سوق العمل الأمريكي.. وظائف متقلبة وبطالة عند أعلى مستوى منذ 2021
أعلنت الحكومة الأمريكية، في تقارير صدرت متأخرة، زيادة صافية في عدد الوظائف خلال نوفمبر/تشرين الثاني بلغت 64 ألف وظيفة، وذلك بعد خسارة 105 آلاف وظيفة في أكتوبر/تشرين الأول.
وقالت وكالة (ِAP) إن هذا التطور يعكس حالة من الاضطراب في سوق العمل عقب استقالة أعداد كبيرة من الموظفين الفيدراليين نتيجة التخفيضات التي نفذتها إدارة الرئيس دونالد ترامب.
وبالتوازي مع ذلك، ارتفع معدل البطالة إلى 4.6%، ليسجل أعلى مستوى له منذ عام 2021، في إشارة إلى تراجع الزخم الذي شهده سوق العمل الأمريكي خلال السنوات الماضية.
وجاء نشر أرقام الوظائف الجديدة لشهري أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني، الصادرة عن وزارة العمل الأمريكية، متأخرا، حيث أعلنتها الوزارة يوم الثلاثاء، بعد إغلاق الحكومة الفيدرالية لمدة 43 يوما، وهو ما أدى إلى تعطل صدور البيانات في مواعيدها الرسمية.
وتجاوزت الزيادة في وظائف نوفمبر توقعات الاقتصاديين، التي كانت تشير إلى إضافة 40 ألف وظيفة فقط. في المقابل، عزيت خسائر الوظائف في أكتوبر/تشرين الأول بشكل رئيسي إلى انخفاض عدد الموظفين الفيدراليين بمقدار 162 ألف موظف، استقال عدد كبير منهم مع نهاية السنة المالية 2025 في 30 سبتمبر/أيلول، تحت ضغط حملة قادها الملياردير إيلون ماسك لتقليص رواتب العاملين في الحكومة الأمريكية.
كما أدت مراجعات وزارة العمل إلى حذف 33 ألف وظيفة من قوائم الرواتب لشهري أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول، ما أضاف مزيدا من الغموض إلى الصورة الحقيقية لسوق العمل خلال تلك الفترة.
وتشير المؤشرات العامة إلى أن وتيرة التوظيف فقدت جزءا كبيرا من زخمها، متأثرة بحالة عدم اليقين المرتبطة بالتعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب، إلى جانب الآثار المتراكمة لأسعار الفائدة المرتفعة التي أقرها مجلس الاحتياطي الفيدرالي خلال عامي 2022 و2023 في إطار جهوده لكبح موجة التضخم.
وفي هذا السياق، تُبقي الشركات الأمريكية في الغالب على موظفيها الحاليين، لكنها تبدي ترددا واضحا في تعيين موظفين جدد، في ظل محاولاتها تقييم كيفية توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي داخل أعمالها، والتكيف مع سياسات اقتصادية وتجارية غير متوقعة، لا سيما ما يتعلق بالضرائب المرتفعة على الواردات من مختلف أنحاء العالم.
وقد أدى هذا الغموض المتزايد إلى صعوبات متزايدة يواجهها الباحثون عن عمل، سواء في العثور على وظائف مناسبة أو حتى في الحصول على مقابلات توظيف. وفي الوقت ذاته، ينقسم صناع السياسة النقدية داخل مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن ما إذا كان سوق العمل يحتاج إلى دعم إضافي عبر خفض أسعار الفائدة. وتزداد هذه المداولات تعقيدًا بفعل تأخر البيانات الرسمية وعدم اكتمالها نتيجة الإغلاق الحكومي الذي استمر 43 يوما.
ورغم أن معدل البطالة لا يزال منخفضا نسبيا وفق المعايير التاريخية، فإنه واصل الارتفاع منذ أن بلغ أدنى مستوى له في 54 عاما عند 3.4% في أبريل/نيسان 2023، ما يعكس تحولا تدريجيا في اتجاه سوق العمل.
وتتفاقم حالة عدم اليقين مع التوسع المتسارع في استخدام الذكاء الاصطناعي وتقنيات الأتمتة، وهي عوامل يُتوقع أن تُقلل الطلب على العمالة في عدد من القطاعات خلال السنوات المقبلة.
وفي هذا الإطار، قال مات هوبي، نائب رئيس شركة التوظيف "هيلث سكيل" في مدينة ألينتاون بولاية بنسلفانيا: "لاحظنا أن العديد من الشركات التي ندعمها عالقة في حالة من الركود، وتتساءل: هل نوظف أم لا؟ وما الذي يمكننا أتمتته؟ وما المجالات التي لا تزال بحاجة إلى العنصر البشري؟".
وأضاف: "نحن نعمل في وادي ليهاي، وهو مركز نقل رئيسي في شرق بنسلفانيا، وقد رصدنا تباطؤا في أسواق الخدمات اللوجستية والنقل، لا سيما نتيجة الانتشار المتزايد للأتمتة والروبوتات في هذه القطاعات".
وكانت المخاوف المتزايدة بشأن أوضاع سوق العمل كافية لدفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي، الأسبوع الماضي، إلى خفض سعر الفائدة الرئيسي بمقدار ربع نقطة مئوية، وذلك للمرة الثالثة خلال العام الجاري.
غير أن هذه الخطوة واجهت معارضة غير مسبوقة نسبيًا، إذ رفض ثلاثة مسؤولين في الاحتياطي الفيدرالي الموافقة على القرار، وهو أكبر عدد من الاعتراضات خلال ست سنوات. ويعارض بعض مسؤولي البنك المركزي إجراء مزيد من التخفيضات في ظل استمرار التضخم فوق الهدف البالغ 2%.
وصوّت اثنان من هؤلاء المسؤولين لصالح الإبقاء على سعر الفائدة دون تغيير، بينما صوّت ستيفن ميران، الذي عيّنه الرئيس ترامب في مجلس إدارة الاحتياطي الفيدرالي في سبتمبر/أيلول، لصالح خفض أكبر للفائدة، بما يتماشى مع مطالب الرئيس السابق.
وبسبب إغلاق الحكومة الفيدرالية، لم تُصدر وزارة العمل تقارير الوظائف لأشهر سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني في مواعيدها المحددة. فقد نشر تقرير سبتمبر/أيلول في 20 نوفمبر/تشرين الثاني، أي بعد سبعة أسابيع من الموعد الأصلي.
كما أُدرجت بعض بيانات أكتوبر/تشرين الأول -بما في ذلك عدد الوظائف التي استحدثتها الشركات والمنظمات غير الربحية والهيئات الحكومية- ضمن تقرير نوفمبر الصادر يوم الثلاثاء، في حين لم يُنشر معدل البطالة لشهر أكتوبر/تشرين الأول لعدم تمكن الوزارة من احتسابه خلال فترة الإغلاق.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAzIA== جزيرة ام اند امز