"بضائع رخيصة".. حلم فنزويلي يتحول إلى كابوس
يحلم فنزويليون كثيرون بالهروب من الأزمة المستفحلة في بلادهم، من خلال خوض الرحلة الشاقة للانتقال إلى جزر ترينيداد وتوباجو المجاورة.
وتشكّل الرغبة في شراء سلع بأسعار زهيدة الدافع الأول لدى البعض الآخر حتى لو كلفهم ذلك حياتهم أحيانا.
وقضى أكثر من 100 مهاجر نحبهم منذ 2018 لدى محاولة الانتقال إلى ترينيداد، إحدى جزيرتي هذا البلد البالغ عدد سكانه 1.3 مليون نسمة والواقع قبالة سواحل فنزويلا الشمالية الشرقية.
مواد غذائية
ومن بين الأشخاص الثلاثين الذين قضوا نحبهم في آخر حادثة غرق في ديسمبر/كانون الأول الماضي، كان بعض الركاب يريدون فقط شراء مواد غذائية تحضيرا لعيد الميلاد واحتفالات رأس السنة.
ووقعت الحادثة داخل قارب يتسع لثمانية أشخاص لكنه كان يضم على متنه 41 شخصا في مدينة غويريا التي يقطنها حوالى 40 ألف نسمة.. حيث تُسجل باستمرار محاولات لتهريب أشخاص إلى ترينيداد الواقعة على بعد حوالى 80 كيلومترا.
ويروي خوليو بوتيا وهو ميكانيكي سفن في سن 51 عاما فقد 2 من أقاربه في الحادثة "لقد ذهبا لشراء الطعام لأعياد نهاية العام".
وتابع: قد سُحبت جثتيهما بعد بلاغ من صيادين إثر العثور على أولى الجثث.
وقال بوتيا لوكالة فرانس برس "كانا ينويان إرسال الطعام داخل سفن تنقل طرودا، وكانا يريدان شراء 10 أكياس دقيق وخمسة أكياس أرزّ وثلاث إلى أربع عبوات زيت وأربعة أو خمسة أقفاص من الدجاج".
وتابع:" الأسعار هناك أرخص حتى مع احتساب ثمن التنقل كما أن الطعام هناك أفضل جودة".
تضخم قياسي غير
ويصيب التضخم المتفلت، والذي بلغت نسبته 4 آلاف خلال عام في هذا البلد الأمريكي اللاتيني، بصورة أشد وطأة المدن المعزولة في جويريا الواقعة على بعد 650 كيلومترا من كراكاس.
ويؤدي تردي الحال في شبكة الطرق والنقص المزمن في الوقود والفساد المستشري في البلاد، إلى ارتفاع كبير في أسعار المنتجات الواردة من العاصمة أو المدن الكبرى الأخرى، وفق تجار محليين.
ويؤكد بوتيا:"أنظروا إلى جيدا. كنت أزن 117 كيلوغراما قبل عامين، أما اليوم فلا يتخطى وزني 72 كيلوغراما. الجوع يفتك بنا. هذه المدينة استحالت جحيما".
وأوضح كيفن (37 عاما) الذي يستأجر مساحة صغيرة للبيع في سوق محلية بسبب عدم قدرته على فتح متجر خاص أن "شراء منتجات من ترينيداد بدل فنزويلا مربح أكثر لتجار كثر فى غويريا".
جحيم
على مدى عقود، كان سكان ترينيداد يترددون إلى هذه المدينة الساحلية المزدهرة سابقا للتنزه أو شراء حاجياتهم.
لكن الآية انعكست اليوم وبات الفنزويليون يقصدون البلد المجاور للهجرة أو التبضع بأسعار زهيدة.
وقالت فنزويلية مقيمة في المنطقة لوكالة فرانس برس طالبة عدم كشف اسمها إن سكانا من ترينيداد كانوا يصلون إلى المدينة "على سفينة كبيرة" و"كانوا يشترون الطعام ومواد تنظيف وألبسة، كانوا يتبضعون كل شيء في جويريا".
أما اليوم فقد توقفت حركة سفن الركاب وبات الفنزويليون هم الذين يخوضون البحر لشراء منتجات بغية إعادة بيعها أو للاستهلاك الشخصي.
وأوضح كيفن حاملا فاتورة بيده إلى أن قفص الدجاج بزنة 15 كيلوجراما يكلّف 15 دولارا في ترينيداد، "ما يعني أن الكيلوجرام الواحد يكلّف دولارا فيما يصل سعره في فنزويلا إلى 2.1 دولار".
وأضاف "كيس البصل يكلفني 50 دولارا في كراكاس فيما يمكن بهذا المبلغ شراء أربعة أكياس في ترينيداد".
غير أن حركة الفنزويليين إلى البلد المجاور تراجعت بسبب القيود المفروضة لمكافحة جائحة كوفيد-19، كما جرى تعزيز المراقبة منذ حادثة الغرق الأخيرة.
ويأسف خوليو بوتيا "للوضع المتردي" الذي يدفع العديد من سكان فنزويلا البالغ عدد سكانها 28 مليون نسمة إلى الهجرة"، مشيرا إلي أن ابنه هو من بين 25 ألف فنزويلي فروا إلى ترينيداد وتوباجغو، كما أن أفرادا في عائلته باتوا موزعين على بلدان أخرى بعدما غادروا في أحيان كثيرة بصورة "غير قانونية".
وبحسب الأمم المتحدة، غادر أكثر من 5 ملايين فنزويلي البلاد منذ 2015 بسبب الأزمة السياسية والاقتصادية الخطيرة.
aXA6IDEzLjU4LjE4LjEzNSA= جزيرة ام اند امز