خبراء تونسيون: خطاب التقسيم للغنوشي للتغطية على إفلاس الإخوان سياسيا
الغنوشي الذي واجهه الأهالي بالطرد ورفع شعارات "ارحل" أمامه قال إن مناطق الجنوب هي مناطق تتبع تلقائيا حزبه، في إشارة إلى كونها إسلامية
بخطاب فيه فصل وتمييز بين سكان الجنوب والشمال، انطلق زعيم حزب النهضة الإخواني التونسي، راشد الغنوشي، في حملته الانتخابية من محافظة مدنين، جنوب شرق؛ استعدادًا للانتخابات الرئاسية والتشريعية، في محاولة فاشلة للبحث عن مناطق نفوذ لشعبية حزبه المتدنية جراء سلسلة الكوارث التي تضرب البلاد.
الغنوشي الذي واجهه الأهالي بالطرد ورفع شعارات "ارحل" أمامه، الأحد الماضي، قال إن مناطق الجنوب هي مناطق تتبع تلقائيا حزبه.
هذا التصريح رأت فيه الطبقة السياسية في تونس عنوانا لزرع الفرقة وتكفيرا لمحافظات الشمال، في إعادة للتقسيم التاريخي القائم بين "علمانيين وإسلاميين"، بحسب الأدبيات الطائفية للإخوان.
ولم يكتف الغنوشي ببث سموم الفرقة فقط بل وصف معارضيه في تصريح لإذاعة "اوليس أف ام" المحلية بـ"الشياطين"، قائلا إن قطع الطريق أمام حركته يعني تفجير الألغام وإعلان الاغتيالات السياسية.
وتلك ليست المرة الأولى التي يطرد فيها الغنوشي من المدن التونسية، حيث طرد من مدينة المكنين الواقعة في ساحل البلاد في 17 فبراير/شاط الماضي، من قبل الأهالي وبالطريقة نفسها، رافعين شعار "يحيا بورقيبة" في إشارة إلى الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة (1956-1987).
ومطلع الشهر الجاري، أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتونس إجراء الانتخابات التشريعية في 6 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، والرئاسية في 10 نوفمبر/تشرين الثاني.
تغطية على الفشل
سياسيون اعتبروا أن الخطاب التقسيمي هو الملجأ الوحيد لحركة النهضة من أجل التغطية على فشلها الاقتصادي والاجتماعي من خلال الحكومات المتتالية منذ عام 2011 ومن خلال تحالفها مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد الذي بلغت مرحلته كل المؤشرات القياسية في مستوى الانهيار الاقتصادي.
رضوان السايبي، القيادي في الحزب الدستوري (ليبرالي)، قال إن ما أتاه راشد الغنوشي من خطاب في مدينة بن قردان هو دليل على ضعف الحس الوطني لدى الأحزاب الإخوانية أمام مصالحها الضيقة، مؤكدا أن الإسلام السياسي في تونس مستعد لحرق البلاد من أجل البقاء في السلطة والاستمرار فيها.
وأضاف السايبي لـ"العين الإخبارية" أن خلق أفضلية بين محافظات الشمال والجنوب هو إعلان ضمني لضرب الوحدة الوطنية وبث نعرات الفتنة بين سكان الشمال والجنوب.
وأشار إلى أن المنصف المرزوقي (2014-2011) بنى خطابه الانتخابي على هذه القاعدة وعلى فلسفة تقسيم التونسيين.
الخطاب التفريقي للغنوشي لقي معارضة أيضا من قبل الأهالي ومن قبل العديد من نشطاء السياسة بمحافظة مدنين وتطاوين (جنوب شرق).
الجنوب ناقم على الإخوان
عز الدين الحامدي، النقابي والناشط السياسي، في محافظة تطاوين، قال إن الجنوب يرفض هذا الاستعلاء الإخواني، مؤكدا أن محافظات مثل تطاوين ومدنين هي محافظات تونسية وليست قطيعا عند حركة إرهابية.
وأضاف الحامدي لـ"العين الإخبارية" أن حزب النهضة عجز عن بعث الأمل في نفوس المواطنين بمناطق الجنوب، قائلا إن محافظات مثل مدنين وتطاوين وقبلي لم تعرف الحيف والظلم بشكل واضح إلا في ظل حكومات ما بعد 2011.
الحامدي يرى أيضا أن وعود الإخوان الانتخابية في 2011 و2014 لم تتحقق إلى الآن، وأن الحركة الإسلامية كذبت على أهالي الجنوب التونسي عندما وعدتهم ببناء كلية طب وبعث سوق حرة مع ليبيا في منطقة رأس جدير الحدودية.
ذباب الإخوان الإلكتروني
ولم ينكف الإخوان في تونس عن تشويه معارضيهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتكفير كل الأصوات الحداثية التي تطرح قيم التطور والفصل مع الأحزاب الإسلامية.
كما لم تسلم من طواحين التشويه الإخواني لا أحزاب اليسار ولا القومية ولا الأحزاب الدستورية، وفق مراقبين، فإن حركة النهضة تبحث عن الاستفراد بالمشهد السياسي لزرع ديكتاتورية جديدة أساسها الرجعية والظلامية.
القيادي باتحاد الطلبة، رياض جراد، قال إن النهضة تجنّد مئات الأشخاص لبعث الرسائل الإلكترونية التي تستهدف المعارضين وتختلق حولهم الأباطيل والكذب، مؤكدا أنه الأسلوب الوحيد للحركة في حملاتها الانتخابية.
وأضاف جراد أن الحركة الإخوانية أساءت إلى الانتقال الديمقراطي في تونس عبر وسائلها المنافية للأخلاق السياسية، مشيرا إلى أنها تتخفى وراء هذا الذباب الإلكتروني لإثارة مشاعر الكراهية بين أبناء الوطن الواحد.
وأكد أن الإسلام السياسي ما زال عاجزًا عن خوض السباق الديمقراطي بأدوات نظيفة تؤمن باحترام الخصم وتعزز الوحدة الوطنية وتعمل فقط من أجل تطوير البلاد وليس بث الفرقة بين أهاليها.
وترى المعارضة السياسية في تونس أن راشد الغنوشي هو الرأس المدبر لانتشار الإرهاب وتغلغله في البلاد، وحزبه يملك جهازا سريا ينفذ الاغتيالات السياسية التي عرفتها تونس سنة 2013، ويقف وراءها، وراح ضحيتها رئيس حزب الوطنيين الديمقراطيين شكري بلعيد، ورئيس حزب التيار الشعبي (قومي) محمد البراهمي.
ودشنت في الفترة الأخيرة جبهات ومبادرات بينها "قادرون" المعارضة للإخوان؛ لخوض الانتخابات المقبلة، لمجابهة تغلغلهم، ووضع حد لنفوذهم في المؤسسات التونسية، والتي يعدها العديد من المراقبين السبب الرئيسي لتعمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
aXA6IDMuMTQzLjIxOC4xODAg
جزيرة ام اند امز