لم تعد هناك عبارات مغلفة، ولا رسائل مبطنة، أو حوارات تجري فيها تمثيلية التوازن والحيدة.
في الرياض قابلت محدثي الخبير العريق في شؤون منطقة الخليج، الذي يعرف حقائق الأمور وما يقال وما لا يقال.
سألته: كيف يمكن لك أن تصف لي طبيعة المرحلة التي تحياها المنطقة الآن، وبالذات خلال الشهر الأخير؟
ابتسم وقال: ما تشرب قهوة أحسن!
مددت يدي وتناولت الفنجان التقليدي للقهوة العربية الممزوجة بالهيل، وعدت أسأله: «لا تعطني تفاصيل ولكن أعطني صفة أو عنواناً للمرحلة».
قال في ثقة: ثلاث كلمات سوف ألخص بها ما نحن فيه.
سألته: ثلاث كلمات؟ ما هي؟
قال: «اللعب على المكشوف».
بعد ذلك دخل جمع كبير من الضيوف، ودخلنا إلى صالة الطعام لتناول العشاء الذي أقامه صاحب الدعوة - مشكوراً - على شرف شخصي الضعيف.
وعندما عدت إلى فندقي في الرياض، أخذت أفكر بعمق في مغزى عبارة الرجل «اللعب على المكشوف».
قمة هذا اللعب المكشوف، جاءت في المقال الذي كتبه الرئيس أردوغان طواعية، وعلى اسمه الكريم في صفحة الرأي بـ«الواشنطن بوست» منذ 4 أيام، يفضح موقفه ومشاعره ونواياه، ولجوءه إلى سياسة «ملاعبة الرياض» ومحاولة ابتزازها بالتلويح بالتشويه
وإذا لم أكن مخطئاً، فإن محدثي قليل الكلام، عميق الفكر، أراد أن يرسل لي رسالة مؤداها أن سمة المرحلة التي نحياها هي أن الباطن أصبح ظاهراً، والأزمات الأخيرة أوضحت من هو الحليف الحقيقي ومن هو العدو الحقيقي، ومن يؤيد لموقف مبدئي، ومن يعارض لأنه يسعى للابتزاز بكل أشكاله.
ما تراه على شاشات قنوات الجزيرة، وعلى لسان ما يستضاف فيها، وعلى صور وسائل الإعلام الممولة منها، يعكس بالضبط ما في القلوب والصدور ضد أنظمة عديدة في المنطقة.
لم تعد هناك عبارات مغلفة، ولا رسائل مبطنة، أو حوارات تجري فيها تمثيلية التوازن والحيدة.
ويتم من خلالها تمرير الشتائم والاتهامات المزورة.
أصبح اللعب على المكشوف، كل شيء باسمه، وتحولت هذه الوسائل إلى وسائل تحريض صريحة وشريرة.
ما يصدر عن وسائل إعلام تركية من تسريبات في واقعة خاشقجي، وما يذاع من وسائل إعلام تحريضية هناك، وما قاله الرئيس التركي مرتين في مؤتمر الحزب الحاكم الأسبوعي، يؤكد أن اللعب أصبح على المكشوف.
قمة هذا اللعب المكشوف، جاءت في المقال الذي كتبه الرئيس أردوغان طواعية، وعلى اسمه الكريم في صفحة الرأي بـ«الواشنطن بوست» منذ 4 أيام، يفضح موقفه ومشاعره ونواياه، ولجوءه إلى سياسة «ملاعبة الرياض» ومحاولة ابتزازها بالتلويح بالتشويه.
هذا أيضاً اللعب على المكشوف.
في إيران -التي تدخل الأسبوع الأول من المرحلة الثانية من العقوبات عليها- تحاول الاستنجاد بالاتحاد الأوروبي وسلطنة عمان؛ لإيقاف العقوبات من ناحية، في الوقت الذي يؤكد فيه لاريجاني في البرلمان أن إيران أقوى من العقوبات.
في الوقت ذاته قدمت واشنطن قائمة مطالب صريحة تمثل شروطها الواضحة لإيقاف العقوبات.
مرة أخرى اللعب على المكشوف.
وفي مصر بدأت مناورات «درع العرب 1» بمشاركة 6 دول عربية ومشاركة دولتين عربيتين بصفة مراقب لمدة أسبوعين، تشترك فيها جميع الأسلحة وآلاف من القوات المقاتلة، في الوقت ذاته الذي بدأت فيه العقوبات على إيران التي كانت دائماً تهدد بتلغيم البحر الأحمر وسد منافذه وممراته.
المناورات والتدريبات لهذه الدول، رسالة واضحة وصريحة أننا على استعداد كامل وجهوزية للدفاع عن مصالحنا.
مرة أخرى اللعب على المكشوف.
نقلا عن "الوطن المصرية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة