كشف قرار النائب العام الإماراتي المستشار الدكتور حمد الشامسي، بإحالة 84 متهماً إلى محكمة أمن الدولة، في اتهامات مرتبطة بإنشاء تنظيم سري جديد، عن أن تنظيم الإخوان الإرهابي يمارس المراوغة والمناورة.
ولم يكتف تنظيم الإخوان بخيانة الوطن في قضية عام 2013، بل أخفى فصولا أخرى من الخيانة.
فصل جديد من التآمر الإخواني يعكس عدم تعلم الإخوان الدرس من فشل مخططاتهم الدنيئة وإبداء الندم عليها، وليس بغريب فديدن التنظيم الظلامي تزييف الوقائع وإخفاء الحقائق، ودغدغة مشاعر عموم العالم العربي والإسلامي بغطاء الدين.
ولن تفلح محاولات الإخوان لمسايرة عادات وتقاليد وسلوكيات مجتمعاتنا الخليجية بغرض اختراقها، فمجتمع الإمارات بشكل خاص يتميز بعلاقة استثنائية بين القيادة والشعب تضرب بها الأمثال، فالقريب والبعيد يلامس محبة القيادة الإماراتية للشعب الإماراتي، ومحبة الإماراتيين لقيادتهم الرشيدة.
عند مراجعة تجربة جماعة الإخوان في المنطقة العربية، طوال العقود الماضية في مختلف قضايا الإرهاب، سنجد أن كافة أساليب الحوار والمناصحة والعفو لم تجد نفعاً في تغيير المنهج الإخواني، الساعي إلى إبقاء المنطقة في خانة الفوضى والأزمات، لتحقيق أجندات عابرة للحدود، تحقق للتنظيم الإرهابي النفوذ والتكسب الشخصي والسلطة.
لم تكن السنوات العشر الماضية كفيلة بأن يقوم تنظيم الإخوان في الإمارات بمراجعة ذاتية لتصحيح المسار، وإظهار الندم عما تسببوا به من خيانة عظيمة للوطن، بل على النقيض تماماً أظهرت الحقائق إصرار الجماعة الإرهابية على تعطيل نموذج الإمارات الاستثنائي في أكثر مراحله التاريخية نجاحاً، وكما يقول المثل الشعبي: "بوطبيع ما ايوز عن طبعه"، فعقيدة الانتماء للتنظيم مبنية على أساس الولاء للمرشد، وترفض الولاءات الطبيعية المرتبطة بالوطن وقيادته وشعبه وأرضه.
نجحت الأجهزة الأمنية والقضائية الإماراتية في إفشال مخططات التنظيم السري الجديد، بما فيه من ارتباط بالتنظيم السابق، فدولة الإمارات مدركة أن طريق التقدم والتنمية يحتاج الاستقرار، ولا ازدهار بدون أمن، ومنذ تأسيس الاتحاد عام 1971 والإمارات تواجه بشكل مباشر الإرهاب والتطرف عبر أدوات الدبلوماسية الدينية، مثل التسامح والتعايش، والتي كان لها الأثر الكبير في إعلان وثيقة الأخوة الإنسانية، وبناء صرح إنساني عالمي متمثل في بيت العائلة الإبراهيمية، يركز على المشتركات بين الأديان السماوية ويبتعد عن ما تستغله الأجندات المشبوهة من خلافات لإشعال الفوضى، وهي زاوية حركتها الدبلوماسية الإماراتية في مجلس الأمن، وكانت محرك الدعم للقرار 2686 حول "التسامح والسلام والأمن الدوليين"، من منطلق إيمان راسخ بمحاربة أيديولوجية الفكر المتطرف من جذوره بحلول مستدامة.
لقد كان للاستباقية الإماراتية في إدراك خطر الإخوان نتائج مهمة، أسهمت في خفض مخاطر التنظيم الإرهابي على المنطقة، فنقاط المواجهة لم تكن داخل الإمارات وحسب، بل من مصادر الخطر في الشرق الأوسط وأوروبا، لما يشكله التنظيم من تحديات تهدد الأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي.
ولهذا نجد الإعلام الإخواني يروج خطاب المحنة، والتي سيليها حالة تصعيد وصعود للمشهد، فمهما حاول التنظيم تغيير خطابه في أوقات انحساره وممارسة أساليب الخداع، ليتناسب مع الظروف السياسية، لن يتغير فكره الأصلي، فالمؤدلج الذي يلجأ للعنف لتحقيق مساعيه، لا يغير جلده بهذه السهولة! ما يؤكد عدم اختلاف الأسس الفكرية لتنظيم الإخوان الإرهابي عن باقي التنظيمات، بل الفكر الإخواني هو ما أفرز القاعدة وداعش، بهدف مشترك متمثل في خراب الأوطان، وإبقائها في وضعية التراجع.
لم تتعلم الجماعة الإرهابية من فشل تجربة الربيع العربي، حينها صدقتها بعض الشعوب عاطفياً على الأقل، فهل ستصدقها اليوم؟ بعد أن شاهدت نتائج الغدر والخيانة؟ وستفشل محاولات تنشيط التنظيمات السرية كما فشلت مسبقاً، فيقظة الأجهزة الأمنية والقضائية تدرك المصالح السياسية الضيقة التي تستعملها التنظيمات الإرهابية وأبعادها وتوقيتها، ولن تتوانى في مواجهتها بكل حزم، حفاظاً على نهضتنا وتنميتنا ومكتسباتنا، ومجتمعاتنا السمحة المعتدلة، فالشخصية الإماراتية لن تقبل بالفوضى، ولن تكون بيعتها إلا للوطن وقيادته.
مفاهيم الإخوان تتناقض تماماً مع مفهوم الدولة الوطنية الباحثة عن التقدم والازدهار، ومنذ نشأة التنظيم، حاول الإخوان ضرب الدول الوطنية عبر استخدام الدين كوسيلة جذب، مع تشويه التطور الاجتماعي والثقافي، في محاولة لجر الشعوب إلى مستنقع الفوضى، وتعتبر الجماعة مبادئ الدول الحداثية مخالفة للشريعة المصادرة لحساب الإخوان! فمصدر مفهوم الدولة القائم على الخلافة الإسلامية هو تنظيم الإخوان، وهي مفاهيم الجماعة الأم التي خرجت من عباءتها التنظيمات الإرهابية الأخرى.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة