معركة "الدستورية".. سعيد يرفض تلاعب الغنوشي وعصبته
لا يكاد يمرّ يوم في تونس إلا وتتعقد العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، جراء محاولة الإخوان كسر أي سلطة تناهض تسلّطهم.
ومحور الصراع المحتدم هو بين السلطة التشريعية برأسها الإخواني راشد الغنوشي من جهة، وبين رأس السلطة التنفيذية الأعلى الرئيس قيس سعيد من جهة أخرى.
فبعد تجاسر البرلمان التونسي الإخواني في غالبه على الدستور وإدخاله تعديلات غير قانونية على قانون المحكمة الدستورية، عبّر الرئيس قيس سعيد عن رفضه هذا التلاعب متمسكا بالدستور "اليوم وكل يوم".
وكانت النهضة، أدخلت مجموعة من التعديلات، صادق عليها البرلمان، أجازت انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية الـ12 بـ131 صوتا بدلا من 145.
وقال الرئيس سعيد خلال إحياء ذكرى وفاة الزعيم التونسي الحبيب بورقيبة الحادية والعشرين من ضريحه بمدينة المنستير، إنه سائر على خطى الزعيم المؤسس بورقيبة.
وأضاف سعيد اليوم الثلاثاء: "لن أسمح بأن تتلاعب المصالح الضيقة التي تؤججها النهضة وحلفاؤها لوضع محكمة تصفية حسابات"، بحسب تصريحه.
على خطى بورقيبة
سعيّد، الذي استذكر مناقب مؤسس الدولة التونسية الحديثة وثباته على حفظ وإعلاء الدستور، قال مخاطبا زعيم الإخوان الغنوشي، إن "المسلم الحقيقي لا يكذب ولا يزوّر".
ولفت إلى أن "التجاوزات والمغالطات التي يأتيها الغنوشي وجماعته متلاعبين بالدستور والقوانين".
الرئيس التونسي ذكّر الغنوشي ومواليه بالعقبات والأفخاخ التي وضعوها على مقاس مصالحهم ومصالح من قد يحكم تونس معهم حين خطّوا دستور 2014.
وأكد الرئيس التونسي في كلمته، أن "ضرب الدولة والمجتمع من الداخل هي غاية الإخوان"، مشددا على أنهم "ضربوا قيم الإسلام والمجتمع التونسي المسلم ووظفوا الدين لخدمة مصالحهم الشخصية".
ولفت إلى أن "التونسيين يزدادون بؤسا منذ الثورة، فيما يزداد هؤلاء (الإخوان) ثراء فاحشا في الخفاء والعلن"، مجددا علمه بملفات فساد الغنوشي وجماعته وامتلاكه إثباتات إدانتهم.
وتابع: "تونس لها الإمكانيات كلها لتنجح انتقالها إلا أن الإخوان وضعوا ضمائرهم في سوق النخاسة ونهبوا البلاد والفرص، وقدرهم بالفلسين مردود".
وأضاف: "لو كانت هناك انتخابات لوزّع الإخوان المليارات لشراء الأصوات والذمم إلا أنهم في سوى ذلك ينهبون البلاد"، مشددا على أن "من حق التونسيين وضع قوانين جديدة تحقق انتطاراتهم وتصون كرامتهم".
مسامير في نعش الإخوان
وقرأ المتابعون للشأن العام التونسي رسائل الرئيس سعيد للغنوشي وجماعته على أنها "إصرار منه على عدم مهادنة الحلف البرلماني الإخواني مهما كانت المزايدات التي يصطنعونها".
وقال المحلل السياسي محمد بوعود، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن "خطاب الرئيس اليوم مسمار آخر في نعش الإخوان الذين يوشكون على التهاوي ولفظ أنفاس جبروتهم"، وفق تقديره.
وأضاف بوعود: "خطاب الرئيس اليوم دعوة صريحة وصارمة لتغيير النظام السياسي من برلماني إلى رئاسي دون تردد ولا ركون من التونسيين إلى مغالطات الإخوان المتكررة والتي تحاول حشر رئاسة الجمهورية في زاوية عجز القرار".
وتابع المحلل السياسي: "المواجهة التي لا تقف عن التصاعد بين رئاسة البرلمان ورئاسة الجمهورية في تونس تعقّد مآلات الحلّ وتنبئ بتفجّر الساحة السياسية وخلق مشهد جديد يظل غير واضح المعالم حتى الآن".
الصراع الأخير
وكان مشهد الصراع الأخير بين رئاسة البرلمان التونسي ورئاسة الجمهورية دار منذ أيام حين وجه رئيس المجلس التشريعي التونسي التعديلات التي أدخلها البرلمان ذو الأغلبية الإخوانية على قانون انتخاب المحكمة الدستورية وهي الأعلى في البلاد ليوقعها قيس سعيد، فرفض الرئيس التونسي التوقيع عليها".
ووجه سعيد رسالة طويلة للغنوشي ردا على هذه التعديلات "المواربة" مستندا إلى الدستور التونسي الثاني لسنة 2014 والذي حدد آجال تشكيل المحكمة الدستورية النهائية يونيو/حزيران 2015".
واتهم الرئيس التونسي الغنوشي وعصبته بـ"خرق الدستور والعبث به وفق أهوائهم ومصالحهم غير الأخلاقية".
وأكد أن "مراوغاتهم اليوم للالتفاف على البلاد والشعب أكثر وأكثر وامتصاص دمائهم لن تمرّ عليه ولن يسمح بها".