرئيس رأيه وسياسته من الانسحاب إلى البقاء، وأعلن صراحة عن إبقائه على الوجود العسكري الأمريكي في تحدٍّ لوجود استمرار القوات الإيرانية ومليشياتها في سوريا. التحدي الصعب إقناع روسيا بالتخلي عن الإيرانيين أو السماح لإسرائيل باستئناف الهجمات الجوية على الوجود العسكري الإيراني الذي شُلّ نتيجة إدخال منظومة الصواريخ الروسية.
لا نضع في الحسبان المفاجآت التي عُرِفت بها المنطقة، لكننا لا نستبعد أن تُقدِم إيران على عمل انتقامي خلال الفترة المقبلة لإحراج إدارة ترامب وإجباره على تقديم تنازلات لها. فقد سبق وفعلتها مع إدارة باراك أوباما السابقة عندما احتجزت بحارة المارينز. قد تفتعل مواجهات مع قوات خليجية أو توعز لمليشياتها لتنفيذ هجمات على مصالح أمريكية في العراق. كل ذلك وارد، وهي مغامرات خطيرة على إيران نفسها.
نقلا عن "الشرق الأوسط"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة