ليبيا وخارطة الطريق.. هل تسحب وليامز الأرنب من القبعة؟
بات الحديث عن حل للانسداد السياسي في ليبيا، كمن يستحضر الحيلة التي يقوم بها الساحر بسحب الأرنب بطريقة غامضة من القبعة.. فهل ستفعلها المبعوثة الأممية؟
فالمبعوثة الأممية إلى ليبيا ستيفاني ويليامز عقدت، مساء الأحد، لقاءين، أولهما مع السفير الجزائري بليبيا سليمان شنين، لمناقشة التطورات الأخيرة في هذا البلد، والتأكيد على الدور المهم لجيرانه في دعم مسارات الحوار الداخلي.
إلا أن لقاء ثانيًا جمع المبعوثة الأممية بالكتلة النسائية بملتقى الحوار السياسي الليبي، كان محط الأنظار لاعتبارات عدة، أولها أنه بمثابة إعادة إحياء للملتقى الذي فشل في التوافق على القاعدة الدستورية.
لقاء هو الأول بعد رفض متكرر من البعثة الأممية لعقده، فيما الاعتبار الثاني تمثل في تصريح مثير للجدل لويليامز، أشارت فيه إلى الجدول الزمني المنصوص عليه في خارطة طريق ملتقى الحوار السياسي الذي يمتد حتى يونيو/حزيران من هذا العام.
أجل محدد
وفيما أكدت ويليامز، ضرورة احترام إرادة 2.5 مليون ليبي استلموا بطاقاتهم الانتخابية، دعت إلى بذل جهود عاجلة وجادة لمعالجة أزمة الشرعية التي تواجه المؤسسات الوطنية.
وتكهن مراقبون بأن المبعوثة الأممية تتحدث عن أجل محدد للانتخابات المقبلة، في يونيو/حزيران المقبل، إلا أنهم اختلفوا في نوعية الاستحقاق الدستوري المقبل، وما إذا كانت الانتخابات الرئاسية ستجرى أولا أم البرلمانية.
إلى ذلك يقول المحلل السياسي الليبي حسين المسلاتي، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "الأمم المتحدة لا تزال تصر على أن يونيو/حزيران المقبل هو الموعد الأقصى لتنفيذ خارطة الطريق، إلا أنها ستصطدم بضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية أولا ثم البرلمانية، وهو غير المطروح حاليا على الساحة".
وأوضح المحلل الليبي أن "هناك خارطة طريق يطرحها تيار الإسلام السياسي، وهي استمرار حكومة تصريف الأعمال برئاسة عبدالحميد الدبيبة حتى إجراء الانتخابات البرلمانية في يونيو، والتي سيكلف بموجبها البرلمان المقبل حكومة جديدة، ثم تشكيل لجنة لتصحيح وترميم الدستور وحلحلة المواد الخلافية فيه، والذهاب إلى الانتخابات الرئاسية في 2023".
مستدركا بالقول إن "هذا التصور يلقى رفضا كبيرا من التيارات الوطنية، التي تريد إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة".
تصورات لخارطة طريق
وأشار المسلاتي إلى أن هناك تصورا ثانيا يتمثل في الإبقاء على مجلس النواب الحالي، وتشكيل حكومة جديدة تهيئ الأجواء لانتخابات خلال عام، مع استكمال المسار الدستوري، إلا أنه وصف ذلك المسار بـ"الصعب"، لأن الوصول لتوافق حول الدستور والاستفتاء عليه في عام يواجه الكثير من الصعوبات والتحديات.
تصور ثالث تحدث عنه المسلاتي، موضحا أنه يتمثل في الذهاب إلى تعديل القوانين الحالية، وإجراء انتخابات في يونيو، إلا أنه قال إنه "صعب" التحقيق "لأنه يتطلب رفع القوة القاهرة وهو أمر غير متيسر، كون المليشيات المسلحة تعارض بعض المرشحين للرئاسة".
وحول إعادة الحياة مجددا في ملتقى الحوار، لفت إلى أنه لم يتم تبني أي خيار استراتيجي من حيث إعادة عقد جلسات ملتقى الحوار باعتباره جسما منتهيا، مشيرا إلى أن المبعوثة الأممية ستيفاني ويليامز حاولت عقد جلسة افتراضية للحوار لكن لم يكتب لها النجاح، فالتقت الكتلة النسائية.
مشاورات أممية
واعتبر المحلل الليبي لقاء المبعوثة الأممية الكتلة النسائية، أنه يأتي في إطار التداولات والمشاورات التي تجريها، ولبحث آفاق حل هذه الأزمة والاستماع إلى جميع الأطراف، للتوافق على المحددات التي تمكن من المضي لحل الأزمة الليبية المعقدة.
من جانبه، قال المحلل الليبي خالد الترجمان، لـ"العين الإخبارية"، إن الانتخابات قد يتم تأجيلها إلى يونيو المقبل، إلا أن خريطة الطريق التي تشير إليها وليامز هي خارطة جنيف التي كانت ستنتهي في الشهر نفسه، باستلام الأجسام الجديدة التي يفترض أن تكون شُكلت حال إجراء الانتخابات في 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وأوضح الترجمان أن ما حدث من تأجيلٍ قد نسف خريطة الطريق برمتها، ولم يعد هناك مجال لاستئناف تنفيذها إلا بخريطة أخرى يرضى عنها المتصارعون على السلطة.
خطوة ميتة
واعتبر المحلل الليبي محاولة ويليامز لإعادة ملتقى الحوار ثانية خطوة تحاول من خلالها الأخيرة "إثبات أنها ما زالت تستطيع جمع عدد من الليبيين الذين لديهم الطموح في الظهور السياسي"، حسب وصفه.
وأضاف أنه "خطوة ولدت ميتة، في ضوء اللقاءات والتقارب بين الليبيين أنفسهم بلا وسطاء، أبرزها اللقاء الذي جمع القائد العام للجيش خليفة حفتر ووزير الداخلية السابق فتحي باشاغا، في ديسمبر/كانون الأول المنصرم، ولقاء رئيس البرلمان عقيلة صالح ورئيس ما يعرف بـ"الأعلى للدولة" خالد المشري في يناير/كانون الثاني الجاري".
بدوره، رأى المحلل السياسي الليبي أحمد المهدوي، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن المبعوثة الأممية "تبحث عن خارطة طريق جديدة، لأنها أيقنت أنه لا مجال للذهاب لانتخابات برلمانية ورئاسية في الوقت الراهن، معللة هذا التأجيل بسبب عدم وجود دستور ينظم العملية".
ولفت المهدوي إلى أن "البعثة الأممية لم تسع منذ البداية لإيجاد حل حقيقي للأزمة الليبية، وإنما كانت تقوم بإدارة هذه الأزمة، وفق مصالح دول نافذة في الأمم المتحدة"، حسب قوله.
وكان من المقرر إجراء أول انتخابات رئاسية في ليبيا منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي عام 2011 في 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وسط آمال في توحيد الدولة الواقعة في شمال أفريقيا التي مزقتها الحرب بعد سنوات من الاضطرابات المريرة.
لكن وقبل يومين فقط من موعد بدء الانتخابات التي ترعاها الأمم المتحدة، تم تأجيل التصويت وسط عقبات لوجستية وجدل قانوني مستمر حول قواعد الانتخابات ومن يُسمح له بالترشح.
ومع دخول اليوم العاشر من السنة الجديدة ليس من الواضح ما إذا كانت الانتخابات ستجرى في يونيو المقبل أم لا، وسط مخاوف من احتمال انهيار السلام الهش في البلاد إذا لم يتم حل الخلافات بشأن الانتخابات بسرعة.
aXA6IDMuMTQuMjUxLjEwMyA= جزيرة ام اند امز