قرار تقسيم تونس إلى 5 أقاليم.. هل يحقق العدالة الاقتصادية؟
تقسيم البلاد إلى 5 أقاليم، قبل إجراء انتخابات مجلس الجهات والأقاليم، قرار أصدره الرئيس التونسي لمنع التفاوت بين الجهات ودعم الاقتصاد.
ويوم الجمعة، أصدر الرئيس التونسي قيس سعيد، أمرا رئاسيا يقضي بتقسيم البلاد إلى 5 أقاليم وذلك في سابقة تاريخية.
ونشر هذا الأمر الرئاسي بالجريدة الرسمية الصادرة يوم الجمعة، حيث نص في فصله الأول على أن "تراب الجمهورية التونسية يتكون من 5 أقاليم".
وضبط الأمر الرئاسي حدود هذه الأقاليم، حيث ضم الإقليم الأول محافظات الشمال الغربي، "بنزرت" و"باجة" و"جندوبة" و"الكاف"، وضم الإقليم الثاني محافظات الشمال الشرقي، "تونس" و"أريانة" و"بن عروس" و"منوبة" و"زغوان" و"نابل".
أما الإقليم الثالث فقد ضم محافظات الوسط، "سليانة" و"سوسة " و"القصرين" و"القيروان " و"المنستير" و"المهدية"، والإقليم الرابع محافظات (الوسط والجنوب الغربي) "توزر " و"سيدي بوزيد" و"صفاقس" و"قفصة"، بينما ضم الإقليم الخامس محافظات الجنوب،" تطاوين" و"قابس" و"قبلي" و"مدنين".
وتستعد تونس لخوض محطة انتخابية جديدة تمثل المرحلة الأخيرة في مسار 25 يوليو/تموز، الذي بدأه الرئيس قيس سعيد لاستعادة مؤسسات الدولة من تنظيم الإخوان.
وانطلق مسار 25 يوليو/تموز ليلة الإطاحة بالبرلمان الذي يترأسه الإخوان وإلغاء العمل بدستور 2014 وإجراء استفتاء وطني على الدستور الجديد لسنة 2022 وإجراء انتخابات تشريعية في 17 ديسمبر/كانون الأول 2022.
وستُجرى الانتخابات المقبلة للمرة الأولى في 2155 دائرة انتخابية، مقارنة بالانتخابات البلدية التي جرت في 350 دائرة عام 2018، مما يتطلب استعدادات لوجستية وبشرية مهمة.
اللامركزية
واعتبر خبراء الاقتصاد في تونس أن قرار تقسيم تونس إلى خمسة أقاليم؛ بشكل أفقي إلى 5 أقاليم منفتحة على واجهات بحرية؛ اقتصادي بحت لتحقيق الاندماج بين الجهات.
وللإشارة فإن انتخابات مجلس الجهات والأقاليم ستجرى يوم 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وأكد الخبير الاقتصادي التونسي حسن عبد الرحمان أن هذا التقسيم يهدف لدمج المناطق الداخليّة بالسواحل كما يأخذ بعين الاعتبار مساحة الإقليم وعدد المحافظات الموجودة ضمن الإقليم الواحد لتحقيق التكامل الاقتصادي.
وأوضح في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن هذا التقسيم يهدف لتحقيق اللامركزيّة وتقليص الفوارق الاقتصادية والاجتماعية وتقريب المسافات على المستوى الجهوي.
وتابع أن هذا التقسيم يعمل على دعم الربط بين الجهات المهمشة والجهات الأكثر تطورا وديناميكية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي.
وأكد أن مجلس الجهات والأقاليم سيعاضد وظيفة البرلمان، ويفعّل مبدأ اللامركزية، ويساعد في تحقيق التنمية الجهوية المعطلة منذ أكثر من 10 سنوات.
من جهة أخرى، اعتبر أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية محسن حسن أن التقسيم الإداري بشكل أفقي سيؤدي إلى وضع سياسات قطاعية وتنموية خاصة بالإقليم تكون في تناغم تام مع السياسات الوطنية وتأخذ بعين الاعتبار الميزات التفاضلية لكل المناطق المكونة له.
ورجّح حسن أن تساعد المخططات التنموية للأقاليم على تحقيق الاندماج الاقتصادي بين المدن الداخلية ونظيرتها الساحلية بما يقلص الفوارق التنموية بين الجهات من خلال تطوير البنية التحتية الاتصالية والطرقية ومرافق الحياة.
كما توقع حسن أن يساعد التقسيم الأفقي للبلاد على تطوير الاستثمار بالجهات الداخلية للبلاد على عكس التقسيم العمودي سابقا، وذلك من خلال وضع سياسات تحفيزية تأخذ بعين الاعتبار واقع التنمية في الجهات الأقل حظا والتكامل المنتظر مع مدن الساحل.
وقال حسن إن تحقيق الأهداف المتعلقة بتقليص الفوارق التنموية بين الجهات يتطلب توفير جملة من الشروط أبرزها تطوير الإمكانات البشرية والمادية للجهات، داعيا السلطة المركزية إلى وضع آليات لتحفيز الحراك الوظيفي في اتجاه الجهات الداخلية حتى تكون أحد روافد النهوض بالأقاليم الداخلية بالخصوص.
وشدد حسن على ضرورة أن تعمل السلطة المركزية على توفير الإمكانات المالية للأقاليم حتى ينجح هذا التقسيم الجديد ويحقق أهدافه، فضلا عن إعادة النظر في الجباية المحلية حتى تلعب دورا في النهوض والتطور وتساعد المناطق الداخلية على الاستفادة من الجباية المحلية للمدن الأكثر نموا.
مجلس الجهات والأقاليم
وستجرى انتخابات مجلس الجهات والأقاليم للمرة الأولى في تاريخ تونس في 2155 دائرة انتخابية، مقارنة بالانتخابات البلدية التي جرت في 350 دائرة عام 2018، مما يتطلب استعدادات لوجستية وبشرية مهمة.
ويقوم النظام النيابي الحالي في تونس على غرفتين نيابيتين، عوضاً عن غرفة واحدة قبل حل البرلمان الذي كان يرأسه راشد الغنوشي زعيم إخوان تونس.
ويفترض الدستور التونسي المصادق عليه في 25 يوليو/تموز 2022، أن توافق الغرفتين على عدد من مشروعات القوانين، من بينها قانون المالية، وكل مخططات التنمية المحلية والجهوية.
ويتكوّن هذا المجلس، وفق ما جاء في الفصل 82 من مشروع الدستور الجديد، من "نواب منتخبين عن الجهات والأقاليم، إذ يَنتخب أعضاء كل مجلس جهوي، 3 أعضاء من بينهم، لتمثيل جهاتهم في المجلس الوطني للجهات والأقاليم.
وينتخب الأعضاء المنتخبون في المجالس الجهوية في كل إقليم، نائباً واحداً من بينهم، يمثل هذا الإقليم في المجلس الوطني للجهات والأقاليم، ويتم تعويض النائب الممثل للإقليم طبقاً لما يضبطه القانون الانتخابي".
ووفق الدستور "تُعرض وجوباً على المجلس الوطني للجهات والأقاليم، المشاريع المتعلقة بميزانية الدولة، ومخططات التنمية الجهوية، والإقليمية، والوطنية، لضمان التوازن بين الجهات والأقاليم".
كما أنه "لا يمكن المصادقة على قانون المالية، ومخططات التنمية إلا بالأغلبية المطلقة لكل من المجلسين، كما يمارس هذا المجلس صلاحيات الرقابة والمساءلة في مختلف المسائل المتعلقة بتنفيذ الميزانية ومخططات التنمية".