التسامح والحب والإخاء هو نتاج ما غرسه الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في كل الأجيال ويسعى أبناؤه بعده للحفاظ عليه
التسامح في اللغة كما جاء في لسان العرب لابن منظور "سمح - السماح - المسامحة - المساحة - والتسميح، وتعني لغة الجود، وأسمح إذ جاء وأعطى بكرم وسخاء، وأسمح وتسامح وافقني على المطلوب، والمسامحة هي المساهمة".
السماح يعني العطاء والبذل المنقطع النظير الذي لا إجبار فيه ولا واجب، وهو سهولة التعامل وتيسير الأمور بين الأفراد والمجموعات البشرية.
من عاش في الإمارات وتعايش مع هذا الشعب المعطاء يفهم ويعي تماماً لماذا سمي عام 2019 عاماً للتسامح، حيث إن كل الأعوام في الإمارات أعوام تسامح، فالشعب الإماراتي متسامح بطبيعته وعفويته، يكفي أننا نتحدث عن دولة تضم سبع إمارات متسامحة ومتجاورة ومتحدة في كل شيء
وديننا الإسلامي دين سماحة، حثنا على التحلي بالرحمة والأخلاق والقيم الحميدة والتسامح فيما بيننا، وجاءت هذه القيم وغيرها في العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية لتحدثنا عن العفو والصفح ودورهما في حياتنا.
التسامح هو قبول وتقبل اختلاف الآخرين، سواء في الدين أو العرق أو السياسة، وعدم إكراه الغير على التخلي عن معتقداتهم وعقائدهم ودينهم، بل تقبلهم والتعامل معهم بروح سمحة ومتسامحة.
المعاني كثيرة ومتداخلة ومتنوعة، وكل يعرف التسامح حسب منظوره، لكننا جميعا نتفق على أنه قبول الآخرين مهما كانت الاختلافات، والحرص على التعامل بروح سمحة وصافية.
يعد الإنسان المتسامح إنساناً حاملاً لصفات أخلاقية تقترن بردود فعله مع الآخرين، ويكون شخصاً متسامحاً في تصرفاته بشكل كبير وغير عدائي أو عدواني أو انتقامي، ولا توجد لديه خصومات.
ما دفعني للكتابة والتطرق لموضوع التسامح هو إعلان دولة الإمارات العربية المتحدة عام 2019 عاماً للتسامح، حيث سيشهد هذا العام خمسة محاور رئيسية، أولها تعميق قيم التسامح والانفتاح على الثقافات والشعوب في المجتمع من خلال التركيز على قيم التسامح لدى الأجيال الجديدة. وثانيها ترسيخ مكانة دولة الإمارات كعاصمة عالمية للتسامح من خلال مجموعة من المبادرات والمشاريع الكبرى في هذا الإطار، منها المساهمات البحثية والدراسات الاجتماعية والثقافية المتخصصة في مجال التسامح وحوار الثقافات والحضارات. وثالثها التسامح الثقافي من خلال مجموعة من المبادرات المجتمعية والثقافية المختلفة. ورابعها طرح تشريعات وسياسات تهدف إلى مأسسة قيم التسامح الثقافي والديني والاجتماعي. وأخيراً تعزيز خطاب التسامح وتقبل الآخر من خلال مبادرات إعلامية هادفة.
ولم تأت هذه التسمية إلا لترسيخ روح التسامح في كل العالم وليس الإمارات فقط، وتجربتي في العيش على أرض الإمارات بدأت في عام 1990، حضرت إليها ودرست الابتدائية فيها، وما لمسته في تلك الفترة من حب وتسامح ووئام بين النشء الذين كنت بينهم وعايشتهم هو ما تربيت عليه في أرض الإمارات، وشربت من نهل الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان؛ حيث كان ولا يزال يعيش بين أبناء زايد الصغار في العديد من الجنسيات، ومن مختلف الأديان والأعراق، وكنا صغاراً نلعب ونلهو مع بعضنا البعض في المدرسة دون الالتفات لأي شيء وفي أمن وأمان.
وبعد عودتي للإمارات في عام 1998 دخلت جامعة الإمارات العربية المتحدة طالباً، ودرست مع جيل شباب اليوم وأمل المستقبل، وكذلك وجدت ذات الروح والإحساس والتعامل والمحبة والاحترام بين الجميع في الجامعة، فلا توجد فوارق تذكر بين كل الطلاب، فقد درس معنا المسلم والمسيحي، وطلاب من جميع قارات العالم في الصف الدراسي نفسه، وشباب الإمارات يتعاملون معنا بالروح المتسامحة نفسها، كلنا سواسية، وصادف أن درس معنا بعض أبناء شيوخ دولة الإمارات ولم نرَ تكبراً ولا تعالياً ولا تفاخراً، بل كنا نتعامل معهم كزملاء لنا في الجامعة.
من عاش في الإمارات وتعايش مع هذا الشعب المعطاء يفهم ويعي تماماً لماذا سمي عام 2019 عاماً للتسامح؛ حيث إن كل الأعوام في الإمارات أعوام تسامح، فالشعب الإماراتي متسامح بطبيعته وعفويته، يكفي أننا نتحدث عن دولة تضم سبع إمارات متسامحة ومتجاورة ومتحدة في كل شيء، ولولا التسامح السائد فيها لم يكن ليعيش على أرضها أكثر من 200 جنسية في تسامح وتواد، ولولا الأمن والأمان الذي تجده في الإمارات لما عاش الجميع في وئام وتسامح وحب وإخاء، كل ذلك وغيره نتاج ما غرسه الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في كل الأجيال، وهذا ما يسعى أبناؤه من بعده إلى المحافظة عليه وترسيخه لدى كل الشعوب العربية والعالمية ليسود التسامح في العالم ويعيش الجميع في سلام ووئام.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة