الحكمة والرشادة وبُعد النظر والدقة والصواب في اتخاذ القرار، هي سمات وخصائص القيادة الرشيدة المخلصة منذ أيام زايد الخير إلى يومنا هذا.
لا يمکن لأي عملية تقدم وتطور حضاري وثقافي متعدد الجوانب لأي بلد صغير كان أو كبير أن تتم من دون أن يکون لها أسس ومقومات ورکائز وقفت وتقف عليها، وبمراجعة التاريخ والنظر إلى الطرق والأساليب التي اتبعتها العديد من البلدان في سبيل تحقيق تقدمها وتطورها، فإننا نرى أن هناك عدة أسباب من أهمها وجود قيادة وطنية مخلصة وأمينة لشعبها وامتلاکها نهجا ورؤية صائبة وسديدة من أجل البناء والإعمار والتأسيس لمستقبل زاهر يبشر بالخير للأجيال القادمة، وأن دولة الإمارات العربية المتحدة، واحدة من تلك الدول التي يشار إليها بالبنان ليس على المستوى العربي فقط وإنما الإقليمي والعالمي.
الدرس الکبير الذي يجب على الدول العربية عامة الاستفادة منه، يتمثل في التجربة الإماراتية الکبيرة في مضمار نشر وترسيخ ثقافة الاعتدال والتسامح، لأنها ضرورية جداً، فهذه الثقافة هي مفتاح وکلمة سر الأمن والاستقرار والتقدم والتطور والازدهار
وما حققته دولة الإمارات العربية المتحدة من تقدم غير عادي ومميز في مختلف مجالات الحياة منذ اتحادها في الثاني من ديسمبر عام 1971، أي قبل 47 عاماً، أشبه ما يکون بمعجزة، ذلك أن التقدم والتطور يمکن لمسه بوضوح في کل المجالات، وأن الرفاه المعيشي والتطور العلمي وصل إلى الفضاء، مضافاً إليه الأمن والاستقرار الذي ينعم به الشعب الإماراتي، كما لا يمکن التغاضي أبداً عن الدور الأساسي والرائد للشخص الذي بنى الإمارات والراعي والمخطط لضمان تقدمها وتطورها المغفور له حكيم العرب الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته وجزاه الله عن الإنسانية جمعاء خيراً، وحقاً إنه يستحق أن يطلق عليه «حكيم العرب زايد الخير»، لأن الحكمة والخير قد اقترنا باسمه، وابتداء من عهده عمّ الخير والإنسانية دولة الإمارات.
الحکمة والرشادة وبُعد النظر والدقة والصواب في اتخاذ القرار، هي سمات وخصائص القيادة الرشيدة المخلصة منذ أيام زايد الخير إلى يومنا هذا في عهد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد رئيس الدولة ونائبه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد وولي العهد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، حفظهم الله، وإن أهم شيء يلفت النظر ويؤکد بُعد النظر للقيادة الإماراتية في العمل من أجل ضمان الأمن والاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي، قد تجلى في دورها المشهود له بالعمل على نشر وترسيخ قيم ومبادئ وأفکار ثقافة الاعتدال والتسامح والتعددية وقبول الآخر، وما يجب التأكيد عليه هنا أن سعي القيادة الإماراتية الحکيمة من أجل نشر وترسيخ هکذا مفهوم وثقافة إنما کان من أجل تحقيق أکثر من هدف، نلخص أهمها:
ـ لقد نجحت دولة الإمارات من خلال نشر وترسيخ قيم وأفکار ثقافة الاعتدال والتسامح في إعطاء الانطباع والصورة الحقيقية عن الإسلام کما کان وکما هو من دون أي شيء آخر.
ـ والإمارات من خلال إرساء قيم ثقافة الاعتدال والتسامح، مهدت الأرضية والمناخ المناسبين لدورها الحضاري والإنساني على المستوى الدولي وإن صيرورة دولة الإمارات إلى مرکز قوة سياسية واقتصادية يعتد بها على المستوى الدولي، إنما هو تأکيد وتجسيد لذلك.
ـ من خلال نشر وترسيخ ثقافة الاعتدال والتسامح أصبح الشعب الإماراتي من الشعوب النموذجية على الأصعدة العربية والإسلامية والعالمية، فهو يتحلى بروح انفتاح حضاري مستمد من روح وأصالة الإسلام الذي آمن به آباؤنا وأجدادنا.
الدرس الکبير الذي يجب على الدول العربية عامة الاستفادة منه، يتمثل في التجربة الإماراتية الکبيرة في مضمار نشر وترسيخ ثقافة الاعتدال والتسامح، لأنها ضرورية جداً، فهذه الثقافة هي مفتاح وکلمة سر الأمن والاستقرار والتقدم والتطور والازدهار، ومن دون أمن واستقرار لا يمکن أبداً التأسيس لبنى تحتية ودعائم قوية للاقتصاد، ولعل القرآن الکريم ومن خلال سورة «إيلاف» قد أکد ذلك، حيث قال سبحانه وتعالى: «لإيلاف قريش، إيلا فهم رحلة الشتاء والصيف، فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف»، فالترابط بين الأمن والحياة ملزم وضروري ولا مناص منه أبداً، وهذا ما قد فعلته التجربة الإماراتية بکل وضوح.
والإمارات بما قامت وتقوم به من تأدية رسالتها الحضارية المفعمة بقيم السلام والمحبة والتسامح والتواصل والتعايش الإنساني بين الأمم، المستنبطة والمستمدة أساساً من الإسلام الحنيف وقيمه النبيلة المعطاءة، أغدق الله تعالى عليها بالخير والبرکة من کل جانب، لأنها لم تنس دينها ولم تهمل دنياها، وإن فتحها لأبوابها وتأمين منابر ومراكز ومؤسسات للمعتدلين الوسطيين، بهدف نشر ثقافة الاعتدال والتسامح والتعددية والحوار وقبول الآخر وتصويب الانحراف، جعل منها مرکزاً وملتقى رئيسياً کبيراً لالتقاء دعاة ثقافة التسامح والاعتدال وقبول الآخر، وهو ما يبشر بالخير على الأمة الإسلامية عموماً، وعلى أمتنا العربية ووطننا العربي خصوصاً، ذلك أن هذا النهج الذي تعمل عليه هذه الدولة الرشيدة إنما يهدف إلى جعل ثقافة التسامح والاعتدال وقبول الآخر أمراً واقعاً يفرض نفسه على واقع الحياة کما فعل منذ مئات السنين.
إن دعم دولة الإمارات لنشر هکذا ثقافة لم يکن مجرد تنظير أو خطب رنانة، بل هو متجسد على أرض الواقع، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإنها قامت بدعم وتأسيس:
1ـ «منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة».. الذي يهدف إلى التدخل في مناطق التوتر في المجتمعات الإسلامية والإنسانية، لإصدار منتجات علمية وفكرية لتصحيح المفاهيم وتأصيل قيم السلم.
2ـ «مجلس حكماء المسلمين»، هو هيئة دولية مستقلة تضم عدداً من كبار علماء المسلمين حول العالم ممن يوصفون بالوسطية، يهدف إلى تحقيق السلم والتعايش في العالم الإسلامي، ومحاربة الطائفية.
3ـ «المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة»، والذي يهدف بدوره إلى نشر ثقافة السلم والتسامح واللاعنف لتحقيق الأمن المجتمعي وتعزيز قيم الاعتدال والحوار والتسامح والانتماء للوطن ونشرها مع نبذ التعصب الديني والكراهية للآخر.
4-«مركز صواب» من أجل مكافحة التطرف وتصويب الأفكار الخاطئة ووضعها في منظورها الصحيح.
کل ما ذکرناه إنما هو غيض من فيض لهذه الدولة المدنية الرشيدة، التي صارت مثلاً ونموذجاً لدول المنطقة والعالم من أجل الاستلهام والاستفادة من تجربتها التسامحية التعددية الإنسانية المعطاءة، وتحقيق الأمن والرفاه للشعوب على الأسس والمبادئ الصحيحة. ونختم مقالنا بتقديم التهاني والتبريك للقيادة الرشيدة الحكيمة وللشعب العزيز بدولة الإمارات العربية المتحدة بمناسبة يوم الإمارات الوطني الـ47، سائلين المولى عز وجل أن يحفظها ويحميها ويديم عليها نعمة الأمن والأمان والاستقرار ونراها بأفضل الدرجات والتقدم والتوفيق لكل خير وكل عام والإمارات وقيادتها العزيزة وشعبها الكريم بخير وعافية.
نقلا عن "الاتحاد"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة