إيران وعملية أردوغان بعفرين.. تدخل يُربك حسابات طهران
العملية العسكرية التركية في عفرين تضرب حسابات طهران بسوريا في مقتل
كشف تقرير لـ"معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى" الأمريكي، أن العملية العسكرية التركية "غصن الزيتون" في عفرين السورية، فاقمت من حالة التعقيد السياسي والأمني بالبلد الأخير.
تعقيد بالغ يتسم به المشهد بسوريا، أربك حسابات العديد من الأطراف، وخصوصا إيران التي ترى في التواجد التركي في عفرين إشكالية تعرقل طموحاتها في تأمين ممر يربط بينها وبين البحر الأبيض المتوسط عبر سوريا ولبنان.
وكشف التقرير أن رد الفعل الإيراني الأخير على العملية العسكرية التركية في محافظة عفرين شمال غربي سوريا، سلط الضوء على حالة تحول في الأولويات تشهدها الأزمة السورية منذ بدايتها.
يأتي ذلك رغم العلاقات السياسية الجيدة إن صح القول، التي أظهرتها كل من أنقرة وإيران، سيما فيما يتعلق بالملف الكردي شمالي العراق، أو على مستوى المحادثات السياسية في سوتشي الروسية حول الأزمة السورية.
غير أن كل ما تقدم لا ينفي وجود إشكالية كبيرة تتعلق برؤية الطرفين لطبيعة الصراع المسلح شمالي سوريا.
- بالفيديو.. "مافيا" جديدة في الرقة السورية بنكهة إيرانية
- بالصور.. إيران تبني قاعدة عسكرية جديدة في سوريا
فإيران تنظر إلى العملية العسكرية الجارية حالياً في عفرين، على أنها مصدر تهديد لسياستها في العراق، وهذا ما يفسر قيامها، بمجرد عبور القوات التركية الحدود إلى عفرين، بسحب عدد كبير من القطعات العسكرية التابعة للحشد الشعبي من داخل مدينة الموصل إلى أطرافها.
ومن داخل المدينة العراقية، تم الدفع بتلك القطعات لتأمين الحدود العراقية السورية، ضد أية هجمات محتملة لتنظيم "داعش"، ولسد الفراغ الذي تركته قوات سوريا الديمقراطية هناك، والتي قد تعيد الانتشار غربا باتجاه عفرين.
وفى سوريا، ورغم أن إيران حققت بالفعل هدفها الأساسي عبر المحافظة على بقاء نظام بشار الأسد حتى الآن، إلا أنها ترى أن هزيمة "داعش"، والهجوم المتواصل من قبل قوات النظام على إدلب والغوطة الشرقية، أي على ما تبقى من جيوب المعارضة، ضروريان، معتبرة أن إعادة ترتيب التنظيم لصفوفه أو الفشل في إدلب أو في الغوطة، من شأنه أن يعرض نظام الأسد للخطر.
وفي الوقت نفسه، يكشف التقرير أن إيران تعارض أيضا الوجود التركي في عفرين باعتباره تهديدا طويل الأمد لمستقبل الأسد، خاصة إذا نجحت أنقرة في فتح جبهة جديدة في حلب أو منبج، أو حتى بالضفة الشرقية من نهر الفرات، وفي هذه الحالة يمكن أن تشكل تهديدا للمعاقل الساحلية الشمالية لنظام الأسد، ويمكن أن تعيق حتى التقدم الإيراني نحو البحر المتوسط.
كما تخشى إيران أن تسحب "سوريا الديمقراطية" أغلب قواتها المتواجدة في مناطق شرق نهر الفرات، والدفع بها إلى عفرين لدعم القوات الكردية هناك، ما قد يعرض المليشيات الأفغانية الشيعية المرابطة على الحدود العراقية السورية، وقوات الحشد الشعبي المتمركزة بمناطق جنوب سنجار وربيعة، لهجمات "داعش"، في ظل وجود أكثر من 1500 عنصر تابع للتنظيم بهذه المناطق، وفق تقديرات سابقة.
وفي حال سيطرت القوات التركية و"الجيش السوري الحر" على عفرين، فإن هذه العملية ستقطع الطريق البري الذي فتحته إيران في اتجاه البحر المتوسط.
كما تخشى إيران من أن تؤدي السيطرة على عفرين، إلى قيام الجيش الحر بعمليات عسكرية جديدة لاستعادة مدينة حلب.
ولهذه الأسباب، حاولت إيران أن تضغط على روسيا لمنع تركيا من القيام بالعملية العسكرية، خصوصاً عندما ذهب نائب وزير الخارجية الإيراني إلى موسكو في الوقت الذي بدأت فيه العمليات العسكرية في عفرين، وقدم طلبا لروسيا لمحاولة إقناع تركيا بعدم المضي قدماً في "غصن الزيتون".
فالإشكال بالنسبة لإيران يكمن في فقدانها لأي تأثير على تركيا حين يتعلق الأمر بعفرين، نظرا لعدم وجود جنود إيرانيين متمركزين في عفرين.
التقرير نقل أيضا عن صادق ملكي، الدبلوماسي السابق بالخارجية الإيرانية، قوله في مقال له بأحد المراكز البحثية المحلية، إن طهران هي الخاسر الوحيد في سوريا حالياً.
وأضاف ملكي أن موضوع قيام الدولة الكردية في سوريا، يمثل خطراً لأنقرة وطهران، ولكن ما هو الضامن من ألا تكون تركيا أكثر خطراً من الأكراد على المصالح الإيرانية، وبالتالي فإن على إيران أن تتخذ كافة الوسائل المناسبة لمواجهة تداعيات هذه العمليات العسكرية.